أخذتُ أهدّئ من روعه وأحتضنه بين ضلوعي ..حين داهمته عاصفة حزن هوجاء لم يشأ لها الخروج ..
همّ يردد بصوت متهدّج : أنتم جميعاً لا تملكون مشاعر إنسانية وتعيرونني وتضعون الأغلال حول عنقي.. ثم تتهامسون في أمري .. أسكنتموني زنزانة موحشة وبداخلي لكم حقد أسود .. وقد بكيت طويلاً وحيداً
جائعاً إلا من رغيف خبز أسدّ به ألم جوعي ..ووحدتي القاسية
أنصتُ له في حزن واشفقتُ على حاله.. و أكمل حديثه في شجن :
لم تكن صفاتي الخَلقية ولوني المختلف وهماً أتخيله ..حين ولجتُ إلى الحياة وحيداً ..لا أعرف غير أمي التي تحتضنني
حين أبكي .. وذاك الذي أسميه أبي .. وأختاً لي تكبرني بأعوام لا أعلمها !!!
في يوم حدثني حدسي أنا من أكون !؟
لاسيما أنني سمعتهم يتحدثون في أمري وينادونني بابن …..
لا أعلم مالذي جعلني أسأل أبي سؤالاً مبهماً لا يتضح كنهه ولا ينكشف أمره :
لماذا لا يندرج اسمك تحت اسمي ؟
ومن أكون أنا ؟!!
أشفق علي أبي ولم يعيرني انتباهاً ..وكأنه يريد إخفاء حقيقةٌ غامضةٌ لم تنكشف بعد.
مرضت أمي وأنا ابن الثالثة عشر ..وماتت وهي تحتضنني
وتحتضن ألمي ..
شعرت لحظتها أن بساط الأمن قد تزحزح من تحت قدمي
وأوشكت على السقوط .. و أول سقوطي خروجي من المدرسة مكرهاً .. لأمارس أعمال المنزل وأعتني بذاك الذي
أناديه أبي ..
أما أختي فعاشت في رخاء العيش .. لا تحمل هماً .
مضت بي السنون سريعا ..
وفي ذات ليلة ومساءٍ حالك الظلمة .. وصمت لا يقطعه
إلا أنين أبي .. ساقتني قدماي إلى سريره وثمّة سؤال يحاصرني..
اقتربت منه وقبل أن أسأله بادرني بقوله : أعلم ما تريد وسأحدثك حديثا لا أخالك تجهله .. وقبل أن يكمل طلبت منه أن لا يزيد فقد تمثلت الحقيقة أمامي ..
قاطعني بقوله : سأترك لك الثلث من الورث عله يحميك من عثرات الأيام وشدتها ..
ثم مات ذاك الذي أسميه أبي .. واستحالت حياتي بركان هائج والمجتمع حولي شررٌ متطاير .. أولهم أختي التي أوصدت دوني الأبواب وعيرتني بنسبي
فمضيت في الحياة .. يوماً أجد قوتي و يوماً أعتصر ألمي
ويالشقائي حين أتى العيد .. واستسرقت سمعي التهاني
فأندس في زنزانتي أخفي لوعة حزني ..وسؤالاً حائراً على شفتي !؟
أنا من أكون ؟! وهل لي من اسمي نصيب ؟
وما ذنبي في خطيئة لم أرتكبها ؟
وقبل أن ينتهي وحيد من حديثه ..سابقته دموعه
لتخبر العالم بأكمله أنه ضحية ..
ضحية لرجل وامرأة أغواهما الشيطان وهوى النفس ..
حتى تخلّق هذا الجنين واستباحت حياته وكرامته وعزته
وفقد هويته .. لا حياة كريمة ولا نسب إنما بطاقة مجهولة كُتِب عليها اسم لقيط ..
وعاش في بؤس العيش _ وحيد _
القصة حقيقة رواها لي صديق وحيد .
التعليقات 3
3 pings
نوسا المعيوف
15/08/2017 في 2:40 م[3] رابط التعليق
لا حول ولا قوة الا بالله ، ع صديقه ان يعزز الروح الايحابية فيه وانه لا ذنب له فيما حدث وهذي اقدار الله ، وعليه الايمان بنا قدر له ، ويتجاوزها بالتوكل ع الله وان الله يحبه كما يحب الاخرين وعليه ان يشكر ربه ويحمده ع ما قسم له وان الانسان يرتقي بنفسه ويتعايش مع الاخرين مستهدفا قوله تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) مع نظرة ايجابية بذاته وتعامله مع الاخرين فلا يحزن ابدا !!!
ذوق
15/08/2017 في 4:20 م[3] رابط التعليق
لاحول ولاقوة الا بالله مؤؤؤؤلمة بمعنى الكلمة المجتمع له دور كبير في ان يعيد لهم الثقة بأنفسهم
لان احيانا تجد منهم من استطاع أن يشق طريقه في الحياة، ويحقق نجاحا وإنجازا عجز عن تحقيقه كثير من الأسوياء لاتؤاخذوهم بأخطاء غيرهم
ومن أبرز الذين سطعوا في سماء الرياضة عالميا الملاكم مايك تايسون، الذي نال بطولة العالم في الوزن الثقيل في رياضة الملاكمة، وهو من أصول أفريقية وهو الذي صرح بأنه مجهول النسب لا يعرف أباه.
وحاليا برز اسم” فيليب روزلر ” الذي قدم من فيتنام إلى ألمانيا لا يعرف أباه، و تبناه رجل ألماني ورعاه حتى نجح في نيل درجة الدكتوراه في الطب و صار وزيرا للصحة في الحكومة الألمانية
امل يوسف
16/08/2017 في 7:14 م[3] رابط التعليق
حقيقة مؤلمة وينبغي أن تعالج مثل هذه الأمور قبل أن يصل الابن او البنت سن المراهقه حتى لايصدم حتى يتعايش مع الواقع وهو طفل ..