كورونا وعاداتنا
منذ أن انطلقت جائحة كورونا في العالم بتلك الطاقة العالية التي حبست فيها خلق الله في بيوتهم، وجعلت الحكومات تعتمد العمل عن بعد حتى الدراسة كانت عن بعد حقق خلالها الطلاب والطالبات معدلات عالية جداً في النجاح بعيدا عن سطوة المعلم وقريباً من إمكانية الغش لمن كانت ذمته ضعيفة، وقربت العائلة الواحدة بعضهم من بعض تعرف الأب البعيد على أبنائه واكتشف صفات ومهارات لم يكن ليكتشفها لولا جائحة كورونا التي حبسته.
انتهت كورونا وبدأ الفتح التدريجي مع قيود صارمة حتى على مساجد الله، هذه القيود أعطت فرصة للمجتمع الرافض لبعض العادات ولم يكن يملك إلا أن يستمر فيها أعطته فرصة في التخلي عنها بكل أريحية ودون أن يجد لوم من أحد بل أن من يلومه يلام من المجتمع بأكمله. بالطبع اندثرت أو كادت عادات ودخلت عادات جديدة ليس لكورونا سبب فيهما.
أفراحنا اقتصرت على عدد قليل من المدعوين، والبعض فضل ألا تكون في قصور الأفراح، ضيفاتنا في المنازل كادت أن تختفي ليستعاض عنها بأسلوب جمع الزائرين في ليلة واحدة وكأننا نتخلص منهم ومن هم لقائهم فرادى حتى أيام العزاء تقلصت بقدرة قادر ليومين ومن كان يعتقد ببدعية أيام العزاء (موضوع طويل) وجدها فرصة للتخلي عنها ويكتفي بالعزاء في المقبرة أو عبر الهاتف لمن لم يحضر الدفن، المبالغة في السلام والأحضان والقبل ظاهرة كنا نتميز بها وتستغربها بعض الشعوب بل تتهمنا أحياناً من أجلها، أستطاع المجتمع أن يقلصها بل الكثيرين تجنبوا عادة القبلة عند كل لقاء.
هل كنا ننتظر جائحة كورونا لنجد سبباً في التحول عن عادات كانت مرفوضة في دواخلنا لكننا لم نكن نملك جرأة التغيير فكانت الجائحة سنداً لنا.
وهل هذه الجرأة المسببة فتحت لنا أبواباً لتغييرات قادمة في عادات المجتمع، خاصة تلك التي نرفضها في دواخلنا ونمارسها رغماً عنا، أتمنى ذلك. الجميل في الموضوع أن ما حدث يتلاءم مع الحياة بوتيرتها السريعة ويتفق مع أسلوب العمل الذي لم يبق للفرد وقت لعادات فرضت عليه.