منذ ان بدات الحركة الكشفية في العالم قبل اكثر من قرن من الزمان على يد اللورد بادن باول عام 1907 م ،
والكشافة حركة شبابية -غير سياسية- ارتبطت بالتطوع وتنمية روح التعاون في خدمة الغير .. مستهدفة بذلك الشباب والفتيان لتنمية مواهبهم ومهاراتهم البدنية والفكرية والثقافية.. واعدادهم لمواجهة الحياة في كافة مناحيها وظروفها المختلفة مع الاعتماد على النفس وحسن التصرف والتدبير .. وقد حقق كثير ممن التحقو بالحركة الكشفية ادوارا بارزة بعد التحاقهم وظائفهم العملية او حتى على مستواهم الشخصي.. وهناك الكثير من المسؤلين ممن تبؤ مناصب عليا في العالم، قد كان للكشفية نصيب في حياتهم ..
فالكشفية او الكشافة فخرا لمن التحق بها أو انتسب اليها او عمل فيها ..لانها تصقل المهارات الشبابية منذ نعومة اظفارهم وتعودهم على العمل بكل جد وإخلاص كما تغرس فيهم الولاء والتفاني وحب العمل .. ولعلي هنا استحضر شئ من الذاكرة – وذاك النشيد الكشفي- في (التسعينات الهجرية ) لأحد الصيحات الكشفية قديما الذي تقول بعض كلماته ..
(نحن كشافية..
نحن كشافية ..
سعودية ..
دوما نعمل بجد ..
دوما نعمل بجد.. واخلاصية..
نحن الكشافية.. السعودية ) ..
والكشافة السعودية التي بدأ الاهتمام بها منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه عام 1356 عندما التقى وفدا كشفيا فأعجب بفكرتها.. ثم انطلقت عدة فرق كشفية من مكة المكرمة عام 1363 حيث تأسست أول فرقة كشفية في المملكة العربية السعودية ضمن إدارة التربية الرياضية والاجتماعية ..
وفي العام 1381 هجريه أنشئت جمعية الكشافة العربية السعودية وبعد عام واحد إي في العام 1382 تم الاعتراف العربي والدولي بجمعية الكشافة السعودية ،
وفي عام 1384 كان اول تجمع للجوالة العرب والمسلمين في موسم الحج بمكة المكرمة، لتتميز الكشفية في مكة المكرمة بالعالمية في خدمة ضيوف الرحمن الذين يأتون اليها من مشارق الأرض ومغاربها “من كل فج عميق” .. لتتميز هذه الكشفية بشرف المكان – حيث أطهر بقاع الأرض قاطبة.. مكة المكرمة ، والمشاعر المقدسة – عرفات ومزدلفة ومنى – ومن جوار الحرم، بل وفي سائر مكة المكرمة وأحيائها.. في بطحائها وجبالها.. وحيثما وجد سكن للحاج .. تجد الكشاف المكي ومن يعمل معه في خدمة الحاج حريصين على تقديم خدماتهم لضيوف الرحمن .. لينالوا مع شرف المكان .. شرف الزمان في ايام الحج المعدودات التي فيها افضل ايام للعمل الصالح عند الله تعالى .. كما جاء في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله “ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال .. ما من ايام افضل عند الله من ايام عشر ذي الحجة” ..او حديث أبي داود (ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله من هذه العشر ) هذه الايام التي فضلت حتى على الجهاد “إلا ان يخرج رجل بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ” كما جاء في الحديث ،
وفيها افضل يوم أشرقت عليه الشمس .. هو يوم عرفة – او يوم الوقفة بعرفات ..ذلك اليوم الذي تمحى فيه الذنوب.. ثم يفيض الحاج من عرفات الى المزدلفة حيث المشعر الحرام ثم الى منى ..تلك المدينة المعروفة بمدينة الخيام والتي يقضي فيها الحاج يوم العيد الأكبر .. ويوم النحر حيث يقدم نسكه ويرمي جمرة العقبة ويقضي فيها “ايام التشريق الثلاث.. تلك الايام التي لا يرد فيها الدعاء” .. فيعيش الحاج في ذلك المكان بين ادذدحام البشر وتشابه الخيام التي هي مساكن الحجاج ..كما تتشابه فيها الشوارع والمعالم والاعلام .. وهو مايخلط الامر على كثير من الحجاج خاصة كبار السن الذين تتشابه عليهم تلك الشوارع مع الدور ” سكن الخيام ” مع تشابه الوجيه ولباس الاحرام في زي واحد .. وهم يدعون “رب واحد” .. بصوت واحد .. لبيك اللهم لبيك .. مما يتطلب الامر ارشاد التائهين منهم .. في تلك المشاعر المقدسة .. ناهيك عمن يتيهون عند بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين ..فتكون خدمة ارشاد التائهين هي العمل الاكثر تقديما من الكشافين تجاه الحجاج التائهين ..والكشاف يقدم هذا العمل الجليل بنفس راضية ولله الحمد”رغبة فيما عند الله من الأجر والثواب ” رغم مافيه من تعب و عناء .. ولكن كل ذلك التعب والعناء، يزول امام ابتغاء والأجر والثواب من المولى سبحانه وتعالى.. وكم هي خدمة إرشاد التائهين “خدمة جليلة” بما تدخله من فرح وسرور في قلب الكشاف السعودي و قلب كل من عمل بها..قبل قلوب التائهين.. ذلك الفرح الذي يشعر به الكشاف في قلبه.. قبل قلوب التائهين من الحجاج والمعتمرين وزوار بيت الله الحرام .. -خاصة في لحظات اجتماعهم مع اهاليهم- في مناظر ترتسم فيها لوحات من الفرح والمواقف المؤثرة.. التي تتساقط فيها الدموع الممزوجة مع الدعوات..
فتسقط أمامها الكلمات .. بل وتعجز في وصفها كل العبارات .. وكم هي كثيرة تلك المواقف و القصص الرائعة التي كانت وستظل ( بين التائهين.. وجهود الكشافين ).. بما تحمله من ذكريات كثيرا ما اختلطت فيها الدموع والدعوات.. لترسم قصصا تستحق ان تذكر فتشكر ..وان كان الكشاف هنا لايبحث عن الشكر بقدر ما يهمه الثواب والاجر من المولى سبحانه وتعالى في رحلته التي عاش فيها ” مع الحاج .. يدا بيد وقلبا وقالبا ” ليكون هذا الكشاف ساعدا من سواعد الخير ..في خدمة ضيوف الرحمن وزوار بيت الله الحرام .. وكم هو فخرا لمكة وأبنائها وللمملكة العربية السعودية وشبابها هذا الكشاف المكي الشهم الذي أثبت إخلاصه وتفانيه وحبه للعمل.. رغم الظروف الاستثنائية لحج هذا العام في ظل جائحة “كرونا” الا ان الكشاف المكي ظل صامدا في خدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار بيته الكرام ..ليؤكد الكشاف السعودي أنه نبراسا في العمل التطوعي ..وما نجده من فرق جمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة التي شرفت بالعمل على خدمة حجاج هذا العام إلا نموجا يحتذى ..ناهيك عن فرقة – كشافة شباب مكة المكرمة -وغيرها من الفرق الكشفية التي نذرت نفسها للعمل التطوعي طوال العام وخاصة المواسم كالحج ورمضان وفي الإجازات ..خاصة في الحرم المكي وفي بعض المساجد .. كتنظيم الدخول للمساجد وتحقيق التباعد بين المصلين .. وتوزيع الكممات وقياس درجة حرارة المصلين وتوزيع المظلات والسجاجيد لمن لا يحملها معه والمساهمة توزيع السلال الغذائية على المحتاجين وغيرها من الاعمال الجليلة التي يقوم بها الكشاف في خدمة مكة المكرمة وزوارها .. فهنيئا لمكة بهم .. وهنيئا لهم بشرف خدمة مكة المكرمة ..والجمع بين شرف الخدمة في الزمان والمكان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وناقد صحفي