(أنا مش كافر) جملة كُتبت من جديد على صفحة الزمن بأوجاع الروح، لا طلبًا لتبرئة من البشرية التي أظلت بوصلتها، وإنما محاولة لتوجيه الصفعة التي ربما تكون الشعلة داخل أكوام الجليد ..!
فالانتحار بالمفهوم العام ضعف وهزيمة وخيانة لكن في سبيل الحياة الكريمة دون العيش بإذلالٍ ووهن يصير الانتحار جرأة بل قوة، فاللبناني علي محمد الهق أطلق النار على نفسه نهار الجمعة الفائت وسط بيروت شارع الحمرا مستغلًا شمس الحياة لتشهد على ما فعله، علها ترفعه وتنشره ليصير خبرًا في كلِّ أصقاعِ الأرض، فالمعاناة المالية وعدم قدرته على تأمين أدنى مستلزمات العيش الأساسية ورؤيته لأحلامه وهي تتلاشى أمام عينيه، كل هذا دفعه إلى القفز نحو ما يرعب العالم (الموت) غير آبه ليترك دليلاً على كفر الآخرين وإلحادهم علَ جفونهم ترتعش وضمائرهم تهتز …
ولم تنته القصة هنا، حيث وجدت الشرطة في ذات اليوم جثة المواطن اللبناني في مدينة صيدا سامر حبلي مشنوقًا بحبل الحياة الساخرة منه بسبب عدم قدرته على تأمين الدواء لأحد أفراد أسرته لنسمع بعدها أيضاً بحالتي انتحارٍ في لبنان سببها الضيق المعيشي والاقتصادي الخانق.
ونتذكر هنا أن عام 1915م أطلق عليه اللبنانيون اسم “عام الجراد” وذلك لتفشي المجاعات القاهرة والأمراض التي لا ترحم، ليعيد أمجاد ذكراه في عام 2020 نتذكر أيضاً ألعثمانيون كانوا السبب في مصادرة المحاصيل وجعل الحياة لا تحتمل، أما الآن وللأسف الوضع الراهن يتكلم عن نفسه في قول من أقوال المناضل نيلسون مانديلا (لا يدافع عن الفاسد إلا فاسد ولا يدافع عن الساقط إلا ساقط ولا يدافع عن الحرية إلا الأحرار ولا يدافع عن الثورة إلا الأبطال وكل شخص فينا يعلم عن ماذا يدافع !..)