وما أشد لحظات الوداع الأخير وليس هناك قسوة وألم على الأنسان أكثر من أن يسمع نبأ وفاة صديق عزيز غالي وفي صادق الوعد، مع أنه حق على كل إنسان إلا أنه الأقسى والأصعب على النفس، ولا يبقى لنا سوى تذكر الماضي الذي جمعنا به والدعاء له، قبل أيام فجعنا بوفاة أخونا وصديقنا وحبيبنا ماهر بن خليفة المبارك، كان خبر وفاته مؤلماً ومحزناً لنا وإلى كل من عرف أو سمع عنه، فقيدنا ذو إعاقة الشلل الدماغي صاحب القلب الطيب والحنون محبنا للخير ويسعى إليه، ولأخر لحظة قبل أن يأخذهُ الموت وهو صاحب الوفاء لمدربة عادل بن محمد التيسان,
وأليكم بعض من مواقف هذا البطل في كفاحه وسمو أخلاقه لخدمة وطنه في المحافل الرياضية الدولية ولن أتحدث عن بطولاته فهي موجودة في المواقع الإلكترونية والصحف ولكني سوف أذكر بعض من وفاءه وأخلاقه وتعلقه بمدربة وحبة الشديد له فكيف لا وهم يتصفان بنفس الخلق الحميدة وحب الخير لكل من يعرفونه، ففي إحدى الأيام دعانا الفقيد إلى مزرعتهم في الجفر أنا والكابتن عادل التيسان وكنا نظن أنها جلسة قهوة إلا أنه فاجأنا بتكريم مدربة، موقف نبيل من هذا الرجل النبيل، ماهر كان أحد لاعبين نادي الأحساء لذوي الإعاقة لسنوات مع مدربة عادل التيسان قبل أن ينتقل إلى نادي ذوي الإعاقة بالمنطقة الشرقية علماً بأن مدربة يريد منه البقاء في الأحساء لكي لا يحمله عناء الذهاب إلى الدمام فكان رد ماهر ” أنا معاك إلين أموت” ومنذُ أيام كانت هناك مشاركة لنادي المنطقة الشرقية في ملعب الأمير محمد بن فهد وبين شوطين المباراة بين النصر والاتفاق، فطلب اللاعب من مدربة أن يسبقه بيوم إلى الدمام وهو نفس اليوم الذي تعرض فيه ماهر إلى الحادث المروري وتسبب في وفاته، وهنا نتذكر كلمة الفقيد لمدربة معه إلى اخر لحظة، “آه على وفاء الأصدقاء النادر” فلم يكن فقيدنا شخصاً عادي بل فريد من نوعه بالرغم من إعاقته وصعوبة كلامه ومشيته إلا أنه كان قريباً من الجميع إلى أخر لحظة قبل أن يأخذهُ الموت.
أبو خليفة صاحب الدراجة التي يجوب بها الجفر والقرى المجاورة، وقلبه معلق بالصلاة ويردد ” أنا أبي الجنة” فالكل أتى للمقبرة لوداعة فلقد دخل قلب كل من عرف وسمع عنه وعُرف عنه البساطة والسماحة وحب الخير وقليل الشكوى، فمنذ عرفته كثير الصمت… وعندما يتحدث يمتعك ببعض القصص، ولم يكن يعطي أي فرصة للغيبة أو الحديث عن فلان أو علان، يحب الناس يحب المشاركات الرياضية ويقطع المسافات الطويلة ولسانه رطباً بذكر الله بعيداً كل البعد عن كل كلمة جارحة ولم أشاهده مره غضب بل ووجه لا تفارقه الابتسامة.
رحمك الله يا أبو خليفة وأسكنك فسيح جناته.
الكاتب عبدالله الزبدة
ak.alzebdah@gmail.com




