في ظل اهتمام بلادنا أعزها الله بمحافظة الأحساء لما تشكله من اهميةٍ اقتصاديةٍ عظمى باحتضان اضخم حقول النفط والغاز في العالم نترقب مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله بتحويلها إلى منطقةٍ لتكون المنطقة الرابعة عشرة حسب نظام المناطق في المملكة العربية السعودية خاصةً أن جميع معايير نظام المناطق تنطبق عليها وتخوِّلها للترقي إلى منطقة حيث تعد ثاني منطقةٍ بعد الرياض في عدد السكان وتقارب ربع مساحة المملكة وتتبوأ موقعاً استراتيجياً يربطها بقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان لاسيما بعد افتتاح الطريق الرابط بين المملكة وعمان عبر منفذ البطحاء الذي يمر بحرض والخرخير وينتهي بعمان دون المرور بالإمارات وطوله ٥١٩ كلم وكلفته مليار و٦٢٣ مليوناً و٧٥٦ ألف ريال ويختصر نحو ٨٠٠ كلم للطريق الحالي الذي يعبره المسافرون من المملكة إلى عمان عن طريق دولة الإمارات وهذا الطريق يخدم المملكة سياحياً واقتصادياً وتجارياً وينشط حركة السفر المتبادل بين البلدين علاوةً على توسعة منفذ البطحاء لمواكبة الحركة التجارية فيه بمبلغ ٣٠٠ مليون ريال وكذلك إنشاء المدينة الصناعية في سلوى بمساحة ٣٠٠ مليون متر مربع وتُعَد فرصةً استثماريةً كبرى للمنطقة ولرجال الأعمال وأرضاً خصبةً للاستثمارات الخليجية وتوفير فرص عملٍ للشبان وعاملاً رئيسياً في رسم الخريطة الاستثمارية للمنطقة وتأسيس شركة تطوير شاطئ العقير برأس مال يبلغ ٢ مليار و٧١٠ ملايين ريال وتخصيص مليار لتوصيل الطاقة الكهربائية إليه و٤٠٠ مليون لتوفير المياه والصرف الصحي مما سيجعله من الوجهات السياحية الكبرى في المملكة حيث قدرت استثماراته بمبلغ ٣٤ ملياراً فيما قدرت استثمارات شركة تطويره بمبلغ ١٧ ملياراً.
وتتعاطم أهمية الأحساء الاقتصادية باحتضان أكبر حقلٍ نفطيٍ على كوكب الأرض وهو حقل الغوار الذي تقدر مساحته بضعف مساحة لبنان وينتج ٦ ملايين برميل من الزيت الخام يومياً فضلاً عن الحقول الأخرى التي يبلغ إنتاجها ملايين البراميل من الزيت الخام يومياً إذ يتركَّز معظم النفط السعودي في هذه المنطقة الوفيرة في خيراتها والعجيبة في خصائصها ومقوماتها ومكوناتها ومقدراتها ومكتسباتها بل وفي طبيعة أرضها وتضاريسها وتربتها ومكوِّنها الحضاري بوجهٍ عام ولا ننسى حقل الجافورة للغاز الطبيعي المكتشف عام ٢٠١٤م وقد تم مؤخراً اكتشاف الغاز الصخري فيه بكميةٍ قُدِّرت بنحو ٢٠٠ تريليون قدم مكعب بما يصب في اتجاه تطبيق الرؤية ٢٠٣٠ وذلك بطول ١٧٠ كلم وعرض ١٠٠ كلم وبإنتاج هذا الحقل ستزيح المملكة روسيا من أكبر مصدري الغاز الطبيعي بعائدٍ سنويٍ يبلغ ٨ مليارات دولار وبحجم استثمارٍ يُقدَّر بمبلغ ١١٠ مليارات دولار ويمثل اضخم حقلٍ للغاز في العالم إلى جانب الحقول الأخرى المنتشرة في أصقاع الاحساء ويعمل فيها وفي حقول النفط أبناء الاحساء بكل كفاءةٍ واقتدار.
فضلاً عن كونها أكبر واحةٍ زراعيةٍ في العالم وتمتلك مقوماتٍ طبيعيةً وتراثيةً وتاريخيةً متنوعة وتحتضن عشرات الحرف والصناعات التقليدية والمعالم الأثرية الضاربة في أعماق التاريخ والتضاريس المتنوعة وشاطئ العقير الذي يُعَد أقرب شاطئٍ لمنطقة الرياض وحوله ميناء تاريخي ومبانٍ أثرية تستقطب السياح من كل مكان.
وتعد الأحساء من أقدم مواطن الاستيطان البشري التي عرفها الإنسان حيث ينيف تاريخها على ٥ آلاف عامٍ قبل الميلاد كما تؤكد المصادر التاريخية ومن أقوى مناطق المملكة في الحراك العلمي والثقافي والأدبي ومن أثراها في عدد العلماء والأدباء والمثقفين والمبدعين في مختلف المجالات مما استوجب تأسيس نادٍ أدبيٍ فيها عام ١٤٢٨هـ مع العلم ان الاندية الادبية لا تنشأ في المحافظات كما أنها من أكثر مناطق المملكة في عدد المدارس التعليمية وتحتضن جامعة الملك فيصل ومدينتها الجامعية التي بلغت تكاليفها مع المستشفى الجامعي ٧ ملياراتٍ و٤٠٠ مليون ريال وفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومدينته الجامعية والكلية التقنية والوحدات التدريبية التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وكلية الفندقة والضيافة المشتملة على فندق ٤ نجومٍ بمساحة ٢٥ ألف م٢ وبقيمة ٩٠ مليوناً والعديد من الكليات التخصصية والمعاهد والمراكز التدريبية العامة والخاصة ومئات المدارس والمجمعات التعليمية ورياض الأطفال الحكومية والأهلية.
والأحساء من أهم المناطق السعودية التي تشتهر بمقوماتها الطبيعية والسياحية والثقافية والتراثية القابلة للاستثمار السياحي فهي غنية بتراثها الطبيعي والثقافي والفكري والمادي وتتمتع بواحات النخيل والنزل الريفية ذات العمارة التقليدية والسياحة العلاجية المتمثلة في عيونها المائية المشهورة بفوائدها الصحية مع طبيعةٍ خلابةٍ ومناخٍ حسن وخصائص جغرافيةٍ متميزة ولها نشاط اقتصادي وزراعي وتجاري وثقافي ضخم وموقع جغرافي استراتيجي وفوق هذا كله مجتمع مضياف ولطيف وودود ومسالم وبالغ الطيبة والكرم والبشاشة والسماحة.
وبفضل هذه المميزات وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره جاء اختيار الأحساء عاصمةً للسياحة العربية لعام ٢٠١٩م من قبل المجلس الوزاري العربي للسياحة بعد استيفائها كافة الشروط المرجعية التي أعدتها المنظمة العربية للسياحة واعتمدها مجلس وزراء السياحة العرب وهذا الاختيار يؤكد مكانتها التاريخية والثقافية والسياحية ويعزز عوائدها السياحية وشهدت الأحساء طوال العام الفائت العديد من الفعاليات التي خدمت تتويجها وأبرزتها عالمياً.
كما شَرُفَت واحة الأحساء عام ٢٠١٨م بتسجيلها في قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو واحتلت الموقع الخامس ضمن المواقع السعودية المدرجة في هذه القائمة وجاء إدراجها في لائحة التراث العالمي في أعقاب الملف المرفوع لليونسكو بعنوان (الأحساء مشهد ثقافي متطور) وقد تم الاحتفال بذلك قُبالة سوق القيصرية الأثري بحضور عددٍ من الأمراء وكبار الشخصيات من المملكة وخارجها.
ونالت الأحساء عضوية شبكة المدن العالمية بمنظمة اليونسكو في مجالَي الحرف اليدوية والفنون الشعبية كأول مدينةٍ خليجية وثالث مدينةٍ عربية وأطلقت عليها هيئة الأمم المتحدة لقب أكثر مدن العالم إبداعاً في تقريرها المعد بمناسبة اليوم العالمي للمدن الموافق ٣١ أكتوبر ٢٠١٦م وتستفيد من عضويتها في إبراز امكاناتها الابداعية على المستوى الدولي وتبادل الخبرات والتجارب مع المدن الأخرى وتعزيز الحراك الثقافي في مجالَي الحرف والفنون الشعبية وتسويق نفسها سياحياً على المستوى العالمي وزيادة الاهتمام بالحرف والفنون وتطويرها.
وحصل مطار الاحساء على ترخيصٍ لإعتماده مطاراً دولياً بعد تطبيق الإشتراطات والأنظمة حسب المعايير المطلوبة بلائحة الهيئة العامة للطيران المدني واجتيازه لجميع الإختبارات المطلوبة لإعتماده من قبل المنظمة العالمية للطيران المدني كمطارٍ دوليٍ مرخصٍ عالمياً وبذلك ارتفع معدل الزيارات السياحية للاحساء ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام الميلادي المنصرم وأكد مستثمرون سياحيون أن الأحساء بيئة خصبة للاستثمار في القطاع الحيوي وقد شهدت ارتفاعاً في معدل زياراتها لاسيما مع تفعيل التأشيرة الإلكترونية للسياح القادمين من خارج المملكة وستشهد مزيداً من الإقبال بسبب الشهرة التي اكتسبتها.
كما اختارت الأحساء هيئة مسابقة عجائب الدنيا الطبيعية السبع في العالم التي تشرف عليها منظمة اليونسكو للاشتراك في مسابقتها عام ١٤٢٩هـ وشكلت نافذةً للأحساء طلت منها على العالم وقد حصدت مراكز متقدمة عربياً وعالمياً ولم تستبعد إلا بسبب التوزيع الجغرافي للمواقع على القارات الذي لا يستثني الأوائل في المسابقة بل بني على توزيعٍ عادلٍ على قارات العالم الست وهو ما حال دون تأهلها مع أنها حصلت على أصواتٍ أهلتها لتكون ضمن أعلى ٧٧ موقعاً من بين ٤٣٠ موقعاً في العالم محققةً المركز الأول عربياً والسادس عالمياً في مرحلة المسابقة الأولى كما حصلت على المركز الثاني في المرحلة الثانية إلا أن لجنة الخبراء استبعدتها كما استبعدت ٤٨ موقعاً تمثل دولاً من الأمريكتين وأوروبا وأفريقيا وآسيا وهو حال المسابقات العالمية وما نصت عليه قوانين المسابقة وجاء استبعاد الأحساء كغيرها من دول آسيا حيث لم يخدمها شرطي التوزيع الجغرافي والتنوع حين قررت هيئة الخبراء اختيار ٧ مواقع فقط من آسيا دون اختيار إحدى واحاتها حيث يوجد ١٣ تنوعاً في المشاركة بين واحاتٍ وأنهارٍ وجبالٍ ومغاراتٍ ووديانٍ وغيرها مما اضطر هيئة المسابقة لاختيار البعض وحذف الآخر والعكس في اختيار المواقع من القارات الأخرى من أجل توفير مواقع موزعةٍ على العالم بشكلٍ جغرافيٍ أشمل وبتنوعٍ للمشاركات للحصول على عجائب موزعةٍ ومتنوعة.
ولعل من الأهمية بمكان أن نذكر مرصد الأحساء الحضري الذي أنشئ لخدمة مجالات التنمية كأول مرصدٍ يتم إنشاؤه في المنطقة الشرقية ويرتبط ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمات التنمية العالمية وشبكات المراصد العالمية حول العالم ويعمل على تحليل البيانات من كافة الجهات الحكومية والخاصة وإنتاج المؤشرات الحضرية التي تعكس نقاط القوة والضعف للأحساء وتوجه محددات التنمية لكافة هذه الجهات وتصوغ خطةً وإستراتيجيةً تعد خارطة طريق للتنمية المستدامة بشموليةٍ وفاعليةٍ وبمشاركة كافة الجهات كما تساعد الباحثين والأكاديميين في الوصول للبيانات والمعلومات بسهولةٍ من خلال قواعد البيانات الأمر الذي من شانه توحيد الجهود وتكاتف كافة الجهات في سبيل رفاهية وراحة قاطني الأحساء خاصة أن هذه المؤشرات تعكس مختلف الجوانب الحضارية اجتماعياً واقتصادياً وعمرانياً وبيئياً وحصلت أمانة الأحساء على اعتمادٍ لمرصدها الحضري من قبل هيئة التجمع العالمي لمؤشرات المدن التي استضافته جامعة تورونتو في كندا وهي إحدى الجهات المتخصصة عالمياً في اعتماد بحوث التطوير في مجال مؤشرات المراصد الحضرية التي تهتم بمتابعة أهم المراصد الحضرية حول العالم والتوعية بأهداف التنمية لمنظمة الموئل التابعة للأمم المتحدة ونشر الوعي لدى شعوب العالم بأهمية المراصد الحضرية وتقديم مقارناتٍ دقيقةٍ للغاية بين المدن العالمية وقد تسابقت المدن حول العالم في الحصول على الاعتماد لأهميته فعلى المستوى الوطني سجلت المدينة المنورة أولى المدن المنضمَّة وتبعتها الأحساء كثاني مدينةٍ على مستوى المملكة ومن أهم مجموعة المؤشرات التي يشارك بها مرصد الأحساء الحضري في هذا التجمع المؤشرات المعبرة عن التعليم والصحة والسلامة المرورية والبيئة والنفايات الصلبة والتخطيط العمراني ومياه الصرف الصحي واستهلاك المياه ونوعية وجودة الحياة والنواحي الاقتصادية والمشاركة المجتمعية والتكنولوجيا والابتكار والنواحي الاجتماعية والبنية التحتية والطاقة البديلة وغيرها من تحديات واهتمامات ترتبط بالتنمية الحضرية للمدن ويعد مرصد الأحساء من أوائل المراصد التي تعمل على إعداد تقرير عن منظور الأحساء كما يعد خارطة طريقٍ لتنميةٍ مستدامةٍ لها إذ تعد عمليات المراصد الحضرية حالياً من أهم آليات السيطرة والتحكم في مجال التنمية الحضرية فلا يوجد قرار بدون معرفةٍ ولا معرفة بدون معلوماتٍ ولا معلومات بدون بيانات وهذه المستويات المتدرجة هي التي تشكل البناء التراكمي لأي هرمٍ معرفي وذلك باختصار هو الدور الفعال لعملية الرصد الحضري الذي يأتي ضمن المسئوليات التي تضطلع بها أمانة الأحساء بصفتها المعنية بالتنمية الحضرية إلى جانب توفير أفضل الخدمات والمرافق العامة والحد من المخاطر الطبيعية فضلاً عن التطوير الإداري وتنمية القوى البشرية لتعزيز دور التنمية الحضرية المعاصرة.
وتقع الأحساء في الركن الجنوبي الشرقي للمملكة وتشغل الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية وتضم ٦ مدنٍ رئيسةٍ و٢٢ قرية ومجموعة من الهجر ويقطن الأحساء مليون ونصف المليون نسمة وهي أرض مسطحة بصفةٍ عامة ومناخها حار وجاف صيفاً وبارد وممطر شتاءً وصحو في الغالب وتمتلك مقوماتٍ سياحيةً كفيلة بجعلها منطقة جذبٍ سياحيٍ على مستوى العالم ومن بينها مسجد جواثا الأثري الذي أقيمت فيه ثاني صلاة جمعة في الإسلام بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تزال آثاره باقية حتى الآن واهتمت إدارة منتزه الأحساء الوطني برعاية وتحسين منطقته وتحويلها إلى منتجعٍ سياحيٍ فخمٍ عن طريق احد المستثمرين وقامت إدارة الآثار التابعة لوزارة السياحة بالتنقيب حول المسجد وترميمه ترميماً كاملاً بالإضافة لوجود قصر إبراهيم الأثري في حي الكوت وسط مدينة الهفوف وقد بناه العثمانيون في القرن العاشر الهجري وهو أكبر قلاع الأحساء التاريخية وقد تحول إلى مركزٍ للمهرجانات التراثية وهناك متحف الأحساء الوطني ويعرض تاريخ الأحساء منذ العصر الحجري كما يوجد منتزه الأحساء الوطني وتم إنشاؤه أصلاً لصد زحف رمال الصحراء على المنطقة وبعد نمو أشجاره بشكلٍ كثيف وتحوله إلى ما يشبه الغابة تم تحويله إلى مقصدٍ سياحيٍ على مساحة ٤٥٠٠ هكتار تتوزع بين الحدائق وبرك السباحة وملاعب الأطفال ومضمار الخيول والدراجات ولا تزال إدارة المنتزه تقوم بإجراء التحسينات عليه لخدمة الزوار بالصورة المرضية وقضاء أمتع الأوقات فيه وسط أشجاره الكثيفة الشبيهة بالأدغال ويتبعه مشتل الشيباني الذي تسلمته شركة الأحساء للسياحة والترفيه لتطويره تطويراً جذرياً بتنفيذ المشاريع الاستثمارية والخدمات السياحية والترفيهية بداخله بمبلغ ١٥٠ مليون ريالٍ شاملةً قصراً ثقافياً على مساحة ٢٣ ألف متر يضم ثلاث قاعاتٍ للعروض التراثية والترفيهية والفنية ومسرحاً خارجياً يستوعب ١٥ ألف متفرجٍ للمهرجانات والفعاليات الكبيرة وإنشاء مطاعم ومقاهٍ واستراحاتٍ وبحيراتٍ صناعيةٍ وملاهٍ للأطفال وملاعبٍ وقاعاتٍ رياضيةٍ للرجال والنساء إلى جانب جبل الأربع وهو عبارة عن تلالٍ صغيرةٍ تبعد عن الهفوف نحو ٢٠ كلم باتجاه طريق الخليج ويزوره هواة المخيمات والرحلات البرية والتسلق بالسيارات وتقام بالقرب منه سباقات الخيل والهجن وقد سماه الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد بجبل ثهمد.
وتستضيف الاحساء طوال العام مختلف الأنشطة والفعاليات الترفيهية والسياحية التي تستقطب آلاف الزوار من داخل المملكة وخارجها مع وجود مجموعةٍ من الأسواق الشعبية التي يحرص على زيارتها السياح من دول العالم ومنها سوق القيصرية التاريخي وأسواق القرية الشعبية المقامة بمبلغ ١٥٠ مليون ريال على مساحةٍ تبلغ ١٥٠ ألف متر وهي أكبر سوقٍ شعبية على مستوى الخليج حيث تحتوي ١٥٠٠ محل لبيع الذهب والجواهر والمفروشات والملابس والعطور والأواني المنزلية وغيرها من متطلبات الأسرة بالإضافة لمجموعةٍ من المطاعم والخدمات المساندة بالإضافة لسوق عمارة السبيعي وأسواق النساء والأسواق المتنقلة على مدار الأسبوع.
والحركة التجارية الضخمة التي تشهدها الأحساء لها مدلولات يستقرؤها كل زائرٍ من خلال كثافة سكانها ورقعتها الزراعية ومجتمعها المتطلِّع إلى الإنتاجية وكثرة أسواقها ومصارفها المالية وأُسرها التجارية فهذه المدلولات وغيرها تعطي صورةً صادقةً للمستوى التجاري المتنامي فيها ومما يدل على قوة اقتصاد الأحساء وتعاظمه العدد المتزايد لفروع الشركات والمؤسسات الكبرى والمجمعات الكبيرة والتراخيص والسجلات التجارية.
وتتوفر في الأحساء ١٠ آلاف هكتار من الأراضي الزراعية تحتضن نحو ٣ ملايين نخلة تنتج أفضل أنواع التمور في العالم بالإضافة إلى مختلف أنواع الخضار والفاكهة والأرز الأسمر ذي الجودة العالية وتوجد في واحة الأحساء عيون تتدفق بالمياه الطبيعية وتم تحويل بعضها إلى مسابح وتجهيزها بتقنياتٍ تساعدها على إمداد قنوات الري بالمياه بعد أن تراجعت مستويات تدفقها وقد قامت المؤسسة العامة للري بتهيئة عين الجوهرية وعين أم سبعة وعين الحارة سياحياً بهدف المحافظة على الطابع التاريخي والسياحي لمواقع هذه العيون إضافة إلى تطوير أحواض السباحة وإنشاء دورات مياه رجالية ونسائية في كل موقع وإنشاء المظلات والمقاعد وتأهيل السور الخارجي لكل موقع بمبلغ مليونين و٦٨٢ ألف ريال ويتاح للمتنزهين ارتياد هذه العيون للسباحة والتنزه وتتميز بعض عيون الأحساء بمعاكسة درجات الحرارة فمع ارتفاع درجة الحرارة في الصيف تكون باردةً ومع انخفاضها في الشتاء تكون دافئةً ويجتذب هذا الاختلاف في درجات الحرارة هواة السباحة من الشبان وكبار السن على السواء وسوف تستثمر وزارة السياحة هذه العيون ضمن خططها المستقبلية الرامية لاستثمار المواقع السياحية في المملكة أما عين نجم ذات المياه الكبريتية الساخنة التي تعالج أمراض الرثية والعظام والمفاصل فقد تم تحويل موقعها إلى متنزهٍ سياحيٍ حديث.
ويقع في الأحساء جبل القارة الشهير والعجيب الذي يعد أبرز المعالم الطبيعية وسط واحةٍ خضراء وتبلغ مساحة قاعدته ١٤٠٠ هكتار ويتكون من صخورٍ رسوبية ويتميز بكهوفه الدافئة شتاءً والباردة صيفاً التي لا تعيش فيها الحشرات ويرجع السر في هذه الظاهرة الى ان الاحجار الجيرية والرملية في الجبل ذات مسام تقوم بامتصاص مياه الامطار عند هطولها في فصل الشتاء وتختزنها بداخلها وفي فصل الصيف تقوم أشعة الشمس بتبخيرها بأبخرةٍ غير مرئيةٍ او محسوسة فتلطف الجو بداخل كهوف الجبل كما يفعل المكيف الصحراوي اما الدفء في الشتاء فيعود لطبيعة الكهوف الجبلية التي تحجب برودة الجو كما يحصل في الغرف المحكمة وقد طورته شركة الأحساء للسياحة والترفيه بهدف استثماره سياحياً وترفيهياً على مدى ٢٠ عاماً وتبلغ تكاليف المرحلة الأولى من تطويره ١٠٠ مليون ريال وتضمنت تنفيذ خدماتٍ سياحيةٍ وترفيهيةٍ في موقعه وذلك لأهميته وإستراتيجيته وعراقته التاريخية وشملت ترصيف مغاراته الداخلية وإنارتها بالكامل وتوظيف المؤثرات الضوئية بداخلها وتركيب أجهزةٍ صوتيةٍ تتحدث عن تاريخه منذ العصر الحجري والحضارات التي تعاقبت عليه بالإضافة لإنشاء ثلاثة مبانٍ كبيرةٍ ضمن موقعه فيما تشتمل المرحلة الثانية على إنشاء فندق فئة خمس نجوم ومرافقه السياحية والترفيهية والتجارية بالإضافة لاعتزام المجلس البلدي على تطوير المنطقة المحيطة بالجبل بإنشاء دكاكين تراثية لبيع منتجات الحرف الشعبية والتحف على مساحة ٣٠ ألف م٢.
فضلاً عن الحياة الفطرية المتنوعة في الأحساء وبحيرة الأصفر التي تتجمع فيها الطيور المهاجرة ويرتادها المتنزهون من كل مكان للاستمتاع بجمال الطبيعة فيها ويرجح أن يكون عمر هذه البحيرة مئات السنين وقد تكونت نتيجة تدفق المياه الفائضة من عيون الأحساء الدفاقة واتصلت مع بعضها البعض لتكوِّن مجرى نهري محلَّم وسليسل قديماً اللذين كانا يصبان في البحيرة مباشرةً لكن قنوات الصرف العملاقة حلت بديلاً عنهما لتصب في البحيرة وتأسر الطبيعة الخلابة في بحيرة الأصفر من يقف عليها فهي مياهٌ زرقاء ساكنة تزداد جمالاً ساعة سقوط أشعة الشمس على سطح الماء في الغروب وهدوء لا يكسر صمته سوى تغريد الطيور المهاجرة حيث تلتحم رمال الصحراء الذهبية مع الماء في تناغم ٍفريدٍ بين عناصر الطبيعة لتشكل صورةً من إبداع الخالق وسيكون لها شأن عند تحويلها الى محميةٍ طبيعية واستثمارها السياحي وإقامة المهرجانات السياحية حولها وجذب السياح إليها وإنشاء ١٠٠ ألف وحدةٍ سكنيةٍ للمواطنين في منطقتها على أحدث طراز.
وتتوزع في الأحساء مجموعة من الحدائق والمنتزهات تصل مساحتها إلى مليون متر مثل منتزه الملك عبدالله في الشعبة وكلفته ٣٢ مليون ريال ومساحته مليون متر ومنتزه الملك عبدالله البيئي في الهفوف ومساحته ٥٠٠ ألف متر ونافورته المائية وهي أطول نافورة في العالم بلغت تكاليفها ٩ ملايين ريال وسجلت في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ومنتزه خادم الحرمين في المحمدية وحديقة الأمير فيصل بن فهد بالهفوف وحديقة عين نجم وحديقتي محاسن وحديقة أبوسحبل وحديقة الأوقاف وحدائق الأحياء الصغيرة بالإضافة إلى حدائق الحيوانات والمدن الترفيهية والفنادق الفخمة التي تقيم الحفلات والعروض المغرية وبرامج الزيارات السياحية للمعالم والآثار الشهيرة.
وقد تم ترميم أبرز المعالم الأثرية والسياحية في الأحساء وهي مسجد جواثا وقصر إبراهيم ومنزل البيعة والمدرسة الأولى وسوق القيصرية واعتماد ٢٠ مليون ريال لإعادة تأهيل المنطقة المحيطة بالقيصرية كمنطقةٍ تراثيةٍ ويشتمل التطوير على ساحةٍ كبيرةٍ للعروض الموسمية والتراثية بطابعٍ معماريٍ محلي مع توفير دورات مياهٍ ومسجدٍ ومواقف للسيارات وتطوير وسط الهفوف التاريخي.
وتشهد الأحساء حراكاً اقتصادياً وتجارياً قوياً ومنذ تحويل بلديتها إلى أمانةٍ وهي تشهد طفرةً من المشاريع التنموية فهاهي تحظى بمشاريع الخير والنماء بمليارات الريالات حيث خصصت لها اعتمادات مالية ضخمة لتنفيذ مشاريع تنمويةٍ عملاقة ورفع ميزانية أمانتها إلى مليار و١٢٧ مليون ريال.
سفير السلام
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
شاعر وكاتب ومؤلف
التعليقات 2
2 pings
د علي بوخمسين مستشار اقتصادي
12/03/2020 في 6:57 م[3] رابط التعليق
احسنت ابدعت واجدت وشكرا لك عزيزي وكل ما ذكرت يعبر عن جداره الاحساء لتكون منطقه وان لم تدكر ان بعض المناطق الاداريه في المملكه لا يقطنها عدد سكان يساوي بعض قرى الاحساء هذا فضلا عن القيمه الاقتصاديه الهائله للاحساء التي تستوجب ان تعتبر منطقه مستقله بما يخدم الاقتصاد الوطني بتعزيز مكانتها الاستثماريه بتوجيه البوصله الاستثماريه المحليه والخارجيه عليها
زائر
15/03/2020 في 2:17 ص[3] رابط التعليق
هل هذا وقت مناسب لدراسة مثل هذه الأمور؟