في كل يوم تزداد القناعة بأن كرة القدم خصوصا والألعاب الرياضية عموما عمل إبداعي خلاق لبني البشر كبقية الفنون لا يرتبط بمكان أو زمان فليس له أرض أو عنوان، فهؤلاء الرياضيون طيور محلقة في سماء الابداع فوق كل أرض يؤمن أهلها بقدارت الانسان، وأكثر المبدعين هم أولئك البشر المصنفين في قائمة الفقراء والمعدمين إلا ما ندر.
والمتفحص جيدا في أسماء لاعبي المنتخبات المشاركة في كاس العالم قطر 2022 ” بطولة الاخلاق والقيم ” سيجد الكثير من هؤلاء الذين ألهبت الكفوف تصفيقا لهم على مهاراتهم وابداعاتهم فوق المستطيلات الخضراء بحيث أصبحت شهرتهم تلف أصقاع المعمورة ويتابعهم مئات الملايين ربما اكثر من المطربين والممثلين.
ولا يتوقف الأمر على اللاعبين أو الرياضيين بل يشمل كذلك المدربين ربان الفرق، ففي مونديال قطر برز لنا المغربي وليد الركراكي الذي قاد كتيبة أسود الأطلس إلى المركز الرابع في المونديال الأسطوري، وكان بإمكان ” الركراكي” وفرقته تحقيق ماهو أفضل لولا بعض الأخطاء التكتيكية للمدرب الذي سمح للاعبين الاعتماد على الجهد البدني العالي في المباريات مما أثر على مستواهم اللياقي والأداء الفني في آخر المشوار، فقد كان اللاعب المغربي يركض مع الكرة في الملعب ضعف الجهد المطلوب منه، ومن الجهد الذي يقدمه أقرانه في منتخبات الصفوة العالمية ” أطراف مربع الذهب” حيث بإمكان أسود الاطلس الوصول للنهائي كإنجاز غير مسبوق، لفرق العالم الثالث عموما، ثم الحصول على المرتبة الثالثة والميدالية البرونزية التي حصدها الفر يق الكرواتي بهدوء الاعصاب والبعد عن الضغوط الإعلامية والجماهيرية التي القت باحمالها على الفريق المغربي الذي نقف له ولمدربه وادارته احتراما وتقديرا.
ووليد الركراكي هو جوهرة تضاف للعقد الفريد للمدربين العرب الذين تركوا بصماتهم في مشاركات ونتائج المنتخبات العربية القارية والدولية ومنهم عبدالمجيد شتالي الذي قاد تونس إلى أول مشاركتها في كأس العالم الارجنتين 78 وهل ننسى ذلك الفريق الساحر، ومحمود الجوهري الذي أعاد منتخب مصر الى البطولة العالمية كاس العالم إيطاليا 90 بعد غياب دام نصف قرن من الزمان، وعلى المستوى القاري سنجد أن الانتصارات السعودية قاريا ودوليا على يد المدرب الوطني خليل الزياني بالتأهل الى أولمبياد لوس أنجلس 94 والحصول على كأس آسيا في ذات العام كما أن مواطنه محمد الخراشي كان أول من جلب كأس الخليج للسعودية بعد عصيان دام 24 عاما وسجل اسمه على لوحة الشرف بالتأهل بالأخضر إلى مونديال أمريكا 94 بقيادة الفريق في المباراة الأخيرة من التصفيات الاسيوية، ويشاركه الإنجاز مواطنه ناصر الجوهر بقيادة الفريق لنهائيات كاس العالم كوريا واليابان 2002 والفوز بالميدالية الذهبية للألعاب الإسلامية، وتربع منتخب مصر سنوات على قمة إفريقيا تحت قيادة حسن شحاته، وأبرز إنجازات الكرة العراقية كتبت تحت إسم عمو بابا المدرب الأشهر عراقيا، ولا تنسى الكرة الإماراتية اسهامات المدرب مهدي علي في قيادة الفريق للفوز بكاس الخليج، والقائمة تطول في تعداد الأسماء.
لقد برهن المدرب العربي قدرته على تحقيق أفضل الإنجازات متى ما أتيحت له الفرصة ومنح كامل الصلاحيات وأحسن هو استخدامها، وأن تنزع عنه صفة مدرب الطوارئ والأزمات التي تواجهها المنتخبات العربية مع المدربين الأجانب الذين كانت للبعض منهم بصماته على مسيرة الكرة العربية