إن كل تغير في الحياة لا بد أن ينطوي على شيء من القلق والتوتر، وذلك لتجاوز منطقة الراحة أو الاعتياد.
وهذا ما كان واضحاً في جنبات بعض المنازل مع بدء تطبيق (التعليم عن بعد) عبر منصة مدرستي أو قناة عين التعليمية في المملكة العربية السعودية،
إلا إن جهود وزارة التعليم سريعة متتابعة نسفت صعوبات البدايات ، وذللت مختلف العوائق.
فنحن جميعاً أمام حدث واحد: أعاصيرُ وباء هبت، ووزارة تعليم خططت، فأحسنت؛ فكان التعلم عن بعد علينا لزاما، فهذا الحدث يشكل١٠٪ من حياتنا أما ٩٠٪ المتبقية فمردها إلى نوعية استجابتنا وأسلوب تفاعلنا.
فالبدايات واحدة، والنهايات مختلفة؛ بحسب ردة فعل كل أسرة ومدى متابعتها، وتحفيزها، وحرصها على توفير بيئة تعلم فاعلة يتاح للمتعلم فيها حسن التواصل مع معلمه في التدريس المتزامن، حيث تبادل الأفكار، وكسر حواجز التردد بالمحاولة والتجريب، ومعرفة أخطاء التعلم وتصحيحها.
كما يتحقق ترسيخ التعلم في التدريس غير المتزامن إذ إن المتعلم يدير المعلومات المتدفقة، وقد يحتاج للبحث المثري مما يعمق الفهم لديه.
فليست مشكلتنا اليوم الوصول للمعلومة بل العثور على المعلومة الصحيحة ومن خلال التعلم عن بعد سيكتسب المتعلمون مفاتيح هذه المهارة:
١- ما المعلومات التي أريدها؟
٢- ما أفضل مصادر المعلومات؟
٣- ما أكثر أنواع التقنية ملاءمة للتشارك في المعلومات
كما أدرك المتعلمون أهمية الوعي بأنواع التقنية المتاحة وأهمية استخدامها لحل المشكلات.
من هنا فمنصة مدرستي بوابة لتعليم متميز عماده إتاحة الفرص للتشارك، وتحمل المسؤولية، والمساءلة عن نواتج العمل.
لكل طموح في المعالي طريقه
وما معضلات الدرب إلا الأصاغر
نجاحات صغيرة، وأخطاء كبيرة ترصف دروب الإبداع الوعرة ليس فيما يتعلق بالمحتوى العلمي والعصف الذهني فحسب بل في تطوير المهارات الشخصية أيضاً ؛ فها هم طلاب العلم يتنقلون بين الفصول الافتراضية معتمدين على أنفسهم – بعد اجتياز تدريب البدايات –
ويوماً بعد يوم بدأ يقتصر دور الأسرة على المتابعة وحسن التوجيه، مما يسقي بذور الانضباط، وإدارة الوقت، وتوجيه الذات باستكمال المهمات من تعيينات وغيرها على نحو مستقل دون رقابة مباشرة.
وفي ظلال التعلم عن بعد سوف تتسامق المهارات الاجتماعية كالحرص على التصرف المسؤول بمراعاة مصلحة الجماعة: فللحديث وقته، وللإنصات وقته، كما تعلموا درساً في المرونة والقابلية للتكيف مع الأحداث والظروف مما يحدد لهم المسار في مختلف نواحي الحياة، فنحن إذاً لسنا بصدد مشكلة آنية بل بدأنا التحليق في فضاءات التميز، لأن التقنية، والمسؤولية الاجتماعية، والذاتية ضروب تعلم أساسية يحتاجها المتعلمون لتحقيق النجاح والتمكن في عالمٍ سريع التغير.
إذاً لنشحذ المنشار … متذكرين قول الشاعر :
قريب من الغايات من شاقه السرى
وما أبعد النوام والركب سائر
بقلم الأستاذة : منى بنت سلامة بن سعيدان
مدربة خبيرة معتمدة (مجال تعليمي تربوي)