حين يُعاني أحد الزَّوجين من أزمة ثقة في ذاته، وما يُصدره من تصرفات، بحيث يراها صحيحة لكنَّ الضَّغط الاجتماعي و”مقاييس النَّاس” تراها خاطئة أو تقلل من شأنه فإن البيت الزَّوجي هنا مهدد من داخله!
اعتاد الزَّوج أن يقدِّم لزوجته الموظفة أنواعًا من المساعدات التي يفعلها مختارًا بحب، فأحيانًا تجد الزَّوج في المطبخ قد أعدَّ لها إفطارًا صبيحة إجازته، أو قام على شؤون أبنائه وترك زوجته عند بيت أهلها أو صديقة من صديقاتها، وربما عاد من عمله فكان المطبخ مكان وجوده بجوار زوجته يساعدها في إعداد الغداء أو تقطيع السَّلطة! وهذا الزَّوج يُشاور زوجته في كثير من شؤون حياتها حتى في اختيار بعض ملابسه، وأنواع عطوره.. وفي المقابل فإن تلك الزَّوجة تُقدِّر ذلك من زوجها، وتتغاضى عن بعض حقوقها أحيانًا في سبيل إرضائه، وقد تشاركه بمالها في نفقات البيت والأبناء، وقد تتحدث –بفخر- مع بعض المقرَّبات حول سلوك زوجها معها، وتراه من باب التَّحدُّث بنعم الله عليها!
وهذا النمط من التآلف الزَّوجي قد يكون بعيدًا عن بعض المجتمعات، فيكون تناقل تلك الأخبار أول حجر في طريق السَّعادة الزَّوجيَّة؛ فتبدأ القصص تُتناقل حول ذلك البيت، ويضاف إليها بعض المبالغات التي تجعل القصص أكثر تشويقًا، ثم ما يلبث أن تجد الرِّجال يتندرون بذلك الرجل، معتبرينه خروفًا (بمصطلح أهل الخليج) ثم ما تلبث الغيرة والحسد أن تشتعل في قلوب بعض الزَّوجات على تلك الزَّوجة الهانئة؛ فتراهم يقدِّمون لها سُمًا زعافًا في صورة نصائح! أو يحاولون إفساد ما بينهما، وفي أُتون هذا الضَّغط المجتمعي –خصوصًا من الأقارب والقريبات- تتزعزع الثِّقة بين الزوجين، وتغيب بعض التَّصرفات التي كان يعملها بحب، ويحل محلها التَّكلُّف في إظهار المحبة لزوجته، والتَّثاقل في كلمات الحب والشكر التي اعتاد عليها زمنًا مع زوجته، وتكون النُّفوس مشحونةً سرعان ما تثور عند أي خلاف أو اختلاف بسيط!
لذا؛ فإن من المهم جدًا أن يُدرك الزَّوجان أن حياتهما الخاصة في بيتهما هي نموذجٌ فريد لا يتكرَّر، وليس من الصَّحيح تقليد الآخرين في سلوكهم الزَّوجي، فالظُّروف مختلفة، والنُّفوس متنوعة، والحياة أنماط لا يمكن حصرها، وهذا الإدراك كفيل –بعد توفيق الله- ببناء شخصية قوية لا تتأثر سلبيًا بتقييم النَّاس، فحينها يتبسَّم الزوج أمام مجتمعه مُعترفًا ومفتخرًا بأنه “خروف” ولا حَرَج!..
ثم إنَّ النَّاصح المحبّ، والمستشار الصَّادق، والصَّديق الصَّدوق عليه أن يسأل أيًا من الزَّوجين قبل الحكم عليهما: هل أنتما راضيان عن نمط حياتكما؟ فإن كانا راضِيَيْن، ولم يكن في السُّلوك ما يقدح فيه شرعًا؛ فإن من الإجرام أن يتدخل أيُّ طرفٍ خارجي بتقديم نصيحةٍ من هنا أو من هناك!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مؤلِّف، وباحث لغوي واجتماعي
masayed31@