في أحد الدورات التدريبية التي حضرتها مؤخراً أكدت المدربة على مفهوم جميل وقوي أثناء الأزمات بجملة رددتها كثيرا ؛ حول ألمك لأمل ، استفد من طاقة الألم لأمل يشعرك بحضورك ، وقوتك ، ويقلل من فرص افتراس الألم فيك !!.
فكرت كثيراً بالموضوع ، حتى أدركت أن طاقة الشحنة العالية من الغضب والحزن بدلا من تهيئتها للانفجار في الجسد ، لماذا لا نحولها لصالحنا بهدوء وتؤده وعلى مكث.
ومن أبسط الطرق التي تسهم في التحول من الألم للأمل هو الهوايات ، والتي لها دور أساسي في الصحة النفسية،وكما يعرفها قاموس كامبردج( أنها نشاط يشغف به المرء ) لأنها ببساطة ترفع الحالة الشعورية والمشاعرية ” كالسعادة والفرح واستثمارها في تحقيق الأهداف ” .
الهوايات رصيد وذخيرة حية تجعلك أكثر سكون وسلام ، وعيش للحظة ، وأكثر تركيز ، وصيد سهل للتناغم الداخلي ، والانسجام مع الذات ، حيث أثبتت أحد الدراسات العلمية لأحد علماء النفس والمطبقة ل1400 شخص يمارسون هواياتهم ، أن معدلات ضغط الدم لديهم أقل ممن ليس لديهم هوايات ، كما أن معدلات افراز الكورتيزل أيضاً أقل ، ومؤشر كتلة الجسم أيضاً أقل لديهم !! وكل ذلك بفضل الهوايات التي تخرج الإنسان من هيمنة العقل والمنطق إلى الإبداع والابتكار ، واستثمار طاقة الجسد نحو فضاء رحب من الانجاز الذهني والجسدي معاً .
وفي دراسة أخرى في اليابان أجريت على كبار السن ، أخضعوهم لبرامج التطوير الهوايات لمدة ( 5 ) أعوام ، أتضحت النتائج أن ممارسة الهوايات لديهم ارتبطت بالصحة والقوة العقلية ، وكانت لهم درع حصين من الأمراض !! ، كذلك كانت وقاية للجسد من الإجهاد ، والاكتئاب ، كما أظهرت أن العلاقات الاجتماعية عامل أساس لمنع تدهور الحالة العقلية بغض النظر عن نوع الجنس ، وعن ارتفاع معدلات السعادة لديهم، إلى جانب ارتفاع منسوب الثقة لديهم واحترامهم لذواتهم وارتفاع وعيهم وثقافتهم ، وخلق روابط اجتماعية مع المماثلين لهم في التخصص ، وأنها تحد من نمو عادات غير جيدة .
الرئيس الأمريكي الراحل ” روزفلت ” في حديثه تلفازي عن نفسه كان يقول أنه مارس هواية الجودو حتى وصل للحزام الأسود ، ومارس هواية رعاية البقر ، والصيد ، والقراءة وكان يقرأ أكثر من 3 كتب يومياً ، وعبر في معرض حديثه أنه هواية القراءة أنها مهدت الطريق للرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
الطريف في دراسات فوائد الهوايات وأهمية ، في دراسة للكاتبة مارتبو ، التي أفصحت عن نتائج مهمة للموظفينأرباب الهوايات ، حيث بينت أن الموظفين الذي يمارسون هوايات خارج العمل كانت معدلات الانجاز في وظائفهم أعلى وأدق ممن لا يمارس!! ، وأوضحت أنها تولد تعافي للجسد ، وترفع حالة الجسد الشعورية بالسعادة والبهجة ، بل وتحمي كبار السن من الإصابة بالخرف!!.
لكل من يقول ليس لدي هواية أعمل بها ، أبحث عن اعمال في المكتب أو المنزل أو في هاتفك النقال شيء تحبه، وتستمع فيه ، وتقضي وقتاً طويل ، حاول أن تجد طريقاً لنفع نفسك ومن حولك ،ثم طور عادة الاكتشاف للأشياء من حولك ،لترى كيف أنك تستطيع الإلهام ، وأنك منجز ، ومستقل بذاتك .
في كل مرة تتقاصر عن ممارسة هوايتك المفضلة ، وتقضي وقتك في اللاشيء ، فإنك ببساطة تلتهم نفسك من الداخل ، وتتصاعد أدخنة الأفكار الغير جيدة من خلالك لتعبر عن ذاتها بمرض نفسي أو جسدي !!
نصيحة ، لا تأكل نفسك ، ومارس هوايتك ، ولو كانت متواضعة ، ستفتح الأيام المقبلة أبواب أكثر اتساع لهوايات أجمل ، وأجمل .