عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)، أن ارتكاب الأخطاء التي هي من صميم طبيعة الإنسان وأن أدراك تلك القاعدة في حد ذاتها يجعل الأخطاء ربما تبدو أقل حماقة وأكثر قربًا من كونها طبيعة بشرية، ولكن كثير ما يرتكب الانسان الخطاء في حق نفسه وهنا الكارثة الحقيقة حيث أن الخطاء في حق نفسك تقلل من شعورك بالهدوء والسلام النفسي، وينتج ذلك عن عدم الايمان بأن الأفعال الإنسانية تحتمل الخطأ والصواب والمزايا والعيوب وأن التفكير الدائم في المزايا والعيوب يسرق متعة الاستمتاع بالحدث نفسه، ويعظم أثر الخطاء في حق النفس عندما نتحمل ذلك الخطاء من أجل إرضاء الآخرين فنلعب دور الرضا بصمت مؤلم وداخلنا زلزال كاد أن يخرج للوجود على الرغم أننا في كل يوم نجلس على عتبة الندم واستحضار شريط العمر ونصارع رغباتنا واحتياجاتنا وإشباع الذات من أجل التمسك بأشخاص في حياتنا أو معتقدات اجتماعية أو غيرها من الأمور من أجل ارضائهم ونكون حينها قد أخطئنا في حق أنفسنا أخطاء لا تغتفر، أن الوقوع في دائرة الخطاء في حق النفس وانتهاج سلوكيات لا تأخذ بعين الاعتبار دروس الحياة وتجعل التجارب السلبية والاستفادة منها مبدأ لها، متجاهلين حقيقة أن الإنسان قادر على تغيير الأحداث بتغيير سلوكياته، مع تبرير الدائم أن خطائنا في حق أنفسنا ناتج عن الخوف من الفقد أو المجهول بحيث يصبح تكرار الخطاء ذاته هو الخيار الأسهل والأسلم بسبب معرفتهم المسبقة بالنتائج وحتى إن كانت سلبية على حياتهم، ماهي إلا جريمة ترتكبها في حق نفسك، قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم “، ما أجمل تلك القاعدة فعلاً أن محاسبة النفس حق لها مكتسب وكذلك من حقها أن لا نخطأ في حقها، محاسبة النفس ومحادثتها بداية لرفع الظلم عنها من كثير من الخطاء التي نرتكبها في حقها من أجل مسميات لا قيمة لها ومن أجل تحقيق ذلك لا بد أن يكون حديث النفس صادقاً شفافاً بعيداً عن الخوف من خسارة الآخرين فخسارة الأشخاص و الأشياء لا تساوي خسارة النفس، ومن أجل تجاوز ذلك اعترف بخطئك في حق نفسك، واعتذر منها، وتخلص من كل شخص أو شيء كان سبباً في خطاءك في حق نفسك فهو لا يستحق أن يكون في قاموس حياتك، فخطأك في حق نفسك ظلم لها.
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com




