وها قد هّل علينا شهر رمضان المبارك، شهر النفحات الروحانية، شهر العبادة، والتنسك ،وقراءة القرآن الكريم، فهو الشهر الذي تنزّل فيه الذكر الحكيم، هذا طابعه، وهذه ميزته، شهر يتغير فيه الكون كله، ويهيئ الله – عز وجل- في نفوس عباده، دوافع الشوق إلى التعبد والرغبة في الفرار إليه – سبحانه- والتوبة من الذنوب والسكون إلى رحمته. يهيئ المولى ذلك في النفوس تهيئة؛ لا نظير لها في غيره من الشهور، ففي شهر رمضان؛ تصفَّد الشياطين، وتُفتح أبواب الجنان، وتُغلق أبواب النيران، وينادى فيه إلى فعل الخير.
فلنشمِّر خلال أيام الشهر الفضيل عن يد الجهد والخير والعبادة كما كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يستشعر عظمتها فيشمر في هذه الأيام والليالي ما لا يشمر في غيرها، ففي وصف ابن عباس للنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: “وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، أجود من الريح المرسلة”.
وفي صحيح مسلم: من حديث أبي هريرة عنه قال النبي- صلى الله عليه وسلم- فيما قال الله تعالى: “كل عمل ابن آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله -عز وجل- إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره؛ وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم؛ أطيب عند الله من ريح المسك”.
وإذا كان الشهر الفضيل؛ يأتي ومعه نفحاته الروحانية، فإنه أيضاً ؛ يحمل سجلاً ناصعاً ؛ من انتصارات الأمة العربية والإسلامية، فهو الشهر الذي جرت فيه أولى المعارك الإسلامية الكبرى ! (غزوة بدر) في اليوم السابع عشر منه بالسنة الثانية للهجرة (عام 624م) حين هزم الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه كفار قريش ؛ الذين بغوّا في الأرض ونشروا فيها الفساد.
وفي العشرين من رمضان ؛ بالسنة الثامنة للهجرة (عام 630م)، كان فتح مكة ؛ ودخول النبي وأصحابه إلى البلد الحرام ؛ إيذاناً بزوال “دولة الكفر” وبزوغ شمس “دولة الإيمان” والسيطرة على كافة أرجاء الجزيرة العربية، ومن ثم الانطلاق لنشر كلمة الله في كافة أرجاء الأرض.
أما في 28 رمضان ! من عام 92 هـ (711م)، فكانت جيوش المسلمين ، بقيادة طارق بن زياد، وموسى بن نصير ؛ تقرع أبواب أوروبا بفتح الأندلس ! (إسبانيا والبرتغال)، وإقامة دولة كبرى ! لمدة 8 قرون ، ما زالت تباهي العالم بإنجازاتها ؛ وآثارها الرائعة !.
وفي رمضان ،من عام 223 هـ (838م)، قام الخليفة العباسي المعتصم بنفسه !بفتح عمورية .. أمنع المدن الحصينة لدى الروم ! بعد أن استنجدت به امرأة ! بمقولتها المشهورة “وامعتصماه”. وقد وثّق أبو تمام، ذلك الفتح العظيم بقصيدة شهيرة، ومما جاي بها: (فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ// نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ… فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ// وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ).
أما في 25 رمضان ! من عام 658 هـ (1260م)، فقد كان جيش مصر ؛ بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز ،على موعد مع التاريخ ،في معركة عين جالوت ،حين استطاع دحر المغول ؛ الذين دمروا الأخضر واليابس ، وحرقوا بغداد !دولة الخلافة العباسية، ودخلوا إلى الشام، وبذلك تم القضاء على هؤلاء البرابرة بلا رجعة.
وأخيراً ……. وفي 10 رمضان، من عام 1393هـ ( 1973م)، كان نصر أكتوبر المجيد، حين لقّن الجيش المصري- مستعيناً بصيحة “الله أكبر”- لأعدائنا الصهاينة درساً عسكرياً ! حطم به أسطورة “الجيش الإسرائيلي ؛ الذي لا يُقهر ! …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(كاتب سعودي) عضو مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج، أفريقيا غير العربية





التعليقات 1
1 ping
زائر
23/03/2023 في 5:34 م[3] رابط التعليق
هذا هو المختصر المفيد