نسمع كثيرًا عن حوادث الغرق حول العالم اغلب ضحاياها الاطفال منها ما حدث مؤخرًا في إحدى مدن الأحساء غرقت طفلة في مسبح مغلق بالمنزل، لكن ما هو السبب؟ وكيف نجنب الأطفال هذا الخطر الذي يهدد حياتهم؟
«شاهد الآن» الإلكترونية حاورت خبراء ومختصون بمجال طب طوارئ الأطفال والعناية المركزة لهم دورهم البارز في تثقيف المجتمع في هذا المجال والتقليل من حوادث ومخاطر الغرق.
ضيفنا الأول هو الدكتور «عبدالله العبيدان»” ـ طبيب أطفال استشاري ومتخصص في طب العناية المركزة للأطفال، وقال : الغرق هو عبارة عن الغطس في الماء أو أحد السوائل إلى درجة الاختناق أو عدم القدرة على التنفس، مما يؤدي إلى عدم وجود الأكسجين وما ينتج عن ذلك من تلف للأعضاء ومن ذلك الدماغ والرئتين وربما القلب.
أهل مريض الغريق أكثر من يتألم
وأضاف : «يقولون» أن اهل مريض الغريق اكثر من يتألم لمريضهم خاصة في حال الوفاة، وذلك لأن الغرق أمر ممكن اجتنابه في الغالب وذلك بأخذ الاحتياطات المطلوبة، وأن أغلب حالات الغرق سببها إهمال من جانب الأهل وعدم الأخذ بأسباب الوقاية ومنها: أن لا تكون برك السباحة في أماكن مفتوحة غير مسيجة بسياج، أو عدم كونها في غرف مغلقة لها أبواب وعليها أقفال، وغياب الإشراف من شخص بالغ حال وجود الطفل الصغير في المسبح أو في دورة المياه، وعدم استخدام الطفل للمعدات المساعدة على الطفو.
السباحة الآمنة للطفل :
وأكد أن السباحة الآمنة للطفل تحتاج إلى وجود أماكن سباحة محمية بسياج أو موجودة داخل غرف مغلقة لمنع وصول الأطفال إليها، و جود شخص بالغ للإشراف على الأطفال حال السباحة او الإستحمام، وتدريب الأطفال على السباحة إذا كانوا في سن يسمح بذلك، واستخدام معدات الطفو فوق الماء.
السن المناسب لتدريب الأطفال على السباحة
وأوضح : تدريب الطفل على السباحة أمر مستحسن ولا شك لما فيه من متعة، ولما فيه من حفظ لحياة الطفل بإذن الله، والسن المقترح من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال هو سن الرابعة بسبب أن نضج الطفل في هذا السن يسمح بتدريبه على السباحة، وإن كان ذلك لا يمنع من تدريبهم بين السنة الأولى والرابعة حسب توصياتهم، وكل ذلك شريطة وجود مشرف قريب جدًا من الطفل حال التدريب.
عدم ترك الطفل وحيدًا في المسبح
وقال: من المهم جدًا عدم ترك الطفل وحيدًا في المسبح أو دورة المياه دون إشراف، فعلى الكبار أن يتناوبوا على الإشراف إذا كانوا في تجمع عائلي مثلًا، والأمر الآخر في حال اختفاء الطفل في تجمع عائلي في مكان فيه مسبح، فإن أول مكان يتم البحث عنه فيه هو بركة الماء.
وقال أيضا : اذا كانت نسبة الكلور المطهرة الموضوعة في المياه مناسبة فغالبًا لا توجد مضاعفات، وتظهر المضاعفات على الأطفال بشكل أكبر اذا كانت نسبة الكلور زائدة خاصة أن الأطفال ربما احبوا الجلوس أكثر في الماء، بالإضافة إلى احتمالية بلع الماء إثناء السباحة مما يزيد احتمالية التحسس من المواد المطهرة.
وزاد: العمق مهم ولا شك، كما أن الطفل وبالذات الصغير أو الرضيع قد يغرق في منسوب ماء قد يصل ارتفاعه إلى اثنين ونصف سنتيمتر.
الوقاية خير من العلاج
وأكد الدكتور على أن الوقاية خير من العلاج، ومنع غرق الأطفال أمر ممكن تحقيقه، إلا أن تعلم الكيفية الصحيحة للإنقاذ من الغرق والتدرب في أماكن معتمدة لذلك أمر مهم للغاية في سرعة إنقاذ الغريق ومنع حصول المضاعفات أو الوفاة لا سمح الله.
وختم قائلًا : الغرق هو من الحوادث غير المتعمدة غالبًا والمؤلمة للأسرة في نفس الوقت والأخذ بأسباب الوقاية منه طريق آمن للمحافظة على سلامة أطفالنا واستمتاعهم بأوقات سباحة آمنة.
غرق الأطفال ثالث سبب
أما الدكتور ماهر الكويتي استشاري الاطفال و طوارئ الاطفال والعناية المركزة والإصابات، والذي له بصمته الخاصة في تثقيف المجتمع في مجال طوارئ الأطفال من خلال اللقاءات والمحاضرات، ويقول : يطلق مصطلح الغرق عندما ينغمر الشخص بالسوائل (كالماء) ويصبح مجرى النفس مغطى بها مما يؤدي إلى ضعف النفس أو توقفه لفترة أطول مما يستطيع تحمله مما بسبب نقص الأكسجين وبالتالي الوفاة أو الإعاقة العصبية (يصبح طفل معاقًا حركيًا أو فكريًا)، والغرق يعتبر ثالث أشهر سبب للوفيات في الأطفال، والغرق ممكن أن يحدث في كل الأعمار، ولكن الأكثر عرضة هم الأطفال من عمر سنة إلى ٤ سنوات، وهذا العمر المليئ بالحركة والنشاط وحب الاكتشاف و في نفس الوقت عدم القدرة على التحكم بردود الفعل أو حركة الجسم عند الخوف والهلع.
أكثر الأماكن التي يحدث فيها غرق الأطفال
وأضاف الإستشاري : أكثر الأماكن التي يحدث فيها غرق الأطفال الصغار هي المسابح و في مرحلة المراهقة في البحار أو الأنهار.
الحرص على اشتراطات السلامة
وأكد أنه ينبغي الحرص على اشتراطات السلامة يجنبنا الوقوع في الخطر، ومن جملة هذه الامور وضع حاجز يحيط بالمسبح و يجب أن يكون له باب يغلق تلقائيًا، و وجود شخص بالغ في منطقة سباحة الطفل، وعدم الاعتماد على طفل آخر لمراقبة الأطفال، فكلهم أطفال ويحبون اللعب في الماء و سيغفلون عن بعض، على أن يكون عمق المسبح مناسب للطفل بحيث أنه إذا وقف على قدميه يكون رأسه و صدره أعلى من منسوب الماء، وهذا مهم لأن الطفل عندما يحس بخطر الغرق يحاول أن يكون واقفًا ليتنفس، ويجب أن يلبس الطفل سترة النجاة، و لا يكفي ان تضع بالونًا في يده ؛ فالسترة توزع ثقل الطفل فيطفو و يكون رأسه أعلى من الماء أما بالونة اليد فتسمح بأن تطفوا اليد فقط و باقي الجسم قد يكون مغمورًا بالماء، كما ينبغي إغلاق المسبح عند عدم الاستعمال و من المهم إزالة اي لعبه أو شيئ ممكن أن يغري الطفل للوصول إليه مع عدم وجود شخص بالغ معه، وتوفير طوق نجاة داخل المسبح.
السباحة من الرياضات المفيدة للجسم
وقال : السباحة تعد من الرياضات المفيدة للجسم و الموصى بها طبيًا وأيضا دينيًا، وقد تختلف قدرات الطفل العقلية والبدنية من شخص لآخر و لكن ممكن أن يبدأ الطفل بالتعلم من السنة الرابعة من عمره، والتدريب و اكتساب المهارة يجعل الفرصة كبيرة للطفل بالاستمتاع بالسباحة الآمنة.
تدريب الطفل على الطريقة الصحيحة للسباحة
وأضاف : علينا أولًا أن نعرف أنه عندما يخاف الطفل، خصوصًا إذا كان يغرق فأنه يفقد تركيزه وقدرته على التحكم بردة فعله وأيضا تصبح حركاته عشوائية فبالتالي يقوم بعمل جلبه في الماء تفقده الكثير من طاقته وبعدها تبدأ قواه تخور و ينجرف لأسفل الماء فتزيد نسبة غرقة، لذلك وجب علينا تجهيزه بدنيًا وذهنيًا لمثل هذه المواقف، وتدريبه على الطريقة الصحيحة للسباحة، أيضا كيفية تحريك اليدين والقدمين ليكون الجسم و كأنه يطفو على الماء، و مناقشته عن كيفية الحفاظ على طاقته وكيفية إبقاء الرأس خارج الماء للنفس أو طلب المساعدة، ومن أشهر الطرق التي يدرب عليها الطفل هي أن يرفع إحدى يديه للأعلى و توجيهها للخلف، ورفع الرأس للأعلى وكأنه يريد أن يرى السماء، والحركتين السابقتين تحاولا إبقاء الجسم عائمًا على الظهر.
وزاد : التوجيه والتأكيد على أهمية سترة النجاة، وعدم دخول الماء بدون شخص بالغ، وهناك بعض المسابح المزودة بأجهزة إنذار التي تطلق صفاراتها عندما ينزل شخص، وعادة ما يضاف الكلور و أحيانًا مادة الكحول للمسابح، خصوصًا العامة منها للمحافظة على صحة مرتادين المكان، وهذه المواد تكون بكميات محسوبة بناء على حجم المسبح و كمية الماء و عدد مرتاديه والزيادة في هذه المواد قد تكون ضارة على أعضاء الجسم و من أهمها الرئتين.
عمق المياه وعمر الطفل.
وأوضح أن عمق المياه يعتمد على عمر الطفل و قدراته الحركية و العقلية، فالطفل الصغير بعمر السنة من الممكن أن يغرق في بانيو الحمام وأن لم يكن ممتلئ و لكن طفل الخمس سنين ممكن أن يغرق في حوض السباحة.
ووجه نصيحة للمجتمع بقوله : الوقت في انقاذ الطفل من أهم العوامل للمحافظة على حياة الطفل، فكلما أخرج الطفل من الماء بشكل أسرع و بٌدأ بإنعاشه مباشرة كلما كانت النتائج أفضل.
و تذكروا الرقم ١٠ ..
إلا يزيد وقت الغرق عن ١٠ دقائق، وأن يبدأ الإنعاش خلال ١٠ دقائق.
وختم بالقول: تعلم طرق الانعاش مهم لكل أفراد المجتمع فقد تكون هي الدقائق التي من خلالها تنقذ حياة الطفل، ويوجد العديد من الدورات التي تقدم للناس منها في هيئة الهلال الأحمر أو المستشفيات، ومنها أون لاين، والكثير من الفيديوهات التعليمية منشورة على اليوتيوب، وحوادث الغرق تكون في لحظة غفلة من الأهل، فلا تثق أن الطفل سيكون بعيدًا عن الماء و لا تغفل عن مراقبته و يجب إلا تتجاوز المسافة بينك و بين طفل في الماء عن المترين.