أمام الغبار المتطاير من نحت الحجر، وإلى جوار الصوت الصادر من نشر الخشب مع البرادة المتطايرة منه، ووسط لحظات من التأمل أمام جذع نخلة الخلاص وهو يخضع لعملية النحت، يصطف جمهور عريض من القادمين للأحساء زواراُ وسياحاً من داخل وطننا وخارجه ليقضوا وقتاً ممتعاً في إثراء تجربتهم الفنية وهم يشاهدون النحت المباشر، حيث حرص الفنانون المشاركون وبلغة فنية رصينة وأمام أنظار السياح على إظهار البيئة السعودية والأحسائية، وذلك ضمن فعاليات واحة الأحساء الذي تنظمه الهيئة العامة للتراث وأمانة الأحساء وتنفذه في وسط الهفوف التاريخي دار نورا التابعة لمؤسسة عبدالمنعم الراشد الإنسانية.
المبادرة الأولى
مديرة دار نورا” إحدى مبادرات مؤسسة عبدالمنعم الراشد الإنسانية” صابرين الماجد أوضحت بأن هذه المسابقة تعد الأولى لدار نورا معربة عن تطلعها في استمرارها، وبينت بأن عدد المشاركين 10 نحاتين سعوديين من داخل الأحساء وخارجها، كما يوجد مشارك أستاذ في جامعة الملك فيصل وهو من جمهورية مصر الشقيقة، واعتبرت صابرين بأن جميع المشاركين فائزين، حيث خصصت خمس جوائز للأول إلى الخامس، والخمسة الآخرين سيتم اقتناء أعمالهم من قبل لجنة التحكيم المكونة من ثلاثة فنانين من داخل المملكة وخارجها ، وبينت بأن إعلان النتائج والتكريم سيكون السبت القادم 17 ديسمبر.
وعزت صابرين اختيار النحت المفتوح أمام الجمهور ليكون تفاعل مباشر بين الفنانين والمجتمع الأحسائي والزوار والسياح ولمنح الفرصة للموهوبين لتذوق الأعمال الفنية، ولتعريف المهتمين بهذا النوع من الفن بكيفية فن النحت، ولرفع الذائقة لدى الجمهور، لافتة إلى الإقبال الكبير من الجمهور للمعرض الذي حرص على تكرار الزيارة، وتفاعلهم المباشر عبر طرح الأسئلة.
وأوضحت بأن إقامة مسابقة النحت والأعمال التركيبية جاء نتيجة لوجود عدد كبير في الفنانين والحرفيين المبدعين في مجالات متنوعة وخامات عديدة، وبينت بأن المعرض يشمل النحت على الحجر، والخشب، وجذع النخيل، والطين والمعادن، وأعمال مفاهيمي (تركيبي)، مشيرة إلى أن إنتاج الفنانين من المجسمات سيتم إهداؤها لعدد من الجهات الحكومية. وأعربت عن تطلعها في إقامة المسابقة سنوياً.
إثراء التجربة الفنية
النحات علي الحسن ( أحد المشاركين في تنفيذ بوابة العاصمة الرياض)، وإلى جواره زميله خالد العنقري جذبا الزوار وهما ينحتان صخرة كبيرة تم جلبها من هضبة نجد، ووعدا بتقديم مجسم فني يليق بما قدمه مهرجان واحة الأحساء من دعم وتحفيز للنحاتين والفنون عموماً. الحسن لم يخف ِ سعادته بإقامة معرض النحت الحي امام الجمهور لأول مرة في الأحساء، معتبراً بأن من شأن هذا المعرض إثراء التجربة الفنية لجميع الفنانين والنحاتين بمختلف أعمارهم، واعتبر بأن النحت عملية تحتاج إلى الصبر لكنها في النهاية تقدم إضافة زخرفية ذات طابع تراثي تفاعلي تحكي تراث وفن وطننا.
مدارس فنية
النحات حسنين الرمل قال بأن هذه المبادرة الأولى تعد على مستوى الأحساء طرحت كمسابقة ومشاركين فيها من داخل الأحساء وخارجها، كما أن هذه المسابقة جمعت مجموعة من ألوان الفنون والخامات المستخدمة وأساليب الفنانين، مثل هذه المعارض تثري المكان فنياً وثقافياً وتثري الفنانين عبر رؤيته لتجارب زملائه الفنانين فيعلم ويتعلم. واستعرض المدارس الفنية في معرض النحاتين مشيراً بأنها تشمل الأعمال التركيبية ، الأعمال النحتية الحجرية، والمجسم المسطح للخشب، والمجسمات المركبة من عدة خامات. ووصف المعرض بأنه يثري الحركة الفنية والثقافية ومن خلاله أرى بأن الزوار للأحساء للمرة الأولى يستكشفون ما لدى الأحساء من إرث حضاري عبر نافذة الفن التي ستنقلها بإذن الله للعالم.
زخم حضاري عربي متنوع
أستاذ الأشغال الفنية والتراث الشعبي بجامعة الملك فيصل الدكتور حسين أحمد تحدث مشاركته في الحفر على الخشب وهي عبارة عن جدارية تضم مجموعة من السمات للحضارات المختلفة كالحضارة المصرية وبعض من الحضارات الأخرى في شبه الجزيرة العربية وسيكون مزج بين الحضارتين لتقدم بعد ذلك منتج فني واحد، ولفت إلى وجود فرق واحد العمل المجسم والعمل الجداري مع أساليب التشكيل المختلفة. ولفت الدكتور حسين إلى أن لمس في أعين السياح القادمين من خارج المملكة وزاروا المعرض شيء من الدهشة وهم يشاهدون أمام أنظارهم النحاتين يقدمون جانباً من الفن الذي تمتلكه المملكة العربية السعودية وتقديم منتج فني قائم على أسس تشكيلية وفنية عالية وبهذا يكون المعرض قدم رسالة حية عبر رؤيتهم للنحت المباشر مفادها بأن الأحساء والمملكة هي أرض الحضارات، كما أن المعرض حتماً ساهم في ثراء الفنون البصرية وهذا يعد نجاحاً لمهرجان واحة الأحساء.
أما النحات حسين الحاجي محمد قال بأن الفنانين في الأحساء بحاجة ماسة لمثل هذه الفعاليات التي يمارس الفنان عمله بصورة حية أمام أعين الجمهور ليظهر مواهبة وإبداعه.
جذع النخلة والفن !
اما طالب الغنام فيقدم عملاً مختلفاً لأول مرة يتم والمتمثل في النحت على جذع النخلة، وسبق له أن قام بعملية النحت على ” كرب النخيل”، وأبدى رغبته في إظهار صلابة جذع نخلة من نوع الخلاص الذي يتميز بقوته وتقارب وكثافة أليافه، ويشير طالب بأنه يستفيد من مخلفات النخيل في صنع أعمال فنية متنوعة وتطور حتى بدأ في الاستفادة من جذع النخلة، ووصف الجذع بأنه سهل تطويعه ليظهر بعدها لوحة فنية.
ويشارك النحات الشاب علي الأمير في النحت على الخشب الطبيعي الصلب، وينوي علي تقديم منحوتة عن كف المواطن الأحسائي ممزوج بجذع النخلة معتبراً بأن منحوتته تجمع بين الحقيقية والخيال، وقال بأن تجربته هي الأولى في النحت المباشر.