في أحد الأقسام التي كنت أعمل بها ،كانت لي صديقة متميزة عن غيرها ، بحيث لا يمر فترة زمنية إلا وفاجئت الجميع بهدايا جميلة جداً مثل قلبها ، وكان موعد هداياها معروف غالباً صباح السبت قبيل الخروج للمهمات الميدانية ، كنت دوماً في شوق متقد لقلب صديقتي ” أمل ” التي أشعر أن تلك الهدايا مصحوبة به، ومحبتها للجميع ، لله درها و ما تحمله من حب للخير .
ولوالدي أيضاً صديق عزيز جدا لقلبه ، كان يوم الخميس الساعة الثامنة والنصف صباحاً موعد الزيارة مصحوبة بخيرات مزرعته العامرة بالأرزاق الوفيرة، وكان والدي رحمه الله كثيراً ما يلح عليه ، ويقول له ” أبو ناصر ” لا تتكلف الخير كثير ” ، وكانت إجابته المتكررة ” لا يد لي في الموضوع ، الله يأمرني بذلك ” !! الله يرحمهم جميعاً والمسلمين ، كان العم أبو ناصر مع عفويته إلا أنه كان مشبع بالحب الأخوي ، والتآخي في الله مع والدي ، وكانت أيضاً هداياه يتملكه جسد الحب .
ولذلك قد تأتيك بعض الهدايا على الرغم من تواضعها ، إلا أنك أحيانا لا تود التفريط بها أبداً ، وتشعر بأنها من أغلى ماتملك ، وأنها مغلفة بقلوب أصحابها وجمالهم.
الهدايا دوماً تحمل رسالة مضمونها أنك في قلبي ، وتحتل مساحة مضيئة فيه ، وعرفان بذاك الحب هديتي ، فلا غرو أن تشعر بها ، وتزاد ابتسامتك فرحاً وبما حملت لك ، لذلك لا تضيًع هذا الجمال الحسي الراقي بكلمات غير ملائمة أو لغة جسد تنم عن لا مبالاتك بها ! ،بل تعود أن تفرح وأن تعبر عن قبولك لها بطريقة تشعر المهدي لك بأن محبته تسكنك .
والأجمل أن ترد برسالة تعبر عن ذوق الهدية ومهديها ، وأنك ممتن لصاحبها ، وتدعو له بالخير ، كل هذا ليس لقيمتها المادية ،بل تعبر عن اللطف الذي تحمله في جوانبك .
لذلك إذا أردت أن تتعلم كيف تستقبل الهدايا ، شاهد الأطفال وهم يستقبلونها ، وكيف تتلون أعينهم فرحاً ، والضحكات تجمل وجوهم ، والكلمات تنساب بطريقة عفوية لا تدري كيف يعبرون عن نشوة الفرح لديهم ؟، وهم لا يحملون هم أكانت الهدايا ذات قيمة مادية مرتفعة أم عكس ذلك ، هم يعيشون اللحظة ، ومع اللحظة يكبر الفرح .
لذلك المشاعر مهمة جداً في اختيار الهدية ،لأن المتلقي يشعر ويحس بها ويتفاعل مع جملة تلك المشاعر ، فأعتني بداخلك قبل اختيار الهدايا ، وارسالها للآخرين ، لأن العلاقات بين البشر قائمة على ارسال الذبذبات ” الترددات ” الكهرومغناطيسية ، لذلك تأتيك أحياناً هدايا فخمة ولكن لا تحس بنمو في العلاقة مع مُهديها .
كل العلاقات الانسانية إذا لم يحكمها الصدق ، فلا تكن إلا شوطاً من الزمن وتبادل مصلحة لا غير ، أما إذا أورقت بالحب والسلام فلا تسل عن السكن القلبي بين الطرفين ، والهدية أحد ثمارها .
وجمال العلاقة لا يحكمه أبداً عدد الهدايا وفخامتها ، بل بنوع آخر من الهدايا الصادقة ، وهي الدعوات السماوية التي ترتفع لباريها بين عشية وضحاها ، لمن نصدق في محبتهم ، وهي أرقى أنواع الحب .
كما أن الاحترام والتقدير والتوقير ضرب فاخر من الهدايا في العلاقة ، و اختيار الكلمات فن سام جداً أعتبره هدية في العلاقات محكمة الوثاق ، و النصح أيضاً بالخير هدية ،وخفض الصوت ولغة الجسد في الحديث من الهدايا النبيلة أيضاً .
أخيراً ، لا ترفع أسهم الهدية مادياً ، وأنت لا تحمل وداً صادقاً لمن تهديهم ، بل تخير ممن تحب وأهدي له من قلبك عرفان الحب .
كتابنا
> هدايا قلبية المنشأ !!
هدايا قلبية المنشأ !!
29/07/2017 12:50 م
هدايا قلبية المنشأ !!
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/13572/