تمر علينا الكثير من الأمثال والأقوال التي نتداولها خلال حياتنا فعند الحديث مع بعضنا البعض يستخدم المثل لتقريب الصورة الذهنية للحادثة للمتلقي والأمثال كثيرة التي تضرب، وأحد الأمثال التي تقال و يستخدمها البعض لتقليل من الشأن ( فاقد الشيء لا يعطيه) قد يكون المثل مفهوم من الوهلة الأولى، أي أنه إذا كنت فاقد لشيء معين أو مهارة معينة لا يمكنك إعطاء هذا الشيء، ماذا إذا قسنا هذا المثل على الواقع وبحثنا عن بعض الأشخاص الفاقدين لبعض المهارات أو الماديات وطلبنا منهم الشيء الذي لم يتحصل عليه هو في حياته ونقيس ذلك مثلا على الحب فالشخص الذي لم يتغذى عاطفيًا بشكل جيد من أبويه هل هو لا يستطيع إعطاء الحب والعاطفة أو أن عطاءه يكون بطريقته وأسلوبه الذي يراه تعبيرًا عن الحب أو بالطريقة التي شاهدها في تقديم الحب، قد يكون الشيء الذي يقدمه لك حبًا، لكن التعبير عنه بالطريقة التي هو اكتسبها في حياته، فالمقاييس في الحياة تختلف بالبيئة والظروف والمستويات المادية وحتى الإدراكية لدى الفرد نفسه.
فهل مقولة فاقد الشيء لا يعطيه حقيقة أم المقاييس التي نقيس بها عطاء الأفراد تختلف، وعيك باختلاف كيفية العطاء التي يقدمها الأشخاص ستغير الصورة الذهنية التي رسمها المثل في رأسك، ويقاس أيضا هذا المثل كثيرًا على الفقراء الفاقدين للمادة وأبسط الحاجات فتجد الفقير سخي وكريم بما يملك في يده وقد يكون معطي اكثر من المقتدرين ماديًا الذين عاشوا أغلب أنواع الرفاهية فالفقير مدرك جيدًا ماذا يصنع العطاء في قلوب الناس لأنه لامس الحاجة ويقدس معنى العطاء، وبلا شك إن مقدار ضآلة عطاءه لا تعني إنه لا يستطيع يقدم فهو يعطي بمقدار ما يملك، أيضا الحب الذي يفتقده بعض الأشخاص ويجوع ويموت جفافًا من شدة الرغبة في إشباعه فهو رغم جوعه العاطفي يملك الحب بداخله لكن قد لا تكون لديه المهارة في إخراجه والتعبير عنه بشكل جيد أو بصورته الحقيقية فالقيمة لديه موجودة لكن المهارة قد تكون مفقودة في كيفية التعبير عنه وإخراجه أو يمارسها بمقدار فهمه وإدراكه، فإذا أبحرت في داخل كل شخص فاقد لشيء ستجدها موجودة بداخله لكن قد تكون غير مفعلة أو مفعلة بالصورة التي شاهدها هو في حياته ويمارسها بنفس الكيفية، فالأغلب لديه حاجة معينة قد يكون هو فاقدها بالحياة لا يعني أنه لا توجد عنده قد تكون فقد فقط المهارة في التعبير عنها وطريقة إخراجها فهي موجودة بلا شك، فاقد الشيء مدرك لفقده لكن يجهل في كيفية إعطاءها.