تعد جريمة غسل الأموال من الجرائم الخطيرة، لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية جسيمة على الدولة، وتعتبر من أهم النشطات الاقتصادية الإجرامية، التي تحقق أرباح عالية، حيث تهدف إلى إخفاء المصادر المتولدة عنها، والتي يتأتّى أغلبها من تجارة المخدرات وشتى أنواع الفساد.
وانطلاقا مما سلف تعد جرائم غسل الأموال أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي، ويرى أن عمليات غسل الأموال هي تلك الإجراءات التي يتم اتخاذها لإخفاء مصادر الأموال المحققة عن طريق غير مشروع، والعمل على إدخالها إلى نهر الاقتصاد المشروع، من خلال سلسلة من التحويلات المالية والنقدية.
وفي هذا الإطار نتطرق للغاية من جريمة غسل الأموال: وهي إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة لغرض حيازتها والتصرف فيها، حيث إن المبالغ الطائلة التي تأتي من مصادر غير شرعية لا يمكن إيداعها بالبنك فتخضع للمساءلة القانونية خاصة إذا كان ليس لدى المشتبه به نشاط تجاري، فيلجأ المجرم إلى الوسائل الاحتيالية لتغطية مصدر هذه الأموال.
وعليه يمر غسل الأموال بثلاثة مراحل:
1-الإيداع أو التوظيف: وهي مرحلة التخلص من الأموال غير المشروعة – مثل شراء اليخوت وإعادة البيع – تعد صعبة بالنسبة لغاسلين الأموال بسبب سهولة الكشف .
2-التمويه أو التجميع :وهي دخول الأموال إلى قنوات النظام المصرفي الشرعي من خلال عمليات مصرفية معقدة.
3-الإدماج أو التجفيف :خاتمة المراحل وهي التي تعطي الأموال الطابع الشرعي – من خلال دمج الأموال المغسولة في الدورة الاقتصادية والنظام المصرفي لكي تبدو عوائد طبيعية لصفقات تجارية – تجعل هذه المرحلة كشف الأموال المغسولة صعبة بالنسبة للسلطات.
وحريًا بنا التطرق للأساليب المستخدمة لغسل الاموال: الايداع والتحويل عن طريق المصارف، إعادة الاقتراض، الصفقات النقدية والفواتير المزورة.
ومما لا شك فيه أن جريمة غسل الاموال تتبعها اثار متنوعة ومن هذه الآثار :
اثار سياسية/ انتشار الفساد السياسي والإداري واستغلال النفوذ.
اثار اجتماعية/ عدم توفر فرص عمل حقيقية وتفاقم البطالة.
اثار اقتصادية/ إرباك الأسواق المالية وإضعاف المصارف والبنوك.
وتجد الإشارة إلى الأضرار التي تحلق اقتصاد الدول نتيجة غسل الأموال، حيث إن هذه الأموال الغير مشروعة تؤثر على سوق البورصة وبالتالي فساد مالي، وأيضًا خلق جرائم وبالتالي زيادة معدل الفقر والبطالة
ولم يترك النظام السعودي هذه الجريمة الخطيرة دون عقوبة، بل نص على عقوبتها في المادة السادسة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال وهي بالسجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز عشر سنوات, أو بغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال، أو بكلتا العقوبتين.
وتختلف العقوبة اذا اقترنت الجريمة بإحدى الحالات التالية:
1- ارتكابها من خلال جماعة إجرامية منظمة.
2- استخدام العنف أو الأسلحة.
3- اتصالها بوظيفة عامة يشغلها الجاني، أو ارتكابها باستغلال السلطة أو النفوذ.
4- الاتجار بالبشر.
5- استغلال قاصر ومن في حكمه.
6- ارتكابها من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية.
7- صدور أي حكم سابق محلي أو أجنبي بإدانة الجاني.
بحيث يعاقب المجرم بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على سبعة ملايين ريال، أو بكلتا العقوبتين، وفقًا لما نصت عليه المادة السابعة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال.
ولا يفوتنا أن ننوه على العقبات التي تقف في وجه مكافحة غسل الأموال، وحيث أنها تختلف باختلاف المجالات التي تتم بها عمليات الغسيل، ومن هذه العقبات: ضعف أجهزة الرقابة، عدم التزام المصارف بالمراقبة والتحقيق، عدم وجود برنامج تدريبي للعاملين في القطاع المالي.
ومما يزيد من خطورة هذه الظاهرة ، هو أن الجهود المبذولة لمكافحة عمليات غسل الأموال يقابلها جهود مضادة حيث تشهد عمليات غسل الأموال دخول مجموعات من المتخصصين في مختلف المهن ، يتم توظيفهم من قبل غاسلي الأموال لمساعدتهم في تنظيف الأموال وتحويلها إلى أموال قانونية .