ماذا عساني أن أقول فيك أيها (الجطلاوي) في ركل كرة القدم.. فهل تذكر (القوع وجُريدة وأبو نصرة)؟
بلى، العمر ماضٍ و ما زلت ترسم في دواخلنا المشاهد و الصورة.. فهل تتذكر الأستاذ البغلي محمد، والأستاذ القصيمي أحمد في الجبس و حرفيته؟
فقد دأبنا المسير سويّة من الفريج الشمالي إلى فريج الكوت.. فهل تذكر المرحوم إبراهيم السالم، و جارك ابن العمة الأمير وسامي.. أم أن الحَبَّ الدمامي لم يبرح في جيبك (بزنبوره) الهرمي الشكل، والمضمون، (والعسكريم أبو كيسة)؟
لن أنثني وأروم عنك إلا باستنطاق نبق سدرة نخل حجّي حسين الجاسم بالشارع الملكي، وسوق حراج السيارات على أطرافه (بسيكلك الصتي).. فهل تتذكر (لعبة أعجيل الملح، والسكونة، وشط بط، والتيل، وسوط الزنبور، والطنب، والنبالة أم الصواريخ، والشراغي، وعلك الحظ طرزان على رصيف بيت حجّي الهودار، و المسلسل الكويتي أبي و أمي مع التحية، والمسلسل الكرتوني سنان، و فارس الصغير، وقرندايزر، وهايدي) .. أم أن (الحجل) آل مآله بالخريف بين (طوب أبو الريش)، (و سكوتر) الخشب الطويلة للمشي عليها بالصبابة و الصبا؟!
نعم، كنا نخوض غمار التجارب بطفولة عفوية، وطهارة عمرية.. بين أمٍ وجدةٍ، وجيرانٍ بالرفعة و الفاضلية.. فكيف لا وقد تربيت بين حسينٍ وجاسمٍ، وفي كنفِ حبيب وسالم.. فهل تذكر قرع الطبل، و أهزوجة شهر الخير..
“الوداع الوداع الوداع
يا رمضان يا شهر الصيام
ودعوه ودعوه ودعناه
يا رمضان يا شهر الصيام”
وهل ما زال بحوزتك قميصك الاتفاقي الجميل أيها الأحسائي الأصيل؟!
“لوني ودمي وعروقي اتفاقي
أخضر يا حبي وشوقي اتفاقي
ويا وياه..
منساه منساه
أتي أتفاقي تفاقي ”
أجل، عهدتك منذ أيام الطفولة وأنت تخط الأرض، وتشكل الطين، وتفرح بالغيث العميم.. فهل تستحضر المرحوم عباس السالم و هو (يثبر) للمطر؛ و على رأسه (خيشة العيش البسمتي)؛ وحبيب الشيخ، وشيخ وهب الغريري؛ و الدوغة؛ والدردحانة، وصكة غويدري.. أم أن ضحكاتك و ذكرياتك ما زالت عالقة و متدلية على أرفف بقالة وهب العلوي، وأبو فلاح، وفهد البدر، وراضي البن صالح، ومحمد العثمان، وحويجي، والخير الله بالخر، ومخبز أم رشيد ببراحة زكي، و(عاير) بيت البيق؟
الذكريات مولعة بالمشموم يا صاحبي في طريقنا لمدرسة الجارود الابتدائية.. و كأن كل واحدٍ منا يتمايل برأسه الثمل بين زعتر مخبز البحراني، و صمون مقصف إبراهيم الدرويش، وبوفية حمدعلي، و (شبلونة) دكان بوخضر.. فهل تذكر دكان (بو سعد)؛ والنجاجير.. أم أن محمد أستاد بالحويش قد أسكرك بحفنة النقل، و الكازو، و السبال المملح.. والذي أمهلنا سويعة و راح علينا وقت الطابور الصباحي، و ما أدراك ما الطابور؟!
فهل تذكر الأستاذ حسين الخميس؛ والأستاذ إبراهيم النعيم؛ وماطور الهوندا الأحمر بالمدرسة للمرحوم الحاج محمد الجعفري؟
أخالك الآن تنظر إلى كل عينٍ تمر بك لتُعانقها بدموع الذكريات التي لن ترجع إلا بالصور الحاضرة.. لتلتهب الآهات حين يُذكّرك توفيق وطاهر، ومراقب الفصل الهادئ جداً محمد السالم، وشماغه الأحمر المنسدل بجُلها و تفاصيلها!
لا تلمني يا رفيقي، فسوف أترفق بك قليلاً بين فريق الوحدة و العدالة والأبيض..
فهل تذكر الكابتن صالح الجاسم؛ (وجلجيلو)، و إبراهيم الزكري، (والنجم)؛ وعباس السماعيل، وأحمد الشوارب، وعيال أبو ناجمة.. أم أن باص نادي هجر الرياضي، و لعبة الطائرة أنستك طريق العودة للفريج؟
فاروينا من ماء معينك على صوت هدير عين الخدود، وأُم سبعة، والحارة، وأم دلي، والجوهرية، والحقل، وأم خريسان بالشطيب..
مضت سنون من أعمارنا، و كل يومٍ يمر علينا أنت ترسمه في (الكلاكيت) للمشاهد، و (اللوكيشن) بأماكن التصوير، و (الزوم) لملامح الوجه ولغة الجسد، و احترافية تعديل الألوان للعرض، و (فيد المكسر) للصوت والنبرة.. فهل تذكر الأستاذ عبدالعزيز البطاح و أفلام السينما الوثائقية بالمدرسة خلف وجاغ الكوت.. والإذاعة المدرسية، أم أن (قبوع رأسك) الذي اشتريته من عمارة السبيعي أشعل فتيل أشواقك للخروج من الفصل سريعاً لمشاهدة العرض المسرحي آنذاك بالفنية؟!
“من بعد باب الچبره
مريتنا سوق الخضره
قل للبايع يا المجنون
حط اقشورك في الماعون
ومن بعد باب الچبره
مريتنا سوق الخضره”
ها أنا ذا كتبت الآن جُلّ عمرك، فاكتب روحك على كل بسمة رسمتها يا حبيبنا “أبو سلوى”..