قبل أن نبدأ مقالنا لهذ الأسبوع لا بد أن نوضح بعض المفاهيم الشرعية، الحضانة هي حفظ الولد وتربيته ورعايته، أما الولاية فهي الولاية على النفس وتشمل حق التربية والتأديب والتعليم والتزويج والحفظ، والولاية على المال العناية بمال القاصر وحفظه وإدارته، وقد حرصت الشريعة الإسلامية على توفير البيئة الصحية السليمة من اجل توفير المناخ المناسب لنشأة مجتمع ناضج سليم من النواحي الصحية والنفسية، وقد حرصت المملكة العربية السعودية على هذا المبدأ حيث نص النظام الأساسي للحكم في المادة التاسعة “الأسرة ، هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد” ونصت المادة العاشرة” تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم” ومن صميم حرص المملكة العربية السعودية على وضع القواعد والمنهج الشرعي لحماية تلك المبادئ أصدرت نظام الأحوال الشخصية بموجب المرسوم ملكي رقم (م/73) وتاريخ 6/8/1443هـ، حيث أشتمل على جميع المواد والأنظمة التي تساهم في حفظ الحقوق الاسرية، كما أصدرت نظام حماية الطفل بموجب المرسوم الملكي رقم (م/14) بتاريخ 3 / 2 / 1436هـ، وكذلك نظام الحماية من الإيذاء بموجب المرسوم الملكي رقم (م/52) بتاريخ 15/11/1434هـ، الجدير بالذكر هنا ما جاء فيما يخص حضانة الابناء في نظام الأحوال الشخصية حيث جاء في الفصل الثاني من المادة الرابعة والعشرون بعد المائة إلى المادة الخامسة والثلاثون بعد المائة جميع المواد التي تتناول الحضانة في النظام السعودي، أن شروط الحضانة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول شروط عامة للطرفين وهي الإسلام، والبلوغ والعقل، والعدالة الظاهرة، والرشد، والقدرة على القيام بشؤون المحضون، وأمن المكان، وخلو الحاضن من الأمراض، أما القسم الثاني من الشروط وهي خاصة بالنساء الحاضنات ألا تكون متزوجة من أجنبي عن المحضون، وأن تكون ذات رحم محرم من المحضون، وألا تمتنع الحضانة عن إرضاع الطفل إذا كان أهلاً للرضاع وكان محتاجا، والقسم الثالث من الشروط وهي خاصة بالرجال أن يكون الحاضن محرماً إذا كان المحضون أنثى تُشتهى، وأن يكون عنده نساء يُقمن على شؤون المحضون، مكان الحضانة هو المسكن الذي يقيم فيه والد المحضون هو بلد والد المحضون أو وليه، أن المتبع في قضايا الحضانة والنزاع بين الاب والأم يتم أحالت الأمر إلى هيئة الخبراء من أجل وضع الحكم الشرعي فيما يتعلق بالحضانة والزيارة والنفقة وغيرها من الأمور التي تخص الأبناء وتعتمد تلك الهيئة في تقديرها لتلك الأمور على الخبرة المكتسبة والأصول الشرعية المنظمة لتلك الأمور، نعيش اليوم في عصر مختلف عما سبق فقد تطورت الحياة بشكل متسارع جداً وأصبحت الأمور مختلفة ومتباينة وما يناسب الحالة (أ) لا يتناسب مع الحالة (ب) والعكس صحيح خصوصاً أن جعلنا من مبدأ مصلحة المحضون قاعدة شرعية في التعامل مع كل حالة، لقد تسارع تطور القضاء ومرافق وزارة العدل في وقتنا الحاضر ولقد لامس الجميع ذلك التطور على مستوى القضاء أو الإدارة أو الأنظمة والتشريعات وبرعاية كريمة ومباشرة من خادم الحرميين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهد مهندس الرؤية وأمير الشباب والنهضة النوعية التي تعيشها المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ومن هذا المنطلق لا بد من استحداث مراكز متخصصة في أعداد التقارير والدراسات الشرعية والقانونية و المجتمعية والنفسية من أجل أعداد تقارير تعتمد على المصداقية الواقعية القائمة على الزيارات الميدانية والاستقصاء و دراسة كل حالة بصفة مستقلة وفق معايير وضوابط واضحة المعالم مستمدة من الشريعة الإسلامية ومن القواعد العلمية في مجال التربية وعلم النفس والسلوك حيث لابد أن تشتمل تلك التقارير بيانات ومعلومات تشمل جميع العوامل المحيطة بالبيئة التي سوف يعيش فيها الأطفال وعلى أن تكون تلك المراكز مسؤولية متابعة سلامة الأبناء حتى الانتهاء من مرحلة الحضانة واعتماد الأطفال على أنفسهم ولا يمنع أن تكون تلك المراكز مدفوعة الثمن يتحمل تكاليفها المدعى في تلك القضايا، أن أعداد مراكز متخصصه من هذا النوع تحتوي على كوادر بشرية مؤهله من الناحية العلمية والعملية أمر هام يساهم في الاختيار الصحيح للبيئة السليمة لاحتضان الأطفال وخصوصاً إن نظرنا إلى طبيعة تلك القضايا بين الوالدين التي غالباً ما تكون عبارة عن صراعات ونزاعات لا ينظر فيها إلى مصلحة الأبناء بل هي حرب قائمة بين الطرفين يحاول كل طرف أن يكسبها من باب الانتصار للنفس.
بندر عبد الرزاق مال
مستشار وباحث قانوني
عضوية المجمع الملكي البريطاني للمحكمين
عضو بلجنة التحكيم وفض المنازعات بالغرفة التجارية الصناعية بينبع
عضوية جمعية الأنظمة السعودية جامعة الملك سعود
عضوية جمعية مكافحة الاحتيال السعودية
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com