أطفالنا الأحباء لديهم شغف تقليد الوالدين في كل شيئ لاسيما الصيام في الشهر الفضيل، والبعض يشجع الأطفال ويرغبهم في هذه العبادة والبعض الآخر لا يلتفت لذلك كون الطفل دون سن التكليف.
«شاهد الآن»” ناقشت مع المهتمين وذوي الاختصاص إمكانية تعويد الطفل على الصيام في سن مبكرة والآلية المتبعة لصيام صحي وروحاني فلا ضرر ولا ضرار.
الطفل والصيام
يقول الشيخ عادل العبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام : نؤيد صيام الطفل في نهار رمضان ونؤكد عليه بلطف وتحبيب وليس بشدة ولا تنفير، والسبب
لينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه فمن تربى على أمر ألِفه وأعتاده وأحبه وسهل عليه حال كبره، كما أنه منهج السلف فقد كانوا يصوّمون صبيانهم ويلهّونهم باللعب حتى تغرب الشمس ليعتادوه.
وأكد على الوالدين مراعاة أمور هامة لتدريب الطفل على عبادة الصيام وهي تحبيب الصيام لصغارهم ليحبوه وليس بطريقة تبغضهم فيه فيبغضوه ويكرهوه، كما نكافئ الصائم وبدون تثريب على المفطر أو تجريح، وعلينا أن نغرس في الأطفال أعظم دروس، كما أن الصيام وهو مراقبة الله والمراقبة الذاتية لينشأ منذ الصغر على أنه يحب الله جل في علاه وأنه يراقب الله وأنه يصوم لله وأنه يطلب ما عند الله ليكبر وتكبر هذه المعاني معه، وعلينا أن نبين لهم أن من ثمرات الصيام أن نتذكر نعم الله علينا لنحمده وحال الفقراء الجائعين لنشفق عليهم ونساعدهم، كذلك ندربه على عبادتين عظيمتين: عبادة الصبر عند الجوع والحرمان وعبادة الحمد والشكر عند الشبع والتلذذ باللذيذ والمفيد المرغوب، وندربه أيضا على السنن والعبادات الواردة في شهر رمضان، وندربه على الالتفاف مع الجماعة في الطاعة وأن من شذّ شذّ في
النار.
وختم قائلا :إن الصيام وفي شهر رمضان بزيادة مدرسة تربوية كبرى إذا استطردت لاحتجنا تأليف رسالة فيها الصيام جزء من التربية الإيمانية.
ويقول الدكتور عبدالله ـ استشاري أطفال ـ لا شك أن صيام رمضان هو جزء مهم من التربية الإيمانية للطفل، ولا شك ان الصيام خاصة للأطفال منذ الصغر يشكل جزءا من القاعدة الصلبة في بناء الحياة الروحية والتعلق بالله وأن ذلك كله ستكون له الآثار الجميلة شخصية الطفل وتعلقه العميق بالله وبالدين على المدى القريب والبعيد.
وأضاف العبد الله : لتعويد الأطفال على الصيام منذ سن صغير بإمكان الوالدين إتباع النصائح، بأن لا يكون الصيام للطفل إجباريًا بل بالتشجيع والترغيب والقناعة من الطفل نفسه، وأن يكون من سن مبكرة كالسابعة وما فوق ولكن بشرط قناعة الطفل والتدرج معه في الصوم، وأن يكون صوم الطفل تدريجي بمعنى أن يطلب من الطفل ويشجع على الصوم إلى أن يشعر بشدة الجوع فيفطر حتى ولو لم يأتي آذان المغرب، فيصوم يوم حتى الواحدة ظهرًا مثلًا، ويشجع على إنجازه، ثم يطلب منه إضافة ساعة في اليوم التالي، وهكذا حتى يتأقلم الجسم ويستطيع صيام تمام اليوم ويستمر على ذلك بقية الأيام وتمام الشهر.
وزاد : إذا جاء وقت الإفطار وكان هناك أطفال صائمون ولا يستطيعون الصبر عن الأكل لبعد الصلاة، فيقدم الإفطار للجميع إحترامًا لرغبة الطفل، إلى أن يتعود على الصوم ويشجع على الصلاة أولا ثم الإفطار، كل ذلك بالتدريج.
وأضاف : بالنسبة للأطفال الذين يشتكون من أمراض كالسكر وغيره فيصومون بعد مراجعة الطبيب وموافقته والتنسيق معه في كيفية أخذ الجرعات من غير الإخلال بالصوم أو الإخلال بخطة العلاج، موضحًا سيكون الصيام أجمل عندما يربط بالتعرف على شيء من فوائد الصيام الروحية وأنه عبادة خاصة تجعل الإنسان تحت نظر الله وقربه ومحبته وعنايته.
ومضى يقول : كذلك جعل وقت خاص للأسرة ولو مختصرًا لقراءة القرآن والدعاء، والتعرف ولو على آية من آيات القرآن ولو بشكل موجز تجعل أبناءنا أكثر قربًا من الكتاب وآياته.
الصوم التدريجي
أكد الأخصائي مصطفى عبدالوهاب الحسن أنه طبيًا لا ينصح أغلب الأطباء بصوم الأطفال تحت سن العاشرة بالنسبة للذكور بينما الإناث وحسب بلوغها من السن التاسعة, ولكن أترك المجال للطفل بالصوم تدريجيًا بساعات محدودة ولا تجبره بل تابعه، لأن سن الطفولة مرحلة نمو وتكامل للجسم والشريعة السمحة حددته بسن البلوغ.
وأضاف: يمكن البدء في تشجيع الطفل على الصيام مع البدء بفترات صيام قصيرة لا تتجاوز بضعة ساعات في بداية النهار وترك الحرية له، ولا يؤثر الصيام على الناحية الذهنية أو المناعية للطفل فصيام الطفل ينمي شخصية ويشعره بالمسؤولية، بيد أني أنصح بأن يكون الصيام وفقًا للحالة الصحية الفردية لكل طفل ومتى تسمح له بالصيام، وهناك حالات لا ينصح بصيام الطفل مثل فقر الدم ومرضى السكري والوزن المنخفض مع فقدان شهية.
وختم بذكر قواعد مهمة أثناء صيام الأطفال يجب اتباعها واستشارة أحد المختصين بذلك وهي: نظام غذائي متوازن يحتوى على الفيتامينات والعناصر الغذائية لنمو الطفل والسعرات الحرارية التي يحتاج جسم كل طفل على حده، وكمية كافية من السؤال الصحية ينصح الأطفال بشرب ماء والعصائر الطبيعية كونها غنية بالفيتامينات والمعادن المختلفة والابتعاد عن العصائر المعلبة، ومراقبة الطفل باستمرار وعند شعور الطفل بالتعب أو لم يستطع تحمل الصوم التوقف والإفطار فورًا.
الصيام والتغذية
أخصائية التغذية رقية العوامي، قالت : الأطفال بشكل عام يحاولون تقليد العائلة أو الوالدين في سن مبكرة وهي ما تسبق سن التكليف، وفي حال كان الطفل يعاني من مشاكل صحية كسكر الأطفال، فقر الدم، نحافة شديدة، لا نؤيد الصيام لأنه يؤثر على صحته، أما إذا كان الطفل سليم لا يعاني من أي مرض فلا مانع من صومه بشرط مراعاة بعض الأمور، بالحرص على شرب السوائل وخاصة الماء بين فترة الإفطار والسحور حتى لا يتعرضون للجفاف، والصيام التدريجي للطفل الغير مكلف بحيث يمتنع لساعات محددة عن الطعام والشراب ومن ثم يسمح له، والابتعاد عن العصائر الملونة المحلاة بالسكر والتي تسهم في النشاط الغير مرغوب للطفل واستبدالها بالعصائر الطازجة، كذلك تعويدهم على الغذاء الصحي المتوازن المحتوي على العناصر الضرورية المختلفة كالكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات والسوائل والماء، ومراقبة نشاط الطفل باستمرار إذا شعر بالتعب لا يكمل الصيام، وأن يبدأ إفطاره بالتمر لأنه وجبة غذائية متكاملة مع الحليب، وإذا كان يعاني من سمنة الحليب يكون قليل الدسم واذا كان يعاني من نحافة يكون كامل الدسم، وأن تحتوي وجبة الإفطار على الشوربة والسلطة والطبق الرئيسي المحتوي على بروتينات وكربوهيدرات، على أن وجبة السحور تكون خفيفة ومتوازنة وتحتوي على نشويات، بروتين، دهون صحية مثل زيت الزيتون والمكسرات، وعلينا أن لا نحرم الأطفال من الأشياء المحببة لهم لأنهم سوف يتناولونها دون علم منا.