نعيش اليوم في المملكة العربية السعودي نقله نوعيه بما تعنيه الكلمة على جميع المستويات مما أثر بشكل مباشر وجذري على الأسرة السعودية وخصوصاً أن مجتمعنا يعيش بمفهوم الأسر الممتدة التي تتكون من الأبوين والاخوان والأخوات والعمات والخالات والأخوال والأجداد، تنقسم الأسرة السعودية إلى قسمين رأسين الرجال النساء ولكل منهما دوره في الأسرة، ولكن في سنوات الأخيرة تغيرت تلك المفاهيم ولم يعد المفهوم القديم موجود مما تسبب في تغير الأدوار داخل الأسرة السعودية، مما أثر بشكل واضح على الحياة الاجتماعية في المملكة، على رغم أن مفهوم الأسر الممتدة ما زال يحاول الصمود في وجه تلك المتغيرات من باب المحافظ على القيم و التقاليد والعادات من وجهة نظر حاملين ذلك المفهوم في التربية، ولكن عند مناقشه مفهوم الهوية أو الشخصية الجديدة بمفهومها العصري نجد أن التغيرات اليوم أصبحت تلعب دورا محوريا ليس في الحياة الاجتماعية فقط بل وفي الحياة الاقتصادية والسياسية وحتى ذات الفردية تأثرت بذلك، فكل فرد من افراد العائلة أصبح له توجه خاص رغم أنه يشترك معهم في النسب والسكن والحياة والمفاهيم والعادات والالتزامات والمسئوليات الاجتماعية.
السؤال هنا كيف غيّر التطور الذي نشهده اليوم في تركيب العائلة السعودية؟
تمر المملكة العربية السعودية حاليا بتغيرات اجتماعية لم يسبق لها مثيل ونتيجة لتلك التغيرات الديموغرافية أصبحت هناك فجوة بين الأجيال، فلو قابلت عينة من الأطفال والشباب والبالغين والمسنين ستكون لديك خمس وجهات نظر مختلفة تماما عن أنواع السلوك والفكر والطموح والتربية، وتجد أن هناك تباين واضح بين الفئات في الفكر والتربية ناتج عن حجم النقلة الحضارية بين الأجيال، وعلى رغم من عمليات التطور السريعة ألا أن مفهوم العائلة الممتدة لا يزال موجود على رغم ان النماذج السلوكية تغيرت بسرعة غير محسوسة فمازال مفهوم التربية وتكرار النسخ التربوية والمفاهيم سائد رغم عدم تقبل الفئة الناشئة من الشباب لذلك، وهنا لا بد أن نناقش فكره هل الاستمرار في تربية الأبناء بالمنهج القديم يعتبر منتج وصالح في بناء الأجيال القادمة أم لا؟
أن المجتمعات البشرية في تقدمٍ وتغير مستمر، ويمكن أن يكون في هذا التقدم الخير ولكنه ليس كامل فليس كل ما هو جديد أفضل والتربية تعني اكتساب الطفل المعلومات المهارات والسلوكيات وتوفير كل الوسائل التي تعين على نموه من جميع الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية والفكرية والأهم من ذلك غرس القيم، من الصعب وضع حد أو مستوى بين الأساليب القديمة والحديثة في التربية لأنّ المجتمعات ترتقي بالتربية انطلاقاً من ميول وقدرات الأبناء واعتماد على الخبرات ومكتسبات الإباء مع الأيمان الكامل بقاعدة أن ما يصلح في الماضي لا يصلح الآن وما يستخدم الآن لا يصلح في أن يكون في السابق فحاجات الإنسان متعددةً ومتطورةً وتركيبة البيئة المحيطة تحكم ذلك ففي السابق كانت حاجات الفرد محدودةً جداً وداخل أطار مقصور على محيط ضيق ومبنية على التقليد والطاعة العمياء دون الحق في إبداء الرأي، أما اليوم فقد أصبح الطفل أو الطفلة رجلاً أو أمرأه وهو في سن الطفولة يفترض أنه يتربى على أن يقتنع بأن ما يتعلمه هو ما ينفعه ومعرفة ما يحتاجه لذا عليه استيعاب هذه المفاهيم، وخصوصاً أن طفل اليوم أصبح يكتسب المعرفة والعلوم من مصادر متعددة قد تبعد عنه الاف الاميال مما جعل جانب التربية يتسم بمبدأ السهل الممتنع فمع أن الأمور أصبحت أسهل لكنها أصعب في التوجيه والتحكم وتنقيح ما يتلقاه الطفل ويؤثر في نمو سلوكياته، مما يجعل من الدور الملقى على الجهات ذات الصلة والخدمة المجتمعية كبير جدا في بناء جسور التواصل بين الأجيال من أجل سد تلك الفجوة الحضارية مما يساهم في خلق بيئة تربوية صحية عن طريق الدورات وورش العمل والتوعية الإعلامية الهادفة وتهيئة الاباء من أجل نشر المفاهيم وطرق التعامل في المرحلة القادمة.
بندر عبد الرزاق مال
باحث دكتوراة بجامعة (مالايا) ماليزيا
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com