يوم التروية رواكم الله من فضله وأغدق عليكم من نعمه حجاجاً ومسلمين في كل بقاع الأرض يعيشون أياماً إيمانية تتكرر كل عام في مثل هذه الأوقات المباركة .
وقد عرفت مهنة المطوف قديماً في مكة المكرمة وهو من يقوم بتقديم الخدمات للحجاج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وتطويفهم في الحرم ويلقنهم أدعية الطواف وكذلك يفعل في عرفات ومنى ومزدلفة ومن الخدمات التي تقدم الاستقبال ـ الضيافة ـ السكن ـ النقل ـ توفير ماء زمزم في السكن ـ الخدمات الصحية .
وقد تطورت هذه المهنة ومرت بعدة مراحل التقينا أحد المطوفين :
في البداية نتعرف ؟
الدكتور : عبدالرحمن محمد علي ماريه .
عضو هيئة التدريس سابقاً بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة بجامعة أم القرى.
عضو مؤسس لمجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية منذ تأسيسها وحتى العام 1442هـ والآن مساهم بالشركة .
عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية بمكة المكرمة والمشرف المالي .
حاصل على نوط الحج من وزارة الداخلية عام 1429هـ .
لي مؤلف بمسمى ( دور مؤسسة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية في خدمة حجاج بيت الله الحرام ) .
كيف يكون الاستعداد لرحلة الحج لمن وفقه الله وكتب له أداء فريضة الحج ؟
بحكم عملي مع الحجاج في سن مبكرة وكذلك من خلال زيارات والدي وزيارتي للدول التي يأتي منها الحجاج الذين نقوم بخدمتهم ، لمست أن بعض الحجاج يبدأ الاستعداد للحج من قبل وصوله لسن البلوغ فمنهم من يأخذ منه الوقت بين ال20 إلى 30 عاماً كي يستطيع جمع المال الذي يمكنه من أداء الحج وبعضهم ربما يبيع داره وآخر يبيع ما يملك من المواشي ، كما أن بعضهم يستغرق منه الوقت للوصول من مسقط رأسه إلى مكة المكرمة الشهر والشهرين مروراً بالقرى والقفار.
كما أن بعض الموسرين ممن فتح الله عليهم يقوم بتحجيج الفقراء والمساكين هذا بحاج واحد وآخريصل العدد إلى 50 حاج وأكثر كلاً حسب سعته وقدرته .
ولله الحمد الآن مع تطور وسائل المواصلات أصبح الأمر أسهل وأيسر من ذي قبل .
ولا يخفى على الجميع مكرمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ في برنامج الاستضافة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية باستضافة الحجاج من جميع دول العالم سنوياً .
وقد زرت بعض البلاد الإفريقية منذ السبعينات وحتى الآن ولمست ذلك حقيقة فالحج رحلة إيمانية نسأل الله تعالى أن يكمل جميع الحجاج حجهم و يعودوا لديارهم مغفوراً لهم .
كيف يكون الوداع من قبل الأهل والجيران وكيف يكون الاستقبال بعد الحج ؟
تجتمع القرية بأكملها في فرح وزغاريد وتختلف المظاهر من بلاد لأخرى .
وكما نرى الآن عبر وسائل التواصل فرحة من يفوز بظهور اسمه ضمن قوائم الحجاج .
وفي مكة المكرمة قديماً عند وصول الحجاج يتم استقبالهم عندما تصل برقية من وكيل المطوف حسب المعمول اثناء العمل الفردي وأصبح فيما بعد ( مكتب الوكلاء الموحد بجدة ) عند قدوم عدد معين من الحجاج سواءً بالطائرة أو عن طريق الباخرة تفيد بموعد وصولهم .
يقوم مندوب المكتب بإيصال البرقية للمطوف والذي يقوم بدوره باستقبال ذلك الفوج من الحجاج .
فتتهيئ أسرة المطوف لاستقبال الحجاج وعمل الطعام احتفاءً بوصول الحجاج كما كانت بعض الأسر القريبة تساهم في ذلك ويشاركهم أقربائهم ومعارفهم وجيرانهم .
كما أن الحاج عندما كان يعود لبلده يكنى بالحاج ويعاب أن ينادى باسمه فيلازمه لقب ” الحاج فلان ” .
حدثنا عن رحلتك للحج ؟
أدركت الحج قديماً بحكم عمل والدي مطوفاً وبعد البلوغ في عام 1390 هجري كانت حجة الفريضة حيث الطوافة كانت فردية ثم أصبحت مؤسسات وحاليا ً شركات .
كان الحج فيه الكثير من المشقة والتعب فلم تكن وسائل المواصلات كما هي اليوم ولا الطرقات ولا المرافق العامة وما هو عليه اليوم من التطور والازدهار
فكنا نقوم بتجهيز الخيام ونصبها بإنفسنا وكانت العوائل ترافقنا بحكم عمل والدي كمطوف وكان يخصص جزء من الخيام للعائلة والمعارف وهذا كان يفعله معظم المطوفين حيث يكون صيوان كبير يجتمع فيه المطوف والحجاج والعاملين وفيه يتناولون الطعام .
وكانت السيارات التي تستخدم قديماً للشركة العربية وشركة التوفيق والكعكي والمغربي (ديمونتي ) ( انترناش) ( الفنتوم ) ( أبو عيون جريئة ) وكان معظم السائقين سعوديين وبعضهم موظفين يحرصون على العمل خدمة للحجاج .
وكانت أكبر المعاناة في نصب الخيام وحملها من عرفة إلى مزدلفة إلى منى وقلة دورات المياه .
وكان والدي من سكان حي الطندباوي وكان يحرص أن يكون مكتبه بجوار الحرم فتعددت مواقع مكتبنا حيث تنقلنا في عدة مواقع على النحو التالي :
باب العمرة .
جبل قبيس.
اجياد بجوار المالية سابقاً فندق أجياد مكارم حالياً.
الهجلة.
واخيراً شارع أم القرى ( الحفاير ) مع ازدهار وتطور العمران واذكر وقتها كان سعر سكن الحاج يكلف 50 ريال في الوقت الذي كان يكلف الحاج القريب سكنه من الحرم 300 ـ 500ريال.
وفي عرفة كان مخيمناً في شارع القرين قريب من جبل عرفات وكنا نقوم بأخذ الحجاج في جماعات للجبل.
وفي منى كانت القطعة رقم 42 بشارع سوق العرب آنذاك ومع زيادة عدد الحجاج وتخصيص مؤسسات الطوافة انتقلنا الى موقع في ربوة الأفارقة قريب من المجازر قبل أن يتم نقل مواقعها .
وكان المطوف يجهز مقرة ببرزة خارجية غالباً ما يجلس فيها من بعد صلاة المغرب ويجلس معه ابنائه والعاملين معه وكل حسب تخصصه ( الاستقبال ـ الجوازت ـ التصعيد ـ السكن ـ الخدمات العامة ـ الخدمات الصحية )
عشرة ذي الحجة أيام مباركات كيف تعيشونها ؟
بحكم عملنا مع الحجاج ليل نهار لخدمتهم وراحتهم نعيش هذه الأيام بين الدعاء والرجاء بالتوفيق وختام الموسم بنجاح فالحاج يأتي متعبا ويتمنى أن يجد ما يريحه من رحلته الشاقة ونحاول قدر المستطاع تلبية احتياجات الحجاج وبعد إنقضاء الحج نتذكر الأيام والمواقف .
والحج اليوم ولله الحمد أصبح أكثر سهولة من الماضي مع توفر وسائل التقنية الحديثة والمواصلات السريعة فحكومتنا الرشيدة سخرت جميع الإمكانات لخدمة الحجاج من القطارات والحافلات ونظام الشركات الجديد نقلة حضارية في خدمة الحجاج .
يوم عرفة يوم عظيم حدثنا عن الاعمال التي تقومون بها في هذا اليوم ؟
نقوم باصطحاب الحجاج زرافات زرافات للجبل وغالباً ما يكون المطوف موجوداً وابنائه حوله ويخاطب الحجاج بما فتح الله عليه ويحثهم ويذكرهم بالموقف وغالباً ما يكون المطوف محرماً وكذلك من يقوم بتلقينهم الدعاء .
حدثنا عن صباح يوم عيد الأضحى المبارك ؟
يوم العيد يوم مبارك تتجلى فيه عظمة الله تعالى وخاصة في المساء بعد صلاة المغرب عندما يجتمع الحجاج ويتهادوا فيما بينهم كل بما حمل من بلده من هدايا وكذلك يقدم لهم المطوف الهدايا.
بعد الصلاة ما هي الأعمال التي تقومون بها؟
غالباً ما نكون في منى مشغولين بوصول الحجاج وتسكينهم متوشحين بأبهى حللهم والبستهم يتبادلون الأحاديث حول الموقف وعظمته .
ماهي الاكلات والحلويات التي تقدم في ايام العيد فهي أيام أكل وشرب ؟
من الاكلات مقلقل اللحم وكثير من الأكلات تكون من البيت مثل المعمول والغريبة إلى جانب ما يحضره معهم الحجاج من بلدانهم من أطعمه يكرم بها الحجاج بعضهم بعضاً كل بلد بحسب ما تشتهر به من الأطعمة .
التكبير يشرع في هذه الأيام فكيف تؤدونه ؟
التكبير والدعاء في كل وقت ويحرص الحاج على لبس الملابس الجديدة وبعضهم يرتدي الزي السعودي فرحاً وسروراً
ما الدعوة التي تحب أن تختم بها حديثك في هذه الأيام المباركة ؟
بحمدالله سبحانه وتعالى أن بلغنا هذه الايام المباركة في صحة وسلامة وأسأل الله تعالى أن يجزى الحكومة الرشيدة كل الخير على توفير وبذل هذه الإمكانيات التي مكنت الحجاج من أداء الحج في يسر وسهولة وعودة الأعداد المليونية للحجاج لماكانت عليه في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والتي نعيش تطبيقها والتي انعكست على جميع مناحي الحياة وخاصة فيما يتعلق في برنامج ضيوف الرحمن فالحمدلله .