في أحد الرحلات العلاجية لأمي بصحبة الوالد رحمهما الله رحمة واسعة وأموات المسلمين ، كانت رحلة ليست كالبقية أبداً ، حيث كانت بالرغم من الألم الذي يعتصرنا في كل لحظة ، ألا أن الله قيض لنا صحبة من نفس الدولة كانوا أخوة وأكثر من ذلك الوصف بكثير ، تكاد لا تصدق ما يبذلونه لنا من ملازمة ليل نهار ، وخدمات كـأنك بين أهلك لا تفتقد شيء !!.
حتى في الفحوص الدقيقة والعمليات كانت ملازمتهم لنا ملازمة الأخ الشقيق لأخيه ، بل ويتسارعون للأطباء ليحملوا لنا رسائل الاطمئنان ، حتى في اللحظات التي تخيب الآمال إلا منه ، يصرون على حمل البشرى في ثنايا كلماتهم ، وأنه لازال أمل بالرغم من كل شيء!!.
وفي الأوقات التي يتعذر مجيء أحدهم يرسلون أبناؤهم ، ويتواصلون بالهاتف من السابعة صباحاً وحتى الثانية عشر ليلا ، وأحيانا يرسلون أسرهم ليقضوا ساعات من الليل ، كل ذلك زهاء شهرين متواصلين ..
بل الأعجب من ذلك أعينهم تفيض دمعا حين تصل حالة أمي حرجا ، وكأنها قطعة من كيانهم الأسري ، بل أعظم !! ، كنت أتساءل لوفائهم النادر ؟؟ بالرغم من تعدد ديانتهم ، ألا أنك تجد أمرأ عجباً ، يوسعونك حبأ ولطفا ، وتعاطف قلما تجد له نظير !! ، أنه بحق وفاء من الطراز الأول .
كنت أتحسس باستجابة دعواتهم لنا ، وهم في بعض المواقف يتوارون عن الأعين ، وأيديهم بالدعاء مرفوعة متضرعة ، رجاء من عنده لعودة العافية يقطعون في ذلكشوطاً من الزمان وأعينهم تذرف دمعا بلا انقطاع !!
كنت أقرأ كثير عن الأصدقاء ولحمة الأخوة بينهم ، وأشاهد قصص وعبر وحكايات عن ذلك كثير ، لكن أن تجد نسيج من الحب موشى بالوفاء هكذا ، لله درهم ، ودر صفاء ونقاء دواخلهم .
حتى بعد رجوعنا كانت اتصالاتهم مستمرة ، وكنت أقص على اخوتي شيئا بل طرف من انسانيتهم العالية ، وكيف الله بعثهم لنا كسلوى في وقت يجتمع في الألم والأمل معا ، كأن ذلك طيف من حلم كبير .
ما اعظم الوفاء والأوفياء ، كيف يصنعون لك من السواد جناح أبيض من السلام ، كيف يبتكرون لحظات حلوة لكي لا يحزن قلبك ، وكيف يمدونك بالتفاؤل ، وفي وقت يشح فيه عن نفسه ، أنهم هبة ربانية ، ونوالا من الرحمة يكرمك الله بهم حباً منه سبحانه ، وتلطفا .
أن ترزق بصديق وفيٌ ، فأنت من الأثرياء ، لأنك ستجد قلبا مخلصا صادقاً ، يتودد لك ، دون طلب أو مصلحة أو غير ذلك ، وفي الحقيقة أنه رزق ربك لك ، فلا تفرط به أبدا تماما كوفاء أبي الصديق للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام .
تذكرت في هذا السياق أبيات يرددها بعضهم عن وفاء الأصدقاء ؛
بعض الصداقة نخلة كل موسم تجدد رطبها .. وبعض الصداقة حدها ضحكة الناب يضيع وقت الشدايد نسبها
اللهم ومن نحب اجعلنا من ارباب الصنف الاول ،، اوفياء نبلاء سامية خصالنا .. آمين .
التعليقات 2
2 pings
نورة يوسف البوخديم
31/07/2019 في 1:20 ص[3] رابط التعليق
جزاهم الله خبر الجزاء
من يتعامل معك أستاذتنا الغالية ويرى رقى تعاملك وكلماتك العذبة بالذكر والدعاء وأبتسامتك اللطيفة تأبى نفسه إلا أن يقدم لك مايستطيع من حب ووفاء ??
رحم الله والديك اللذين أحسنوا تربيتكم ?
أم عبدالله
31/07/2019 في 3:49 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع وأسلوب أروع
ماشاء الله عليها
عيشتني معها كل لحظة
الله يغفر لوالديها ويرحمهما