اعتدنا في كل عام أن نحتفل باليوم الوطني السعودي الذي يوافق الـ23 من سبتمبر، وهذا العام هو اليوم الوطني الـ 92ويأتي هذا العام وفق مقومات مختلفة برزت فيه المملكة العربية السعودية بروزا واضحا وجديرا بالاهتمام على الصعيد المحلي والعربي والدولي، ويأتي في مقدمة ذلك نجاحها الباهر في التعامل مع جائحة كورونا نجاح اقترن فيه الرقي الإنساني العظيم بالتصدي بكل قوة وحزم وأخلاق وقيم وحضارة حيث بدأت بالمواطن السعودي والعناية به وفق الانظمة والإجراءات والاحترازات في داخل المملكة وخارجها حيث صدرت التوجيهات السامية بتقديم أقصى درجات الرعاية والاهتمام حيال المواطنين الذين كانوا في الخارج وإسكانهم في أرقى الفنادق والتكفل بمعيشتهم ورعايتهم ومن ثم نقلهم بالطائرات إلى المملكة وحجرهم صحيا حرصا على سلامتهم وراحتهم بتكاليف لم تنظر الدولة إلى مبالغها بقدر ما نظرت إلى سلامة المواطن أولا .
تلا ذلك ما وجه به خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بتقديم العلاج للجميع سعوديين ومقيمين وحتى مخالفي أنظمة الإقامة دون أي تفرقة أو تمييز وأيضا دون النظر إلى حجم التكلفة الباهظة لذلك ولهذا خرج سفراء دول عظمى مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها يتحدثون بإعجاب مذهل عن الإدارة السعودية للأزمة فالتقنية وصلت حدودا متقدمة لم تبلغه دول كبرى : ومن ذلك في مجال التطبيقات بأنواعها التي يسرت وسهلت انهاء الإجراءات بشكل ميسر وسريع .
أما في مجال التموينات والخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية فقد قدم ذلك بشكل رائع ومتميز، وطلب أولئك السفراء من رعاياهم عدم مغادرة المملكة العربية السعودية والتمتع بهذه الخدمات والاستفادة من هذه الامكانيات الرائعة خصوصا وهم يرون ارتفاع حالات الإصابات والوفيات وضعف العناية والرعاية وترك المرضى يموتون لقلة الأجهزة التنفسية وضربوا الأمثلة الإيجابية لحقوق الإنسان وأنها تمثلت فيما تقدمه المملكة العربية السعودية خلال الجائحة . وعندما تيسر اللقاح كانت المملكة سباقة لذلك إذ وفرت قرابة أربعين مليون جرعة
ولما كانت الحالات والوفيات تتزايد عالميا وجدنا المملكة العربية السعودية تسجل تناقصا ولله الحمد في ذلك نتيجة الخدمات والترتيبات والتنظيمات العظيمة للتعامل مع الجائحة، كما أن مملكة الإنسانية وقفت بقوة ودعمت الإجراءات الدولية وكانت من أعلى الدول عالميا في التبرع لصندوق الجائحة الدولي كما أن ذلك توافق مع رئاستها لاجتماعات دول العشرين الأقوى اقتصادا في العالم وأدارت بحكمة ومسؤولية هذه الاجتماعات وأسهمت في توافق دولي سياسيا واقتصاديا وصحيا وتنمويا وتقنيا في العمل لتخفيف آثار الجائحة ودعمت الاقتصاد المحلي لتعويض المتضررين وأنفقت الكثير لحماية المنشئات الاقتصادية لكي تستمر عجلة الاقتصاد وهو أيضا ما أسهمت به عالميا في مساعدة الدول على تجاوز ما حل بها من متطلبات صحية واجتماعية ورأينا أساطيل النقل السعودية تنقل مساهماتها العينية من أجهزة طبية وخدمية وملايين الجرعات للوقوف بجانب هذه الدول بكل إنسانية وتحضر.
هذه المملكة العربية السعودية التي بدأ حكامها آل سعود في الدرعية يحكمونها من النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي من سنة 1446 ميلادي بمعنى أنهم أهل بعد تاريخي في ممارسة الحكم يمتد على مدى ستة قرون .
كما أنها تعد امتدادا للدولة السعودية الأولى قبل 300 سنة عندما تعاهد الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله على حماية عقيدة التوحيد ونشر رسالة الإسلام الخالدة ثم جاءت الدولة السعودية الثانية لتكون استمرارا للحاضنة الشعبية التي كانت ترى عزها ومصالحها وصلاحها في استمرارية هذه الدولة التي انبعثت من قلب المعاناة لتكون إرهاصاً للدولة الثالثة التي نعيش فيها الأن حيث اهتم فيها الملك عبدالعزيز رحمه الله اهتماما بالأمن ونشر الاستقرار بدلا من حالة الصراع القبلي واللا استقرار في مختلف المناطق ومنها مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتروي لنا الكتب الموثقة قصصاً مأساوية عن الأمن قبل عهد الملك عبدالعزيز، وكيف كان قطاع الطرق واللصوص، ومقتحمو البيوت لا يجعلون الناس في حالة لا يأمنون فيها على أنفسهم، فجاء الملك عبدالعزيز بعون من الله ثم بحزمه وعدالته فطمأن الأنفس، وأوجد الأمن، وحارب الجريمة حتى شهد الحجاج والمعتمرون في عهده أمناً واستقرارا أسهم في نشر الإسلام في جميع أنحاء العالم، حيث تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين إلى عهدنا هذا.
وتروي مجلة المنار المصرية في عددها 30ـ2ـ1343بأن الحالة كانت سيئة في الحجاز، وأن الحجاج كانوا يقتلون وينهبون في العهد الذي سبق الملك عبد العزيز، كما إنها ذكرت في 29ـ2ـ1346هـ بأنه لا داعي لخروج المحمل المسلح لحراسة الحجاج، لأن الأمن في الحجاز إبان حكم الملك عبدالعزيز أتم وأكمل منه في مصر..
وواصل أبناء الملك عبد العزيز رحمه الله جميعا المسيرة من بعده الى أن جاء عهدنا الزاهر بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزبز يحفظهما الله وفيها رأينا عهدا زاهرا أطلقت فيه رؤية 2030 وشحذت الهمم وطُور أداء الجهاز الحكومي وأعلن عن مشاريع ضخمة وتم وطُورت الأنظمة العدلية وحقوق المرأة وفتحت مجالات السياحة وزيادة الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط وتمت محاربة الفساد والضرب بيد من حديد على الفاسدين.
وأصبحنا ولله الحمد دولة يحسب لها العالم ألف حساب وشهد الأمن تطورا ملحوظا حتى حقق المركز الأول ضمن منظومة الدول العشرين الأقوى اقتصادا في العالم وأظهر قوة عسكرية عظيمة في التصدي للأعداء الخونة والعملاء من خلال عصابات الحوثي التي يوجهها الملالي وإن في ذلك كله حماية لعقيدة التوحيد والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتيسير أداء مناسك الحج والعمرة للقاصدين من جميع دول العالم بكل يسر وسهولة.
لقد اتخذ هذا اليوم الوطني المجيد شعارا له “هي لنا دار ” لنبعث للشباب الذين يشكلون 70 بالمئة من عدد سكان المملكة العربية السعودية رسالة مهمة بأن هذه لنا دار عظيمة وجميلة وآمنة وسعيدة فلنحافظ عليها ولنديم عزها ولنعمل على تطويرها ونهضتها لتكون في العالم الأول دائما باذن الله.
لقد منح الله عز وجل بحمده ومنه هذه البلاد نعماً كثيرةً، فهناك نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة، وهناك نعمة الأمن وحسبك بها من فضيلة. وهناك نعمة الاستقرار والنمو والتوحيد والبناء. ومن قبل ذلك إن لهذه الأرض المباركة منذ الأزل عمقاً تاريخياً وقد أهلتها جذورها الإسلامية الصحيحة التي التزمت تصحيح العقيدة من العودة إلى منابع الإسلام الصافية.
وهذا النهج والمنهاج الكريمان خطهما المؤسس الأول والباني الحقيقي لهذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-.
ولقد تحقق الشيء الكثير بحمد الله فانتهض المكان، وتحقق الحلم، وأصبحت المملكة قدوة في النجاح والنمو وشملت النهضة كل مرافق الحياة المهمة ما جعل المواطن يدرك ويلمس هذه الجوانب الحية الإيجابية التي تتشابك مع حياته في كل يوم
فإذا مرض وجد النهضة الصحية، وإذا رغب في التعلم وجد دور العلم، وإذا أراد العيش الكريم وجد الأعمال الناجحة، وإذا أراد الصلاة فإن المساجد عمرت في كل اتجاه.. وطن بهذا النجاح والنمو والتكامل حري بالمحافظة عليه والدفاع عنه والذود عن ترابه.. فالحكام هم من أبناء هذا الوطن ومن أكرم أهله (حكامنا من شعبنا هذا أخو وهذا ابن عم).
والكل يعلم أن التحديات التي تمر بها المملكة تستوجب علينا واجبات مهمة، متى ما قمنا بها جنبنا بلادنا الحبيبة ووطننا العزيز كل أذى ومكروه، ومن ذلك الالتفاف والتعاضد وإبراز صورة التلاحم بين القيادة والشعب، والحكام والرعية كأجمل ما يكون التلاحم والتكاتف، وقد أمرنا ديننا الحنيف بطاعة ولاة الأمر وأوجب الالتزام بأوامرهم وتعليماتهم.
أن من المهم التأكيد على أن بلادنا مستهدفة لأنها حريصة على نشر دين الإسلام الوسطي المتسامح وحيث هناك مئات الملايين من النسخ المترجمة لمختلف اللغات العالمية من القرآن الكريم التي جرى طباعتها ونشرها كما تنقل الفضائيات روحانية العبادة خلال شهر رمضان المبارك من الحرمين الشريفين مع ترجمة لخطب الجمعة بعدة لغات وهذا أوصل دين الاسلام الى كل مكان وأسهم في زيادة الداخلين الى دين الله أفواجا وهذا الحال ، لا يسر اعداء الاسلام وسيحرصون على محاربة هذه الدولة وهنا تكون مسؤولية ابنائها في الذود عنها بعدة طرق ولعلي أذكر ببعضها مع مناسبة اليوم الوطني 92
١- العمل بجدية ليل نهار للإبداع والإنجاز والإخلاص لتحقيق تطلعات القيادة من أجل حياة سعيدة مستقرة آمنة.
٢-استيعاب أن هناك غرف دردشة تبث من دول معادية لنشر رسائل إعلامية وحرب نفسية واشاعات مغرضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فالحذر من ذلك والتصدي لها بكل قوة ومسؤلية .
٣- نشر ثقافة الوسطية والإسلام المعتدل السمح ومحاربة الفكر المتطرف المتشدد لقطع دابر الأفكار الإرهابية وعقائد المنظمات التكفيرية والحذر منها .
٤-التعليم ثم التعليم ثم التعليم فهو أساس تطوير المجتمعات ونشر ثقافة المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته وممتلكاته والحرص على اخلاق المعاملات من انضباط وعدالة ونزاهة والحرص على الأسرة واستقرارها وتنمية روح المواطنة والعمل بروح الفريق من جودة مخرجات وتعاون بناء للمصلحة العامة بإذن الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مستشار بمكتب وزير الداخلية سابقاً؛ رئيس مركز تعارفوا للإرشاد الأسري