أن الاعتراف بالحقيقة أنه لا يوجد على هذا الكوكب سوى جنس بشري واحد من الأولويات التي يجب على كل البشر إدراكها، فنحن شعب واحد يسكن كوكب واحد، نحن أسرة بشرية مرتبطة بمصير مشترك ومرهونة بأن «نكون جميعًا نفس واحدة» حتى إذا أدركوا ان التفرقة العنصرية لا تنبع من البشرة بل من العقل البشري، لذلك من المهم أن نعالج الأوهام العقلية التي أفرزت مفاهيم زائفة، على مر آلاف السنين، عن تميز جنس على آخر من الأجناس البشرية، ففي جذور هذا التعصب العرقي تقبع الفكرة الخاطئة بأن الجنس البشري مكون من حيث الأساس من أجناس منفصلة وطبقات مختلفة.
إن الاعتراف بهذه الحقيقة هو العلاج الأمثل لمرض العنصرية والخوف من الآخر ولكل مظاهر التفرقة، وبالتالي فإن هذه الحقيقة يجب أن تكون المبدأ والنتيجة الحتمية وراء كل ما يندد به المصلحون في المؤتمرات العالمية والاجتماعات التي تنبذ العنصرية.
إن فهم هذا الأمر بالشكل الصحيح كفيل أن ينقل الإنسانية إلى مرحلة تتجاوز فيها كل الأفكار إلى أن تصل إلى التسامح والعيش بسلام على هذا الكوكب المخلوق للجميع، وعالمنا المتحضر ليس بمنأًى عن هذه العصبية المَقيتة، والعنصرية الفجة، التي تقوم على أساسٍ من العِرق أو الدِّين أو اللون، والأحداث شاهدة على ذلك..
تُرا الولايات المتحدة الامريكية من بين أكثر الدول العنصرية في العالم، حيث أن في بعض المناطق مثل غرب وجنوب الولايات المتحدة مثل اريزونا، ميسوري، مسيسيبي، تعتبر العنصرية شيىء رئيسي لديهم، كذلك جنوب أفريقيا، والمملكة المتحدة، في عنصريتها ضد المسلمين، حيث أن حالات الكراهية بسبب لون البشرة تتزايد باستمرار، وإذا لم يتم تغيير عقلية الشعب، فلا يوجد هناك قانون سوف يغير شيئا، والوضع الراهن شاهد على ذلك.
وفي سياق هذا الأمر يجب أن ندرك بأن العنصرية آفة جاهلية حاربها ديننا الحنيف بشتى أنواعها وأشكالها ومنها العنصرية بين البيض والسود، والعنصرية الطبقية والعنصرية الدينية والعنصرية القبلية وكذلك العنصرية في كل أوجه حياتنا اليومية كالعنصرية الأسرية أو العنصرية في محيط العمل وديننا الحنيف وفي محكم كتابه ومنذ بعث هادي البشر أوضح أن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بميزان التقوى، وأن الدين الحنيف دعا إلى القضاء على كل الفوارق والطبقات وجعل الناس كلهم سواسية، فانتصر الإسلام لكل البؤساء، وقرر المساواة بين الناس جميعًا لا تمييز بينهم إلا في درجة تقوى الله والإيمان به، فديننا حقق قيم التسامح والسلام والرحمة بصورة واضحة في التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة، على أساس حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»، «الحجرات:13»