الأطفال هم الأكثر عرضة للتوتر والقلق نتيجة تفشي وباء فايروس «كورونا كوفيد 19» أن لم يحسن الكبار الرد على استفساراتهم واحتوائهم فقلق الكبار ينتقل الى الصغار ويؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية، والسؤال كيف نحمي أطفالنا من مخاطر القلق والتوتر ونجنبهم الأثار السلبية لما بعد الأزمة؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها ضيوف لقاء صحيفة «شاهد الآن الإلكترونية» وهم متخصصون وخبراء في علم النفس.
واكد في البداية الأخصائي النفسي ناصر بن علي الراشد أن الأطفال يبقون قلقين أكثر عندما يتواجدون في الظلام، و طالما أنهم لا يعرفون شيء عن الفيروس فسوف يبقون في حالة من التوتر والقلق من المجهول، وهنا يأتي دورنا كوالدين في اختيار الطريقة المناسبة للحديث عن هذه الجائحة الصحية للأطفال بطريقة تبدد الظلام وتبعث الإطمئنان في نفوسهم وتقلل القلق لديهم من هذا الفيروس، والتواصل هو فرصة للتعرف على ما لديهم و ما سمعوه من أخبار من هنا وهناك عن هذا الفيروس ونحن بدورنا كوالدين نعمل على ترشيح وتنقية الأخبار وتقديمها لهم كمعلومات قائمة على الحقائق والتي تساهم في طمأنتهم أكثر وممكن الاستعانة بالصور ومقاطع الفيديو العلمية التي تعطيهم صور أكثر وضوحًا عن الفيروس ولا ننسى الحديث معهم عن معدلات الشفاء بطريقة تناسب مستوى قدراتهم العقلية فذلك أيضا يساهم في طمأنتهم، مع مراعاة عدم المبالغة والتوسع معهم في استخدام معلومات وتفاصيل قد ترهق عقولهم وتجعلهم اكثر ترقب وقلق، وقد يكون من المناسب إتباع أسلوب الجواب والسؤال وهنا تستطيع التعرف على نوع المخاوف لديهم والإجابة على اسئلتهم بطريقة تساهم في تخفيف هذه المخاوف، وهذا الأسلوب أيضا يساهم في تلبية احتياجاتهم المعرفية دون الدخول في تفاصيل ترهقهم.
وأضاف : ممكن تسأل الطفل أيضا ماذا سمع وتحاول تعديل الأفكار الخاطئة وتساعدهم في إيقاف تلك الخيالات المخيفة التي تذهب لها عقول الأطفال وكن مستعدًا بدون استعجال في السماح لهم بطرح الأسئلة ويكون لديك الاستعداد للإجابة عليها.
تخفيف الشعور بالقلق لدى الأطفال
القلق هو من السمات التي يسهل ظهورها في النفس البشرية، في هذه الأزمات الأطفال يتفحصون مشاعر و تعابير وجوه من يقومون برعايتهم طوال الوقت، لذلك إذا كنا نشعر كوالدين بالقلق أو الذعر فتجنب الحديث مع أطفالك حول الفيروس لأن ذلك سوف ينعكس عليهم، تستطيع أن تبتعد لفترة بسيطة وعندما تشعر بالهدوء ممكن تتحدث معهم، تذكر أيضا هذه الحقيقة أن مجرد سماع الاطفال للأخبار قد يجعلهم يشعرون بالقلق وأنهم سوف يصابون بالفيروس لذلك علينا أن نخبرهم ببعض الحقائق بأن أعراض المرض تكون خفيفة عند الأطفال.
وهنا أيضا لا بد نكون دقيقين في تعليم الأطفال الإحترازات الوقائية حيث يجب إفهامهم أن هذا شيء عارض ومؤقت وأن هذه الاحترازات تبعدنا عن الإصابة بالفيروس والغرض من هذا أن لا تتحول هذه الاحتياطات الوقائية إلى شكل من أشكال القلق بعد انحسار الوباء مثل الوسواس القهري في النظافة، والفكرة العامة التي يجب أن تصل إليهم أن جميع هذه الإجراءات الوقائية هي مؤقتة ولكي نبقى في أمان من الإصابة بالفيروس.
وزاد : أحرص على أن تقضي وقتًا مع الأطفال ويبدو أننا لدينا خبرة في إدارة الوقت إثناء العطلات المدرسية، مع عدم وضع قيود قد تكون سببًا للشعور بالضغط النفسي، مع مساعدة الأطفال في تنويع الأنشطة لكي لا يتسرب إليهم الملل أيضا ويبقون في حالة من السعادة والرضا النفسي، واستمر في طمأنة الأطفال والحديث معهم فذلك سوف يفتح نافذة على شخصياتهم وهي فرصة تربوية وتعليمية يتعلمون كيف تتم عملية ترشيح المعلومات ومهارات التواصل.
استثمار أوقات الأطفال فترة الحجر الصحي
الحقيقة هي للوالدين مهم جدًا عملية تنويع الأنشطة التي تكسر الروتين وتبدد الملل وفي نفس الوقت تكسب الأطفال مهارات وعادات إيجابية مثل تحفيزهم على القراءة والاستفادة الإيجابية من التقنية، وهنا ننتبه أن لا يتم التعود على استخدام الجوال فنجد أنفسنا بعد الأزمة أمام مشكلة سلوكية وهي إدمان استخدام الشاشات، لذلك علينا وضع بعض الأنشطة التي تساهم في تكوين عادات إيجابية ومنع تكوين عادات سلبية.
تعامل المجتمع مع الأزمات
الأزمات حالة طبيعية تمر بها المجتمعات والبشرية وتتعدد وتتنوع فمنها الطبيعية مثل «الزلازل والبراكين والفيضانات» وأيضا «الحروب» و منها «الصحية» مثل هذه «الجائحة» التي تمر علينا والتي نسأل الله سبحانه و تعالى السلامة للجميع فيها، والأزمات هي فرصة سانحة لاختبار القيم العليا لدينا (التعاون، الايثار، ارتفاع حس المسئولية الاجتماعية أيضا)، وفرصة أيضا أن نراجع نمط الحياة لدينا ونختبر نمط حياة جديد قد يكون أكثر إيجابية وحيوية وذلك من خلال مراجعتنا لعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية وسلوكنا الاستهلاكي وبعض العادات الغير صحية مثل السهر والاعتماد على الأكل خارج المنزل بشكل يرهق اقتصاد الأسرة.
ختامًا أسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ بلادنا من كل سوء.
أما الأخصائي النفسي الأستاذ صالح بن عبدالله البراك، فقال : يشعر الأطفال عادة بالارتياح إذا كانوا قادرين على التعبير عن مشاعرهم المزعجة والتواصل معهم في بيئة آمنة وداعمة، وكل طفل له / لها ـ طريقته الخاصة في التعبير عن المشاعر المزعجة مثل الغضب والخوف والحزن.
وعليك كولي أمر القيام بإتاحة الفرصة للأطفال للعب والاسترخاء، إن أمكن، وتقديم حقائق حول ما يجري، وقدم معلومات واضحة وملائمة للأطفال حول كيفية الحد من خطر العدوى والبقاء آمنين بكلمات يمكنهم فهمها، وبيّن للأطفال كيف يمكنهم الحفاظ على سلامتهم (على سبيل المثال: إظهار كيفية غسل اليدين بطريقة فعالة)، كما تجنب تداول الشائعات أو المعلومات التي لم يتم التأكد منها أمام الأطفال، وقدم معلومات حول ما حدث أو يمكن أن يحدث بطريقة مطمئنة وصادقة ومناسبة للعمر.
الاستماع إلى الأطفال والتحدث معهم بلطف
تذكر أن الأطفال غالبًا ما يأخذون دلالاتهم الشعورية من البالغين المهمين في حياتهم، لذا فإن استجابة البالغين للأزمة مهمة جدًا، ومن المهم أن يقوم الكبار بالتعامل مع مشاعرهم بشكل جيد وأن يظلوا هادئين، وأن يستمعوا إلى تخوفات الأطفال ويتحدثوا إليهم بلطف ويطمئنوهم، إذا كان ذلك مناسبًا من حيث العمر، وقدر الإمكان، حاول الحفاظ على روتين حياة الطفل أو ساعد في إنشاء طرق جديدة في البيئة الجديدة، بما في ذلك التعلم واللعب والاسترخاء، وإن كان ذلك ممكنًا حاول الحفاظ على الواجب المدرسي أو الدراسة أو أي أنشطة روتينية أخرى لا تعرض الأطفال للخطر أو تتعارض مع السلطات الصحية، كما يمكن لمقدمي الرعاية من الإباء والامهات القيام بأنشطة موجهة للأطفال يمكن القيام بها أثناء الحجر الصحي، ويجب أن تشرح الأنشطة الحقائق حول الفيروس وفي نفس الوقت تبقي الأطفال نشطين عندما لا يكونون في المدرسة، على سبيل المثال: ألعاب غسل اليدين مع الغناء، وقصص تخيلية حول اكتشاف فيروس للجسم، وتحويل التنظيف وتعقيم المنزل إلى لعبة مسلية، ورسم صور للفيروسات والميكروبات يمكن أن يقوم الأطفال بتلوينها، وشرح معدات الوقاية الشخصية للأطفال حتى لا يخافوا منها.
استثمار الوقت فيما ينفع
ومهم جدا استثمار الوقت فيما يعود عليهم وعلى أسرهم بالنفع سواء بمراجعة دروسهم او بالألعاب او القراءة الهادفة والمسلية أو بالمشاركة في أعمال المنزل وتحمل فترة البقاء في المنزل.
وختم البراك بالقول: أن ما نمر به هو نوع من الابتلاء لذا يجب علينا التوكل على الله والرضا بقدره وإيجاد تفسير لما يحصل نابع من قيمنا وفلسفتنا في هذه الحياة، والعمل بالأسباب في أخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي العدوى، واستغلال أوقات الفراغ فيما ينفع لأنها نعمة ورأس المال الحقيقي للإنسان، وليعلم الجميع بأنها فترة وتعدي فعليهم استخلاص العبر وليتطلعوا إلى غد مشرق بإذن الله تعالى.
أما الأخصائية الاجتماعية ميساء، فقد أكدت على التحدث مع الأطفال بطريقة مباشرة بهدوء وعدم إخافتهم وتوعيتهم وتعليمهم الطرق السليمة للوقاية من الفايروس، والإستماع للطفل والحديث معه عن مخاوفه، وبإمكان الاطفال استثمار أوقاتهم في القراءة، تعلم مهارات جديدة، حفظ القرآن.
أخيرًا .. أحسنوا الظن بالله أولاً، وإيماناً بواجبنا الوطني أن نمتثل لأوامر حكومتنا الرشيدة نبقى متباعدين اليوم لنجتمع غداً بإذن الله.