السعادة شيء عظيم ومطلب جليل يسعى إليها .. كل إنسان ولكن هناك من يعزو فقدان حلم السعادة الزوجية في المنازل العربية إلى غياب لغة الحوار بين الزوجين والتعبير عن مشاعر الحب، وأكدوا أن السعادة يمكن أن تتحقق من خلال قدرة كل طرف على الابتعاد قدر الإمكان عن كل شيء يمكن أن يثير غضب الطرف الآخر أو يسبب حزنه، لكن مع ذلك {يبقى هذا الحلم مفقودًا في الكثير من البيوت}
وفي هذا السياق كان للأخصائية الاجتماعية بجمعية مكافحة السرطان الأستاذة نورية القرينيسن وقالت: لا شك أن الحياة الطيبة مطلب هام والزواج السعيد هدف يسعى له المتزوجين والمقبلين على الزواج، يقال أنه لتحظى بزواج سعيد عليك أن تتزوج من شخص سعيد وأنا أُصدق ذلك وأؤمن فيه، فمعرفة المرأة لذاتها ونفسها حق المعرفة وسعادتها بنفسها وامتلاكها لقدر عالي من الذكاء الاجتماعي سيساعدها على إدارة الحياة الزوجية، وينطبق هذا أيضاً على الرجل لأن نجاح العلاقة الزوجية والوصول للسعادة المنشودة يجب أن يسعى له كلا الزوجين وهناك الكثير من الدورات والكتب التي تتعلق بالحياة الزوجية وسنوات الزواج الأولى وفهم سيكلوجية المرأة والرجل أعتقد حضورها سيضيف للزوجين الكثير.
ومن الملاحظ أن الكثير من الشباب والفتيات ينظرون للزواج بنظرة وردية وحالمة أكثر من اللازم فالمرأة تتزوج وتظن أن زوجها هو الفارس الذي سيحقق لها جميع أحلامها وسيأخذها في رحلة حول العالم، والرجل يرتبط بالفتاة ويظن أنها ستتقبله وتحبه وتعامله كما تعامله أمه، وهذه النظرة غير واقعية أبداً وستُشعر الطرفين بالإحباط، فالزواج يحتاج لقدر عالي من الواقعية والمسؤولية والمشاركة، وتهيئة نفسية وفهم ودراية لصعوبة الأيام التي قد تمر على الزوجين والتي يجب أن يضعوا أيديهم معاً لتجاوزها للوصول إلى بر السعادة الزوجية.
وأضافت: السعادة الزوجية غير مستحيلة لكنها قد تكون غير ملحوظة فنشعر بأنها غائبة عنا بينما هي تكمن في التفاصيل اليومية، فحرص زوجتك على أن لا تخرج صباحاً بدون تناول فطورك، مساعدة زوجك لكِ في إعداد الغداء، فيه الكثير من المشاعر الجميلة الغير معبر عنها والتي قد لا يتم ملاحظتها.
وزادت: تحتاج بيوتنا إلى الانتباه لمبادرة الطرف الآخر لإسعادنا وشكره وتقديره على ذلك، لأن تقدير التفاصيل الصغيرة سيحفز الآخر على العطاء، بالتالي عيش حياة زوجية مليئة بالسعادة والسكينة لكلا الزوجين.
أهمية الحب للسعادة الزوجية
وفي رأي اخر قالت المستشارة التربوية سميرة أحمد الجلال المشرفة العامة لمكتب واحة المعرفة للاستشارات التعليمية والتربوية، اتفق الجميع على أهمية السعادة الزوجية للأسرة والمجتمع ومعظمهم أكد على أهمية الحب للسعادة الزوجية وهو نعمة كبيرة تجعل الأسرة واحة أمان للأطفال، لذلك تساءلوا بحرقة ماذا يحدث للحب بعد الزواج؟
وقالت: من أجل الحب يتسلق الإنسان الجبال ويتخطى الصعاب ويعبر البحار والأنهار ولكن يعجز أحيانا عن ملاقاته في حياته الزوجية ويظلوا في حيرة للإجابة على سؤال ماذا يحدث للحب بعد الزواج؟
الحب بعد الزواج لا يتبخر لأنه أصلا لم يوجد غالبًا، فما نسميه حب وتبخر هو انجذاب عاطفي و هوى و رغبة فقط ، إنما الحب الحقيقي هو الحب الصافي كضوء الشمس التي تسطع في أي يوم من أيام الصيف الحارقة مهما كانت آرائنا و أفكارنا و انتقاداتنا نحوها.
وأضافت: الحب الحقيقي بين الزوجين هو الذي لا تختلط به الأحكام على الآخر والتصنيفات والرغبات والمقارنات، الحب نعمة والسعادة الزوجية بذرة تنمو في تربة الحب الذي ينبت مشاعر الرضا والهناء عندما يتذكر كل منهما الآخر ويبتسم بدون سبب، شعور خارج من القلب لا يغفر ولا يسامح لأنه أصلا لا يرتبط بالأفعال المشروطة، هو يعبر عن نفسه بعفوية وسريان عندما نركز على شعور الحب الخارج من القلب ليصل للشريك دون مقابل، أما الأخطاء ومسامحتها والحقوق ومطالبتها فهي من اختصاص العقل (و هي أساس مهم أيضا للسعادة الزوجية) لكن ليس لها علاقة بالحب بين الزوجين الذي يملأ خزان السعادة الزوجية بفيضان من الحنان والمودة والرحمة الإلهية، فالحب بين الزوجين يبني السعادة الزوجية لأنه يبني في وجوده التفاهم و يبدع الحلول و يعبر عن نفسه بأشكال خلابة تفوق الوصف.
ونعود لسؤالنا ماذا يحدث للحب بعد الزواج؟
لأقول الحب بعد الزواج يزداد و يزداد و يزداد ليغمر الحياة و الكون بأكمله بفيض الحب الإلهي الذي أودعه تعالى في قلوب الزوجين { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( ٢١ ) } [سورة الروم]
بعض الناس نجدهم يربطون السعادة ببعض الأوقات أو الأزمنة المعينة التي قد لا يكون سعيدًا في غيرها.
هل السعادة لها وقت محدد او زمن معين؟
وفي هذا الخصوص تحدث الزوجان وسفراء المحبة، محمد سعود وزوجته سناء سلمان، وقالا: أن السعادة الزوجية ليست حلم مفقود فنحن من نحول السعادة إلى حلم محقق في حياتنا الزوجية بإسعاد أنفسنا وتجاهل ضغوطات الحياة كي لا يؤثر على الحياة الزوجية مستقبلاً لذلك إذا ابتعد الأزواج عن ضجيج ما يحطم حياتهما ويحولها إلى كابوس فسوف تسعد حياتهما الزوجية، وبدورها قالت: سناء بالفعل السعادة ليست حلم بل يجب على الأزواج البحث عن مصادرها بنفسهما وأن السعادة الزوجية ليس لها وقت محدد فأبحث عن كل ما يسعدك كالمقولة القائلة “أسعد نفسك بنفسكً” حتى إذا كانت في ابسط الأشياء، فأنتم قادرون على إسعاد أنفسكم وإسعاد الآخرين، والزمن لا يتغير إنما الأشخاص هم الذين قادرون على إسعاد أنفسهم فلذلك أبتعد عن كل ما يؤذيك وأصنع ليومك سعادة، ومن وجهة نظري أن للمرأة دور كبير في السعادة الزوجية بذكائها وفطنتها.
للسعادة معنى حقيقي
وتحدثت المدربة وكوتش تطوير الأداء الشخصي مريم محمد المساوى أن للسعادة معنى عميقًا جدًا ونحن في مهنة الكوتشنج نتعامل مع مستفيدين لديهم اعتقادات وأفكار خاطئة عن معرفة السعادة الحقيقية، وقد تكون هناك ظروف معينة تجعل كل الزوجين في حيرة من أمره اتجاه الطرف الآخر كيف يجعله سعيداً وننسى أن منبع السعادة داخل الشخص نفسه إذا كان لديه وعي، وفهم للحياة وخاصة الحياة الزوجية سيصل به هذا الوعي لمعرفة من هو، وما هي نقاط قوته ونقاط ضعفه، ومن هذا الشريك وماذا يمتلك وكيف يتعامل معه ومدى الرضا عما كتبه الله له.
فعلم الكوتشنج يؤكد أنك لا تستطيع تغير شخص إذا لم يكون هو يريد التغيير (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11] .
فالمطلوب هو التركيز على أنفسنا وما نستطيع فعله والقيام به، وتتجاهل كثير من الزوجات هذه النقاط المهمة فتصبح الحياة الزوجية جحيماً؛ نفور من الزوج أو الزوجة، عدم اهتمام، انعدام تبادل المشاعر، إسقاط كل طرف اللوم على الآخر، اتهامات قاسية.
كل هذه الأمور تشعر الزوجة بعدم السعادة، وهنا يأتي دور ذكاء الزوجة في إيجاد الحلول والبدائل المناسبة للتحديات التي لا تخلوا منها الحياة، فلا بد من الحكمة، والترو، والتعمق داخل النفس، والتخلص من المعتقدات والأفكار السلبية المسيطرة عليها، والنظر للحياة بإيجابية وتفاؤل.
هل الحلم بالسعادة الزوجية بات مفقوداً في الكثير من البيوت؟
أنا لست مع هذه العبارة السعادة موجودة وليست مفقودة والوصول إليها ليس مستحيلاً على المرأة أن تتقبل نفسها أولاً، ثم شريك حياتها، وتسعى إلى بناء الألفة والاحتواء والانسجام والحوار الجيد الذي يفتقد في الكثير من الحوارات الزوجية وللحصول على حوار ناجح علينا التركيز على الإيجابيات التي يتحلى بها الآخر، والتأكيد على الاحترام المتبادل والإنصات الجيد، وفهم مقصده الإيجابي، والتعرف على احتياجات ودوافع الأخر.
ومما نواجه في مهنة الكوتشنج في مجال العلاقات أن كل شخص ينتظر من الأخر أن يجعله سعيداً، ولكن عندما نطلب منه تغير اتجاه البوصلة الموجهة للأخر باتجاهه نجد أن المشكلة توجد في الشخص نفسه، ومن هنا تظهر أهمية تطوير الزوجة نفسها ومهاراتها في مجال العلاقات الزوجية من خلال البرامج التدريبية الموجهة أو جلسات الكوتشنج المتخصصة، وتذكري عزيزتي الزوجة أن: (حياتك وسعادتك مسؤوليتك أنت وليست مسؤولية الآخرين)
أجمل الأمنيات بحياة زوجية سعيدة
مشرفة اللجنة الأهلية لأصدقاء الصحة بمدينة العيون وما جاورها الأستاذة أمينة محمد الماضي، قالت أن السعادة الزوجية حلم والحلم يصبح حقيقة إذا سعى اليه الإنسان بنية صادقة، ومن أجمل الأحلام المحققة السعادة الزوجية فمن بداية الخليقة حين خلق الله آدم عليه السلام خلق له زوجه حواء من ضلعه ليسكن إليها وجعل بينهما مودة ورحمة، وسخر لهما سبل العيش الكريم إلى بعثة سيد الخلق محمد صلى الله عليه حين كرم الإسلام المرأة ووضع للحياة الزوجية منهاج وشرعة ومن شاء فليقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصحابيات الجليلات ليدرك دور الزوجة في بناء الأسرة المسلمة وتحويل البيوت المسلمة إلى منابر من السعادة ولا يزال في أمتنا الى اليوم من اجتهدت في سعادة زوجها وأهل بيتها في حياتها وحتى بعد مماتها، فما زالت الدعائم راسخة والعرش قوي.
وذكاء الزوجة في إيجاد الحلول والبدائل المناسبة للتحديات التي لا تخلوا منها الحياة، فلا بد من الحكمة، والترو، والتعمق داخل النفس، والتخلص من المعتقدات والأفكار السلبية المسيطرة عليها، والنظر للحياة بإيجابية وتفاؤل.