قبل أكثر من ثلاثة قرون حينما شرع الإمام محمد بن سعود في تأسيس الدولة السعودية، كانت الجزيرة العربية تعيش في تفكُّك وانعدام للأمن والسلام، وتناحُر بين القبائل المحلية؛ ليتحقق بهذا التأسيس الأمنُ والاستقرار والوحدة، ويستمرّ البناء والتنمية والتوحيد.
عن الأوضاع السياسية والاجتماعية في شبه الجزيرة العربية قبل تأسيس الدولة السعودية، أي من قبل أكثر من 300 عام، يتحدث لـ”أخبار 24″ الدكتور بدران الحنيحن مدير الأبحاث والدراسات التاريخية في “بوابة الدرعية”.
انعدام الوحدة في الجزيرة العربية
ذكر الحنيحن أنّ الجزيرة العربية توحَّدت في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، ولكنها بعد انتقال عاصمة الخلافة من المدينة المنورة إلى الكوفة لم تعرف الوحدة وبقيت عُرضة للنسيان ولم ينصبَّ اهتمام الحكام والولاة في عهد الدولتين الأموية والعباسية وغيرهما من الدول المتعاقبة إلا على مكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك لخدمة الحجاج ومراقبة طرق الحج مع العناية ببعض الأقاليم المحدودة المجدية اقتصادياً.
قائد الوحدة في الجزيرة العربية
وأضاف أن الجزيرة العربية كانت في حاجة ماسّة إلى قائد من أبناء بيئتها يعرف تفاصيل المنطقة وتراثها وبلداتها وقبائلها، ويسعى مع أبنائها إلى تشكيل الوحدة الوطنية، وفعلاً هذا ما قام به الإمام محمد بن سعود؛ فقد استطاع تأسيس الدولة السعودية الأولى وبدء المشروع، واستطاعت الدولة توحيد 95% من أراضي الجزيرة العربية، وقد كانت تُدار من القصور الطينية القائمة في الدرعية عاصمة التأسيس وعاصمة الدولة السعودية الأولى التي ما زالت جدرانها شاهدة حتى اليوم.
الحياة الاجتماعية قبل التأسيس وبعده
أشار إلى أنّ عدم الأمن وفقدان الاستقرار وتفشي التناحُر بين القبائل والبلدات المتفرقة في الجزيرة العربية كان قبل تأسيس الدولة السعودية عامّاً فيها، ولكن الحنكة والأسلوب القيادي الذي اتبعه الإمام محمد بن سعود استطاع – بفضل الله – أن يوحّد هذه البلدات والقرى.
ومع اختلاف الثقافات والعادات في المناطق الشاسعة من الجزيرة العربية؛ فإنّ المواطنين في تلك البلدات والقرى من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب كلهم كانوا يدافعون عن عاصمتهم الدرعية في زمن حصارها عام 1818م، وهنا يتجلى المعنى الحقيقي للمواطنة.
عموم الأمن والاستقرار في الجزيرة العربية
وبيّن أنّه برغم اتساع رقعة البلاد فإن الأمن والاستقرار والوحدة عمّت ربوع الجزيرة العربية، فقد ذكرت المصادر التاريخية مثل كتاب “عنوان المجد” للمؤرخ عثمان بن بشر أنه في تلك الحقبة وبسبب انتشار الأمن والاستقرار ارتفعت العوائد الاقتصادية للدولة، وكان أكبر مثال في الدرعية وجود سوق الموسم الذي يأتيه الباعة من جميع مناطق الدولة ومن خارجها، وذلك لاستتباب الأمن.
كيف كانت تُدار شؤون الدولة السعودية الأولى؟
أجاب الحنيحن أنّ العاصمة في الدولة السعودية الأولى هي الدرعية كما هو معروف، وكانت شؤون الدولة تُدار جميعُها من هناك، وبالرغم من اتساع الرقعة الجغرافية للدولة فإنّ الإمام محمد بن سعود وأئمة الدولة السعودية الأولى كذلك كانوا يُرسلون البعثات القيادية والعسكرية والعلمية إلى أرجاء البلاد المترامية الأطراف، فيعود هؤلاء إليهم بتقارير مفصَّلة عن كل منطقة يزورونها، ويذكرون لهم التطورات فيها بالتفصيل من جميع مناحي الحياة.