قد نخطىء ونكتشف في وقت متأخر بأننا أخطأنا ونظن بأنَّ الزمن قد أغلق أبواب التصحيح وأحكم إغلاقها متناسين بأنَّ قرارتنا هي أمر يخصنا بالدرجة الأولى وبأننا نحن من يصنع القرارات دون تدخل من الزمن، فإنْ أخطأنا وجب علينا أنْ ننتشل أنفسنا من براثن ذلك الخطأ بغض النظر عن بُعدي الزمان والمكان، من البديهي بأنَّك لو أردت قطع البحر فلن تقطعه بالسيارة حتى ولو كانت السيارة متجهة بإتجاه البحر، بل ستوقف السيارة لتستقل إحدى السفن، فلا تكمل السير في طريق خاطىء حتى وإنْ بدا لك ناعماً حريراً، بل اتبع الطريق الصحيح حتى وإنْ كان وعراً ضباباً فمصيرك أنْ تصل إلى وجهة ما، لذا ضع نصب عينيك أن تصل إلى وجهة لا ترجو منها عودة، وجهة تنسيك مر الطريق ولحظات الضعف واليأس ليدب فيك دبيب الحياة بعد العناء.
اختر الطريق الصحيح مهما بلغ بك الأمر، ولاتنظر إلى الحياة وكأنك تشاهد صورة ما، بل عليك أنْ تنتقل من الصورة المجردة إلى عمق الصورة وماهيتها، ما يعني إلى عالم الحقائق في كل ما يدور حولك، وسع مداركك وكن ذا نظرة ثاقبة، كن حريصاً بأن تكون خياراتك نابعة من قناعاتك التي كونتها بعد سلسلة من الخبرات والتجارب سواءَ ما مررت به أو ما مر به الأٌقربون من حولك، فليس من المعيب أنْ نخطئ، ولكن كيف نخرج من ذلك الخطأ بأقل ضرر ممكن، ولن يكون ذلك إلا إذا أسرعنا في تحقيق الصلاح حين ندرك الخطأ، ليس من المجدي أنْ نماطل أو أنْ نعيش في سلسلة من الأخطاء تاركين للدنيا أن تلد لنا الحلول دون أدنى سعي أو تفكير منا، عدا التأفف والتضجر والتحسر على قرار قد اتخذناه، لابد وأنْ ننهض قبل أنْ يغمرنا غبار الحياة حتى نكاد أنْ ننسى أنفسنا، أو أنْ نقف أمام المرآة ونتسائل من نحن؟ ومن هو الشخص الواقف في المرآة أمامنا؟ والذي لايبدو لنا بأنه انعكاس اجسادنا، إنما انعكاس أرواحنا، انعكاسٌ باهتٌ يعكُس اضمحلالَ أرواحنا، هكذا ستبدو إذا ما أخطأت الاختيار وكابرت على نفسك و واصلت سلكَ الطريق الخطأ دون أنْ تكلف على نفسك عناء تصحيحه، جاهد لكي لا تصل إلى تلك اللحظة، اللحظة التي لا تعرف فيها من أنت وكيف مرَّ بك العمر دون أنْ تحياه كما أردت وكما حلمت. لا تجعل من حياتك محطة عبورٍ للأخرين يقفون فيها ليأخذوا منها العبر ثم يرحلون، بل كن مثالاً للنجاح والتخطيط السليم، ومثالاً أكبر للصلاح والإصلاح، ولا تدع غيرك يقرر عنك فالله أعطاك ما أعطاهم، لست بأقل منهم، وهذا لا يتنافى مع أخذك بالمشورة والنصح ولكن لا تحرق نفسك ولاتقسو عليها فتلك الروح في جسدك هي لك وليست للآخرين ومن حقك أن تحياها كما أردت، كما ويجب عليك أنْ تحافظ عليها كما أمرك الله سبحانه وتعالى، لم تزرع روحك في جسدك لتكون منالاً سهلاً للآخرين.
ارسم لمستقبلك الصورة التي تريد ثم هيىء الطريق لتصل إلى تلك الصورة كما رسمتها تفصيلاً وبكل ما تحمله من جماليات، اعرف ما تريد أولاً واصنع أفكارك وغذها وكون قناعاتك وابنها، لست مجبراً على تبرير تلك الصورة التي رسمتها وفق احتياجاتك ورغباتك، كما ولست مجبراً على سلك طرق الآخرين أو شق الطرق لغيرك دون التفات إلى نفسك، كن عوناً للآخرين وكن عوناً لذاتك أيضاً ولاتنسها في خِضم الحياة، خصص لها وقتاً وقدسه حتى لاتضحي به فتجد نفسك تائهاً في مساحات الحياة الفارغة.
انهض الآن واسأل نفسك أين أنت؟ وهل حقاً وصلت إلى ما تريد؟ أم أنك سلكت طريقا خاطئاً؟ ثم تذكر لا زال الوقت أمامك لإحداث التغير ولا زال العمر أمامك لرسم صورة أخرى وتحقيق طموحات أخرى، ستصل حتماً فقط كن أنت كما تريد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*إعلامية عمانية