العرف والعادة، مصطلحان لا يكاد أن يُذكَرَ أحدَهما دون الآخر، حتّى أنَ الكثيرَ مِن الأشخاص يرون أن أمرَ ترادفهما ودلالة أحدهما على الآخر أمرٌ مُسلَّمٌ به… لكن تلك ليستْ رؤية القانون، فإنَّ نظرة القانون للأمر أكثر عمقًا وتفصيلًا، فقد فرَّق بينهما وجعل لكلٍّ مِنهما مركزًا مختلفًا فيه
فهو يرى العرف على أنَّه أمرٌ اعتاد المجتمع على فعله وتبلوَرتْ في أنفسِهم عقيدةٌ تؤمِن بإلزاميّته وأن مَن يخالِفه يستحقُّ عقوبة قانونيّة.
فالعرف بعبارة أخرى، قاعدة قانونيّة أصدرها المجتمع وآمن بها القانون فتبنّاها.
لكن ذلك التبني ليس بالأمر الهيّن؛ فليأخذ القانون بهذا العرف يلزَم هذا الأخير أن يكون ثابتًا وراسخًا في نفوس الناس، لا يتغيّر بسهولة.
وحتّى يُرحَّبُ به في أحضان القانون وأروقة القضاء يجب عليه ألّا يناقض قاعدةً قانونيّةً موجودة، فصحيحٌ أنَّ اعتراف القانون به يجعل مِنه قاعدة قانونيّة مُلزِمة، إلّا أنَّه يظلُّ أقلَّ مرتبة من القوانين التي يسنّها المشرِّع ويكتبها، ومِن هنا تجدر الإشارة إلى أنَّ العرف ليس بِحاجة لأن يكون مكتوبًا ليحكم به قاضٍ.
وأمّا العادة، فهي فعلٌ يعتاد المجتمع على فعله أيضًا، إلّا أنَّهم لا يشعرون بإلزاميّته، وقد تترتَّب على مخالفته عواقب اجتماعيّة وليستْ قانونيّة على عكس العرف.
فالعادة لا تحظَ باهتمام القانون مقارنةً بالعُرف، إلّا أنّها قد تنجح في لفت انتباهه في حال تحوَّلتْ إلى عُرف؛ فهي تحتوي على ركنه الأوَّل – وهو الفعل – على الرغم مِن افتقادها للآخر – وهو إحساس المجتمع بإلزاميّتها – وهو أمرٌ قد تكتسبه بمرور الوقت.
فالعادة بعبارة أخرى تُعتَبرُ أمًّا للعُرف، فأغلب الأعراف – إن لَم تكن كلّها – قد نشأتْ في بدايتها كعادة، ومِن تلك العادات ما اندثر وانقضى ومِنها ما اكتسب صفةً إلزاميّةً وبقي على شكل عُرف.