أن من اساسيات دوام العلاقات وأحد قوانينها التغافل، أن التدقيق في جميع الأمور والتساؤلات العقيمة لها أثرها السلبي في العلاقات وليس بالأمر الإيجابي، ودائماً ما يكون أصحاب ذلك الفكر أو المنهج محدودي التفكير لا تدوم علاقاتهم، أن من فنون الحياة تعلم فن أو مهارة التغافل ويعرف “بإظهار الغفلة عن عيب أو نقص مع علمك به واطلاعك عليه تفضلاً على المتغافل عنه وترفعاً عن صغائر الأمور وتوافهها”، إن التغافل أو التغاضي فن لا يجيد التعامل به إلا القليل ودائماً ما نجد أصحاب ذلك الفن يعيشون بسلام داخلي ورضا ويمضون في حياتهم إلى الأمام ويتلمسون دائماً مواطن الجمال في الآخرين ويبتعدون عن مواطن العيوب والنقص والانتقاد ليس نقصاً أو ضعفاً منهم لكن يعرفون نتائج عدم التغافل على العلاقات، أن فن التغافل فن تعامل به حبيبنا المصطفي عليه الصلاة والسلام في حياته قال تعالي ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) ( سورة التحريم، آية 3)، عن عبد الله ابن مسعود قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (لا يُبلّغِني أحدٌ عن أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر) رواه الامام احمد، وجاء في الاثر قال أكثم بن صيفي رحمه الله: (من شددَ نَفّر، ومن تراخى تآلف، والشرف في التغافل)، أن التغافل عن أخطاء الآخرين لا يعني السذاجة أو الضعف وقلة الحيلة بل هو فطنة العقل وذكاء وحكمة، قال معاوية رضي الله عنه (العقل مكيال: ثلثه الفطنة، وثلثاه التغافل)، وقال الشافعي (الكيّس العاقل هو الفطن المتغافل)، أن فن التغافل خلق رفيع ومن شيم الكرام وهو دليل على سمو النفس والارتقاء فهو رسالة ود واحترام وخلق عظيم قال الامام احمد ابن حنبل (تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل)، نعيش اليوم في حياة متسارعة تكثر بها متطلباتها مما ينتج عنها كثير من الأخطاء المقصودة وغير المقصودة وحلها أن نتعلم فن التغافل فكثير من الخلافات والمشاكل التي تقع سببها عدم التغافل فنحن بحاجة أن نتعامل بذلك الفن مع زوجاتنا وأبنائنا والأصدقاء ومجتمعاتنا، أن للتغافل فوائد كثيرة من أهمها راحة البال والطمأنينة مع الذات فالذي يتغافل عن الزلات يعيش محباً لمن حوله محبوباً منهم سليم الصدر من الأحقاد ولهذا كانت العافية كلها في التغافل عن أبي بكر بن أبي الدنيا أن محمد بن عبد الله الخزاعي قال : سمعت عثمان بن زائدة يقول :العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل قال : فحدثت به أحمد بن حنبل فقال : العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل.
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com