بعد 6 عقود لم ابتعد خلالها عن مدينتي المقدسة مكة المكرمة التي تتميز بروحانية وأجواء خاصة لن تجدها في غيرها، وهذا العام 2021 أعيش تجربة جديدة جدا، أن اقضي شهر الله الفضيل في غير مكة المكرمة – الله يعمرها- وتجربتي هذا العام حيث أقيم في مقاطعة “أرلينغتون” في ولاية فرجينيا التي تقع على ساحل المحيط الأطلسي للولايات المتحدة، وهي جزء من كل من جنوب الولايات المتحدة الامريكية ، وكذلك وسط الأطلسي
أطل عليكم خلال شهر رمضان هذا العام بإذن الله من هنا عبر زاوية “يوميات مغترب ” التي سأتحدث خلالها بشكل يومي عن جانب من جوانب هذه المدينة الحالمة
فقبيل أيام من دخول شهر رمضان المبارك كنت أترقب الأسواق والمجمعات التجارية ، ولم أرى أثر الاستعداد لشهر رمضان كما تعودت والتقيت بعدد قليل جدا من المسلمين والعرب المغتربين ، فلم أجد تأثرهم الكبير في الاستعداد ، غير أن بعض الطلاب والطالبات العرب وخصوصا السعوديين أخذوا يعدون العدة بطريقتهم فمنهم من حرص على تأمين بعض الاحتجاجات لشهر رمضان من تمور وبعض المواد الغذائية والتي لا يتهم بها كثيرا طوال العام ، وزادت حركة طلبات التمور من السعودية عبر الشركات المتخصصة التي تجد مرتعا خصبا بين أوساط العرب والسعودية في مثل هذه الأيام
وفي آخر جمعة من هذا الشهر الفضيل التحقت بفريق تطوعي في مسجد “بتول مكرم” التابع للمركز الإسلامي البنجلاديشي “BIC” ، الذي أعد العدة لشهر رمضان ، فالمركز يقدم إفطار صائم يوميا ، إلى جانب التنظيم والترتيب وتأمين كل الاحتجاجات لإقامة صلاة التراويح خلال ليالي رمضان ، ففريقنا التطوعي استعد قبل دخول الشهر بوضع جدول يومي للإفطار وفتح باب التبرع أمام المحسنين ، إلى جانب إعادة ترتيب مواقف السيارات وبهو المسجد وجوانب عديدة ـ أشعرتنا بشيء مما تعودت عليها خلال الإشراف على مائدة إفطار الصائمين التي تقيمها الأسرة توارثا عن الوالد – عليه رحمة الله – فهذه المائدة منذ أكثر من 40 عاما لم تتوقف بفضل الله ، ووالدي لم يتناول الإفطار قط في رمضان بعيدا عن تلك المائدة التي يستقبل عليها عشرات الصائمين يوميا وفي قارعة الطريق يدعو المارة لتناول الإفطار
نعود لأحوالنا في هذه المدينة ووسط الغربة قضينا الأيام التي تسبق الشهر الفضيل في وضع آخر غير التي تعودنا عليها ، بدأنا الصيام اليوم الثلاثاء 13 أبريل نيسان 2021م وقضيت الساعات الأولى بين حيرة التغيير ، وروحانية الصيام فخرجت من المنزل عصرا اسلك الطريق إلى مسجد “بتول مكرم ” الذي يبعد عن منزل نحو 20كم فالتقيت بعدد من المسلمين من مرتادي المسجد يهنئون بعضهم بالشهر الفضيل وشاركنا في الإشراف على إفطار الصائم وسط أجواء إيمانية ظهرت على محيا الحاضرين ، وعقب المغرب استمع الجميع إلى درس خفيف ، ثم أدينا الصلاة ، ومن محاسن الصدفة أن إمامان تعاقب على إمامة المصلين في صلاتي العشاء والتراويح وكلاهما من خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
غدا يوم جديد من أيام الشهر الفضيل ، في تجربة الغربة نلتقيكم