قضت الكشافة السعودية حقبة من الزمن في خدمة ضيوف بيت الله الحرام وفي كل عام يسترجع عشرات من القادة الكبار وقدامى الكشافة ذكرياتهم مع هذه الخدمة الجليلة التي أسست أجيالا سلكت طريقها نحو العلياء، وفي صحيفة شاهد الآن التقينا بواحد من الذين يتذكرون فترة من أجيال الكشفية، التقينا بالوجيه محمد جبريل أبو القاسم فلاته والذي أكد أنهم عاشوا حقبة ذهبية من الزمن مع الكشافة حيث كانت بداياته في المشاركة في خدمة الحجيج في العام 1388ه،، استرجع ذكريا عاشها منذ أكثر من خمسة عقود ونصف العقد من الزمان
مهمتي في المشاركة الأولى إحصاء عدد الحجاج والمركبات
وذكر “فلاته” أن مشاركته الأولى في مكة المكرمة في خدمة الحجيج وقال “عندما وصلنا قادمين من المدينة وهناك مجموعة كبيرة قادمة من كل أنحاء المملكة، اجتمعنا في وادي محرم، بعد الطواف والسعي، فاخترت ضمن لجنة الإحصاء، وكانت مهمتنا إحصاء عدد الحجاج، في مدخل مشعر منى للقادم من مكة، وبعد انتهاء مهمتنا انتقلنا إلى وادي محرم وبالتحديد في” الجبل الممسوح ”
وأضاف” كانت آلية عمل الإحصاء “عد” السيارات، والحجاج أيضا، وأتذكر أن عد الحجاج كان أسهل لان العدد في ذلك الوقت قليل لكن السيارات إعدادها كثيره، والإعداد تسجل في نماذج معدة خصيصا لهذا الغرض “كل خمسة عدات يقفل بخط مائل”
وحول الأجواء والطقس في تلك السنوات قال: كانت الأجواء باردة خصوصا في الفترة المسائية وكنا نعاني كثيرا، مؤكدا أن تجمعهم في خدمة الحجيج من كافة مناطق المملكة ومدنها وقراها ويتسابقون على أداء الخدمة بحماس كبير
الحفل الختامي في نهاية الخدمة في “حوض البقر”
وحول بداية ونهاية الخدمة قال “فلاته” “بعد نهاية فترة الخدمة في مشعر منى انتقلنا إلى المعسكر الدائم في” حوض البقر “العزيزية حاليا، وأقيم حفل ختام رائع لن أنساه أبدا
وأشار” فلاته “إلى التنافس الكبير والتنافر الشريف بين الجوال والكشافة وقال” الجوال هم جامعيون ويشعرون بالأفضلية دائما، ويتعالون على الكشافة، وكان لباسهم الرسمي وطعام ونظام اصطفافهم وآليات عملهم مختلفة عن الكشافة تماما
وأضاف “بعد نهاية المهمة كان الوداع بالدموع، والعودة كانت عبر الحافلات التي تسمى” هاف “مشيرا إلى أنهم تسلموا مكافأة الخدمة بعد موسم الحج والعودة إلى المدينة المنورة بفترة
معسكرنا الكشفي على مستوى المملكة كان ماتعا للغاية
وفي ذكريات فلاته رحلته مع الكشافة على مستوى المملكة وقال” في ذلك العام شاركت في رحلة على مستوى المملكة كانت في المنطقة الجنوبية، وكنا نمثل الغربية ائنذاك “مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والطائف” اجتمعنا أولا في جدة في معسكر كان يقع في حي البغدادية، بعدها غادرنا إلى الجنوب بطائرة القوات الجوية C130، وفي المساء جاء اختياري ضمن مجموعة كانت تتميز بالتكوين البدني الجيد وانتقلنا من خميس مشيط إلى مرتفعات السودة بسيارات الجيب ذات الدفع الرباعي “ريو” وكانت محملة بالخيام والعتاد، وجهزنا المخيم، وأستمر المعسكر هناك وسط الغابات الكثيفة أكثر من أسبوعين، كان خياليا بين التدريب وسط الأشجار الكثيفة والذي يحاكي التدريب العسكري تماما، وتميز المعسكر بالمنافسة وكأنها دورة صاعقة “زحف وقفز ومشي على الحبال المعلقة” وكانت السودة غابة جميلة
أتذكر قادة أفاضل كانوا قريبين من الكشافة
وذكر فلاته عددا من قادته ائنذاك في مقدمتهم كامل فطاني، وعبد الله النصار، وغيرهم، مشيرا إلى رحلاته ومغامراته مع الكشافة إلى مناطق عدة، مؤكدا أنه حصل على الشارة المعدنية
ضمن خدمتنا جمع التبرعات للشعب الفلسطيني
وحول خدمة الحجاج بالمدينة المنورة قال “فلاته” في المدينة المنور يقام معسكر أو اثنين لخدمة زوار المدينة من الحجاج، وكان العمل يقسم إلى مرحلتين، الموسم الأول قبل الحج، والموسم الثاني بعد الحج، مشيرا إلى مهام الكشافة في إرشاد التائهين وتنظيم السير بين مرتادي المسجد النبوي الشريف وقال “الكشافة فيها روح… ومن يتنمى لها يتعود على العمل بروح عالية… وكنا نجتمع حول المسجد النبوي من بعد صلاة العصر إلى بعد العشاء لتجميع تبرعات لصالح الشعب الفلسطيني بعنوان” ادفع ريالا تنقذ عربيا ”
في معسكر المدينة عقد صلح بين الفلسطينيين والأردنيين
وأضاف” من ذكريات العمل في معسكرات المدينة شارك معنا كشافة من السودان والأردن، وفلسطين والبحرين ومن عدة الدول العربية… ونجحنا بعفويتنا في تلك الأيام الصلح بين الكشافة الأردنيين والفلسطينيين لوجود شحناء بينهم بسبب “الايلول الأسود” ”
التحقنا بالكشافة حبا ورغبة فقضينا أجمل الأيام فيها
وذكر فلاته اجتماعيته الكبيرة وبناء الصداقات مع أقرانه الكشافة وقال” هناك معتقد سائد في تلك الأيام إن الحضري لا يتعايش مع حياة الخلاء ويخاف من الدواب والزواحف،… وكنت أكثر جرأة منهم فكسبت احترامهم “وقال” التحقنا بالكشافة حبا ورغبة وقضينا أفضل فترات العمر فيها… والتحقت بالعسكرية بذات العشق ”
جيلنا كان ناجحا… وجلنا ذهب إلى القطاع العسكري
وأشار” فلاته “إلى أن جل المنتمين للكشافة من جيله توجه إلى المجال العسكري بمختلف قطاعاته وحققوا نجاحا كبيرا ووصلوا إلى أعلى الرتب العسكرية وقال” عندما التحقت بالقطاع العسكري لم أجد صعوبة… ولفت أنظار المسؤولين هناك وكانوا دائما يسألونني أين تدربت على تدريب الفرد الأساسي فكانت إجابتي “في الكشافة”، مؤكد أن الكشافة أضافت له كثيرا وعودته على التدريب والتحمل مشيرا أن تميزه خفف عليه أعباء التدريب كثيرا وأصبح مقربا من مدربيه
وفي مشواره العملي بدا “فلاته” من الطائف، ثم جدة، بعدها المنطقة الشرقية، ثم تبوك بعد ذلك ابتعثت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعد العودة بفترة تقاعد عن العمل الرسمي