خلال فترة عملي بجريدة النـدوة ، كان هناك ملحق أدبي يصدر كل يوم أحد يعده الأستاذ محمد موسم المفرجي ـ يرحمه الله ـ ، وكان بين الفينة والأخرى ينشر قصائد ومقالات للفريق يحي المعلمي ـ يرحمه الله ـ ، والذي عرف بشغفه للأدب .
وحينما بدأت في البحث عن سيرة الفريق المعلمي ـ يرحمه الله ـ ، وجدت نفسي عاجزا عن بداية التدوين ، فمن أين أبدا في تدوين سيرة شخصية جمعت بين العسكرية وصلابتها ، والأدب وبلاغته ورقته ، ووجدت أنه من مواليد يوم الجمعة 22 ذو القعدة 1346 هــ / 11 مايو 1928 م ، بقرية ميادي بقنا والبحر في تهامة عسير ، التابعة لمحافظة محايل عسير، وتشتهر بالجبال ذات المناظر الطبيعية الخلاّبة والأودية الجميلة ، عاش في كنف عمه محمد بعد أن قُتل والده عبدالله الذي كان عاملاً للإمام الإدريسي على بعض مناطق المخلاف السليماني الخاضعة لحكمه آنذاك ، وتولى عمه القاضي محمد تربيته وأخيه محمد، وعلمهما القرآن الكريم والكتابة ومبادئ الحساب، وقد لمس عمهما النجابة والذكاء في ابني أخيه، خاصة الابن الأكبر يحيى الذي كان والده الشهيد يخاطبه منذ طفولته بقول الحق «يا يحيى خذ الكتاب بقوة».
وحينما افتتحت أول مدرسة في جيزان عام 1356هـ ، التحق بها مع أخيه محمد ، وكانا يجيدان القراءة والكتابة من قبل، خاصة القرآن الكريم، وكانا يحفظان الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن، فوضع يحيى في السنة الثانية وانتقل إلى السنة الثالثة، إلا أن مدير المدرسة رأى فيه النجابة، فنقله إلى السنة الرابعة، وفي نهاية العام حصل يحيى على الترتيب الأول على فصله. وقد أثار ذلك حسد بعض زملائه، وكان يسمعهم، ويرد عليهم قائلاً: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وفي السنة الدراسية الخامسة انتقل إلى المدرسة العزيزية في مكة المكرمة .
وعند التحاقه بمدرسة تحضير البعثات ، التقى بعدد من الطلاب ومنهم الشيخ أحمد زكي يماني وزير البترول والثروة المعدنية ـ سابقا ـ ، والشيخ إبراهيم العنقري ، وزير العمل والشؤون الاجتماعية ـ السابق ـ ، والدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير المعارف ـ السابق ـ ، والشيخ عبدالوهاب عبدالواسع وزير الحج والأوقاف ـ السابق ـ ،
والتحق بمدرسة الشرطة، وتخرج فيها عام 1376هـ، وتدرج في الرتب العسكرية إلى أن وصل رتبة مقدَّم، وفي عام 1386هـ ابتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسات العليا، والتحق بجامعة ولاية ميتشجان كمستمع، وبعد فترتين دراسيتين مدتهما ستة أشهر، قبلته الجامعة نفسها طالباً منتظماً حتى نال درجة الماجستير في «إدارة الشرطة» في مدة لم تتجاوز الخمسة عشر شهراً بتقدير ممتاز، وبعد عودته تولى عديداً من المراكز الأمنية، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق، أما أهم المناصب التي تولاها فهي: المدير العام للمرور والنجدة والعلاقات العامة معاً، ثم المدير العام لشؤون الضباط لمختلف قطاعات وزارة الداخلية، بعد ذلك المدير العام للسجون بالمملكة، واختتم حياته العملية بمنصب مساعد مدير الأمن العام.
زامل في دراسته بمدرسة تحضير البعثات وزير البترول السابق الشيخ أحمد زكي يماني ، والشيخ إبراهيم العنقري وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق ، والشيخ عبدالوهاب عبدالواسع وزير الحج والأوقاف السابق ، والدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير المعارف السابق وغيرهم كثير.
قال عنه الأستاذ عبدالعزيز البدر في مجلة الاقتصاد بعددها الصادر بتاريخ 8 / 2 / 2019 ” حالة خاصة وتجربة فريدة برزت فيها ملامح النجاح، أنتجت شخصية أدبية وإدارية وعسكرية. فهو قامة عسكرية مميزة، وشخصية أدبية يشار إليها بالبنان. زاحم الأدباء بحضوره اللافت، وتفوق عليهم في أحيان كثيرة، بسبب نشأته العلمية الأدبية التي تشرَّبها منذ نعومة أظافره. الفريق يحيى المعلمي اسم كبير في عالم الثقافة والأدب والعمل العسكري، فقد استطاع أن يوفق بين سلاسة الأدب والصلابة العسكرية بكل اقتدار ونجاح، ففي المحافل الأدبية أبدع ونافس كبار الأدباء العرب، وفي المجال الأمني سجل حضوراً ونجاحاً كبيراً بقيادته ومقترحاته وآرائه السديدة، حتى أصبح من المشهود لهم في القيادة الأمنية، من خلال بصماته العملية المميزة “.
وكتبت عنه جريدة اليوم في عددها الصادر بتاريخ 10 / 9 / 2004 ، ” غني عن التعريف لإسهاماته المبكرة في عالم الكلمة شاعرا وناثرا وناقدا الى جانب عمله في مجالات الأمن ، مثقف اختاره المهرجان الوطني للتراث والثقافة ليكون رجل الثقافة لعام 1420 ـ 2000 م لكونه رائدا من الرواد وواجهة مشرقة للثقافة السعودية في مجال الأدب والنقد ، برز من خلال كتبه العديدة ومشاركته في الكتابة الصحفية واشتهر بمعاركه الأدبية مع العديد من الأدباء وخاصة مع الأديب الشيخ عبد الله بن خميس والشيخ أبي عقيل الظاهري كما عني بالدراسات القرآنية وخاصة الجانب اللغوي منها اذ كان واحدا من حماة الفصحى والمدافعين عنها بقوة وكان عضوا بمجمع اللغة العربية في القاهرة ، انه الشاعر والأديب الفريق يحيى المعلمي (يرحمه الله) الذي أطلق عليه (صاحب السيف والقلم).
له العديد من المؤلفات التي تنوعت بين الدراسات اللغوية والقرآنية والشرطية والأدبية وتوزعت على اللغة العربية والإنجليزية والأردية والفرنسية والألمانية.
توفي يوم الخميس 18 ربيع ثان 1421 هــ / 20 يوليو 2000 م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com




