يحدثني أحد أقاربي الذي رافق والده في المستشفى بضعة أيام.. وقد كان في نبرة صوته ألم وتفكر و هو يطيل النظر قبل أن يسرد ويقول: عشت أياماً مختلفة من عمري.. كنت أتأمل فيها حقيقة الدنيا بين مشهدين.. هما كالذي ينظر إلى خلف البحر فيجد صحراء قاحلة لا نبت فيها ولا ماء… بينما من أمامه.. شجر وزهر وجمال..
هكذا خيل إليّ وأنا أمشي في ردهات المستشفى وبين غرف المرضى.. و أتأمل في حال المرضى.. وقد قيّدهم السقم على أسرة بيضاء.. لا يستطيعون القيام حتى بأقل الأعمال إلا بمساعدة الآخرين.. بل إن بعضهم في مقتبل العمر لكن شدة المرض أصابتهم بالضعف والوهن …ولسان حال أهلهم من الذين استوطن الإيمان قلوبهم..يقول ( إن اللَّه مع الصابرين)
بيد أني عندما خرجت من أسوار المستشفى
وإذا بي أرى بهرجة الدنيا وزينتها وأصيخ سمعي إلى ضحكات الناس وانشغالهم مع أهاليهم بملذاتها .. بين طرقات الأسواق والمطاعم والمتنزهات يتقلبون في كثير من النعم
شعرت للوهلة.. أن الحياة متناقظة لا يدوم لأحد فيها حال.. المعافى يمرض.. والمريض يتعافى.. وهكذا بين فرح وحزن. ألم وسعادة
والفطن فيها من يستدرك عمره بالطاعات
ويحفظ جوارحه عن المحرمات
ويحمد اللّه ويشكره على أبسط النعم والحاجات..
ومن أراد أن يعرف قدر الصحة والعافية فليكثر من زيارة المرضى ويرى حالهم ومصابهم.. ويشكر اللّه في كل حال فالبشكر تدوم النعم ..
ثم لا ننسى أن لله حكمة من الابتلاءات.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في سنن بن داوود ( إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم عافاه اللّه منه.. كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة فيما يستقبل)
ولعل بعض الإبتلاءات والمصائب تذكرنا بالله واللجوء إليه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه مصيبة تقبل بها على اللّه خير لك من نعمة تنسيك ذكر اللّه.
وإن طال البلاء على المؤمن فليصبر ويحتسب فلعلها بشارة خير له ( وبشر الصابرين)
ولا يقضي اللّه قضاء إلا هو خير للعبد
يمحصه ويرفع بها درجته في الجنة.
كتابنا
> بين مشهدين
بين مشهدين
07/12/2020 2:22 م
بين مشهدين
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/145296/
التعليقات 1
1 pings
ذوق المعاني
08/12/2020 في 12:12 م[3] رابط التعليق
أحسنتي أختنا الفاضة فاطمة على هذا الطرح المميز دائما كما اعتدتناه منك
وما ذكر من حال الناس في هذا المقال يذكرني بحديث النبي صلوات ربي وسلامه عليه حيث قال : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير …. الحديث
شكر الله لك وبارك فيك ونفع بك