لا شك ان أدوات التواصل الاجتماعي أصبحت من يومياتنا الأساسية بل اقول هي في كل ساعات يومنا التي لا نفارقها، وبالخصوص إذا تحدثنا عن تطبيق الواتس اب الذي أصبح الرقم الاول معنا في كل تفاصيل حياتنا، ولربما نافسنا حتى على السرير الذي هو مخدع خاص.
ولقد اختلف قومي في الحديث عن هذا الجليس الذي اخترق كل الخصوصيات فمنهم مُطبل و مُفرط في الحب الى حد العشق الجنوني و منهم من اعتبره بركان يقذف بالحمم في اجهزتنا الذكية التي حملناها بالأكف ليلا و نهارا.
ما يهمني هنا طرح هذا النقاش: هل نعرف آداب هذا الجليس وحدود الاخلاق معه؟
وهل تنطبق عليه احكام المجالس؟
من اختيار الجَالِس والمُجَالِس ….
ان يكون المجلس عامراً بالكلام الطيب …..
الاستفادة من اهل الفضل من هم في المجلس ….
احترام الكبير وتوقيره ….
الحذر من إيذاء الناس …..
الحذر من تتبع عورات الناس …. والقائمة تطول ……..
فحاولت القراءة والتزود في هذا الموضوع الشائك، لأجد اغلب من كتب عنه كان يحذر من ارهاصات هذا الجليس، ومخاطره، وليس من باب التخويف والتهويل بل هو دور كل كاتب او مفكر أن يقدم أفكاره الإصلاحية من اجل التغيير إلى الأفضل، وأن اشتهر بين الناس أن تكره المُصلح وتحب الصالح.
• و أبدأ مشاوري معكم بتحقيق أجرته صحيفة جهينة الإخبارية تحت عنوان ” قروبات «الواتس آب» فراق للأحبة و«غادر فلان» تستشري فيها”، تحقيق جمال الناصر – تغريد آل إخوان – بتاريخ 18 / 5 / 2016م –
ففي هذا التحقيق رأت جهينة «المجموعات» في برنامج «الواتس اب»، ساهمت في سرعة التواصل بين الأهل والأصدقاء، وتبادل الأخبار والثقافة، وما سواها، لكنها احتوت الكثير من السلبيات لنرى بين الفينة والأخرى تستشري «غادر فلان المجموعة» فيها. انتهى كلام جهينة.
• وكتب الأستاذ عبداللطيف الملحم موضوعا في جريدة اليوم بتاريخ ١٢ / ٠١ / ٢٠١٥م و عنونه ” قروبات «الواتس اب» وتنافر الأصحاب”
أبدى الأستاذ الملحم تحفظا شديدا على ما يدور في مجموعات الواتس اب و أجاب على بعض الأسئلة التي كانت اجابته دائما بالنفي ( لا …) نأخذ مثالا منها “…. فهل قام نظام الواتس اب بعمله كجامع للأصحاب والأقارب؟ في الحقيقة لا أعتقد.” انتهى كلام الملحم.
و في اخر المقال طرح الملحم سؤالا مهما جدا فقال: “ولكن هل موضوع الإختلاف في الواتس اب يجب أن ننتبه له ونأخذه بمحمل الجد؟ الجواب نعم.” . انتهى كلام الملحم.
لقد ختم الملحم مقالة بـ”نعم” و على كل مستخدم للواتساب أن يفكر في الإجابة بمحمل الجد.
• اما غزيل العتيبي أجرى تحقيقا في جريدة الرياض بتاريخ 10/10 /2015م بعنوان: “قروبات الواتس اب تكشف مستوى الحوار في المجتمع”
أجمل ما في هذا التحقيق التوصيات التي أوردها د. حسين الحكمي من جامعة الملك سعود على ضرورة وضع ضوابط عامة يتفق عليها أعضاء المجموعة بحيث يلتزمون بها ولا يخالفونها لضمان استمرارية المجموعة وبقاء أعضائها وفاعليتهم، موضحاً أن حكمة مدير المجموعة تساعد كثيراً في استمرارية المجموعة وتجاوز كثير من المواقف والمشكلات التي تطرأ أثناء النقاشات أو الطروحات. انصح بالرجوع الى موقع الجريدة الالكتروني وقراءة باقي الموضوع.
• اما الأستاذة شمسة البلوشي فقد كتبت مقالا في صحيفة اليوم بتاريخ 21/5/2015م بعنوان “الغيبة الالكترونية”. و قد بدت متشائمة جدا مما ينتشر في الواتس اب فاليك هذا المقطع من مقالها: ” صار من السهل أن نضحك على عالم دين، وعلى أبنائنا، وعلى كبار السن، وعلى عاملة منزلية، وعلى طالب ومعلم، وحتى على أنفسنا دون أن ندرك أن هذا السلوك المشين هو ذاته «غيبة ونميمة»، ولكنها جاءت بصيغة التكنولوجيا والتقنيات فأصبحت غيبة الكترونية، وهذه الشاشة المصغرة لها «سحرٌ لا يقاوم» وجذبٌ وفكاهةٌ، لأنها «أحادية»، بمعنى أنك تجلس فيها مع «نفسك» وثالثكما الشيطان”. انتهى
• الأستاذ فهد العتيبي في صحيفة مكة، بتاريخ 4/2/2017م كتب مقالا بعنوان “إزعاج الواتس اب” بدأ العتيبي مقاله بحدة وهجوم على مجموعات الواتس اب حين قال: “حديثي هذا عن مجموعات الواتس اب التي أصبحت صداعا مزمنا لا يمكن التخلص منه سوى بحذف البرنامج برمته”
و ختم المقال باقل حدة عندما كتب: ” ختاما، إننا ما زلنا نعاني من صعوبة في التعامل مع التقنية بالطرق الصحيحة، ويبقى أن نعترف أمام أنفسنا أننا كرسنا أوقاتنا في بعض التقنية التي انعكست فائدتها حتى جرت الصداع للرؤوس” انتهى.
• اما صحيفة عكاظ فقد أوردت خبرا لمحاكمة 170 رجلا وامرأة بتهمة السب في «الواتس اب» وذلك بتاريخ 18 مارس 2019م جاء فيه: “علمت «عكاظ» أن أكثر من 75 بلاغا ودعوى قضائية رفعت في محافظة جدة خلال 3 أشهر أطرافها 170 رجلا وامرأة بتهم جرائم السب والشتم والقذف عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
ونقلت المصادر أن أحكاما صدرت ضد مدنين في قضايا سب وشتم وقذف وابتزاز عبر تطبيق (واتساب)، من أبرزها حكم بجلد مواطنة 10 جلدات لثبوت سب مواطنة أخرى، وحكم بجلد امرأتين تبادلتا السب والقذف، وحكم بجلد زوج شتم مطلقته، وجلد آخر 40 جلدة لسبه مطلقته عبر رسائل عدة.
وأشارت مصادر «عكاظ» إلى أن المحاكم نظرت أيضا في دعاوى ابتزاز واختراق لتطبيقي «سناب شات» و«إنستغرام»، ونشر مقاطع مخلة عبر الواتس اب”. انتهى
الخاتمة:
هل مجموعات الواتس اب تعتبر من المجالس من حيث احكام الغيبة والذكر وغيرها؟
أقول نعم بل هو من أخطر المجالس لان الجليس التقليدي تجالسه ساعات وتغادره اما مع الواتس اب فهو معك حتى في غرفة نومك.
فهل سنرى في المستقبل القريب من علمائنا ومفكرينا وكتابنا الأعزاء من جمع مصنفا او مؤلفا عن أدب الواتس اب بل ما احوجنا الى فقه الواتس اب.