إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللهم اجرني في مصيبتي ، تلقيت صباح الأربعاء الـ20 من أكتوبر في العاصمة الامريكية واشنطن خبرا صاعقا ، ونبأ مؤلما أنفطر على اثره قلبي واهتزت اركاني ، وعشت نوبة حزنٍ لا توصف ، هكذا وبدون سابق انذار ، وصلني نبأ وفاة رفيق الدرب، والصديق ، والاخ الحبيب الذي امضينا سويا ” أكثر من أربعة عقود ونصف العقد ” من الزمان ولم نختلف فيها ولو لساعه ، رحل “المتين” بكر إبراهيم وذهبت ابتسامته التي تعودنا عليها ، وفقدت أخا وصديقا ورفيقا لا يتكرر ابدا
استرجعت شريط الذكريات على عجل رغم طول المدة التي تجاوزت أكثر من أربعة عقود ونصف العقد من الزمان ، ونحن بمقربة من بعض ، امضينا مرحلة شبابنا في وئام ، حتى تجاوزنا العقد الخامس من العمر سويا دون اختلاف ـ فرحل إلى جوار ربه وتركني في الدنيا وحيدا اعاني من الم الفراق
تلقيت قبيل ثلاثة أسابيع ونيف اتصالا هاتفيا منه يعاتبني على عدم زيارتي له اثناء فترة مرضه ، فلما علم أنني كنت في ذات الفترة طريح الفراش فعذرني بعفويته المعهودة كالعادة ، وفي مساء اليوم التالي باغته بزيارة لمنزله ، وصابني الذهول حيت التقيته ، لأني وجدت أثر المرض ظاهرا عليه ، فوزنه – عليه رحمة الله – نقص وشكله اختلف كليا ، فتسامرنا تلك الليلة وكأنها ليلة وداع ، وكانت اكفانه تنسج في الغيب ونحن لا نعلم ، جلسنا جلسة موادع وهو في اعداد الموتى ، تحدثنا في كل أمور الدنيا ، وذكّرنا بعضنا بالموت والاخرة ، وتذاكرنا من فقدناهم من اعزاء وأخرهم “أبا مؤيد” يحيى برناوي الذي سبق رفيقه
وفي مساء اليوم الثاني ويوم تشيع جنازته وَضُعْتُ اصابعي عَلِيَّ لَوْحَةِ الْمَفَاتِيحِ لاكتب كَلَاَمَةً فِي حَقَّةٍ، فَوَجَدَتْ أَصابِعِيَّ صَامِدَةُ جَامِدَةُ لَا تَتَحَرَّكْ ، لان ما اريد كتابته تعبيرا عن رثائي في حق رفيق دربي وأخي الذي لم تلده امي ، أن خبر وفاته أقسى ما وصل إلى مسامعي منذ فترة ليس بقصيرة ولم يكن مؤلما فحسب بل شكّل صدمة عنيفة ، لأنه غيّب من ارافق ، وهذا ما جعلني أتجرع الم الفرق والغربة معا ، كنت اتمنى ان أكون في مقدمة مشيعيه بل اشارك في غسل وتكفين جثمانه الطاهر، لكن لرب العبادة احكام وهكذا هي الدنيا تجمع وتفرق تقرب وتبعد
لكن أقول اللهم أبدله داراً خيراً من داره واهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنة وجنبه عذاب القبر ونجه من عذاب النار ، اللهم عاملة بما أنت اهله ولا تعامله بما هو اهله ، اللهم اجزه عن الاحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً ، اللهم إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم ادخله الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابق عذاب ، اللهم اّنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته ، اللهم انزله منزلاً مباركاً وانت خير المنزلين ، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم انه عبدك وابن عبدك الحبيب الصديق الاخ الزميل ورفيق الدرب بكر إبراهيم خرج من الدنيا وسعتها ومحبوبيه وأحبائه إلي ظلمة القبر ، اللهم انه كان يشهد أنك لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به. ،اللهم ثبته عند السؤال ، اللهم وارزقني واهله وذويه الصبر والسلوان ، واربط على قلبه أمه الـــ” ثكلى” ، وعوض ” أرملته” الصبورة خيرا في الدنيا ، واجعلنا من الذين قال الله فيهم “الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”