إن الحكم القضائي الأجنبي هو كل قرار صادر عن سلطة قضائية ناطقة باسم سيادة دولة أجنبية. وهو ما أشارت إليه اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، وكذلك اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لدول الخليج العربية. فالعبرة في منح صفة “الأجنبية” للحكم هو صدوره باسم قضاء دولة أجنبية وسيادتها وليس مكان صدوره. والحكم القضائي الأجنبي إذا أُريد تنفيذه خارج محاكم الدولة التي أصدرته فهو لا يرتب أثر تلقائي بمجرد صدوره، وإنما لا بد أن يقترن الحكم الأجنبي بإجراء يضعه موضع التنفيذ، عن طريق تدخل السلطة الوطنية في الدولة المطلوب من محاكمها التنفيذ، وبذلك يتحقق التعايش المشترك بين الأنظمة القانونية لدولة إصدار الحكم والدولة المطلوب منها الاعتراف بالحكم وتنفيذه.
وفيما يتعلق بالمملكة فإن دور القاضي في دعاوى تنفيذ الأحكام الأجنبية يقف عند مراقبة مدى توافر الضوابط اللازمة لقبول تنفيذ الحكم وفقًا للقواعد المقررة في هذا الشأن، ومن أهمها: بأن لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام بالمملكة، وأن يكون الحكم نهائيًا لا يقبل الطعن فيه، وأن تكون الدولة التي صدر فيها الحكم أو الأمر الأجنبي تتعامل بالمثل مع المملكة، وهو ما يُعرف بشرط أو مبدأ المعاملة بالمثل، ومقتضى هذا المبدأ أن محاكم المملكة لا تقبل الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا إذا كانت المحاكم الأجنبية التي أصدرت هذا الحكم، تقبل تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة العربية السعودية بنفس القدر وفي نفس الحدود.
ومحاكم المملكة تتعامل بإيجابية مع طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وإعادة الحقوق لأصحابها، بما يعزز المكانة الدولية للقضاء السعودي فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الأجنبية.
ووفقًا للمؤشرات الموجودة في وزارة العدل، فإن إجمالي طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية الواردة إلى محاكم المملكة في العام المنصرم -١٤٤١هـ – والعام الحالي، قد بلغت ٢٥٨ طلبًا، قد تنوعت ما بين أحكام صادرة من محاكم الدول الأجنبية، وأحكام صادرة من مُحكِمين أو هيئات تحكيم دولية.
كما أكدت وزارة العدل أن ارتفاع تنفيذ الأحكام الأجنبية الواردة إلى المحاكم السعودية خلال الفترة الأخيرة، جاء نتيجة فاعلية نظام التنفيذ وسرعته؛ حيث أن نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي عام ١٤٣٣هـ يقضي بتنفيذ الأحكام الأجنبية مباشرة عبر قاضي التنفيذ، ولا يتطلب إقامة إجراءات دعوى جديدة.