تشهد الكعبة المشرفة والمنظومة الخدمية بالمسجد الحرام عناية خاصة منذ عهد المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه- ومن بعده أبنائه البررة حتى العصر الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله ورعاه- والذي شهد فيه الحرمان الشريفان نقلة نوعية أظهرت مدى حرص المملكة العربية السعودية على خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وقد أولت الكعبة المشرفة جل اهتمامها من خلال العناية بها وصيانة كسوتها وإحلال كسوة جديدة لها كل عام، لما لها من قدسية عظيمة لدى المسلمين قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ).
وفي عام 1346هـ أمر جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود-رحمه الله- بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يُبنى بالنورة، كما أمر المؤسس بإنشاء إدارة للأمن، مقرها الرئيسي بمكة المكرمة وذلك حفاظاً على أمن قاصدي وزوار البيت العتيق.
بعد ذلك توالى أبناء الملك عبدالعزيز البررة بالعناية والاهتمام بخدمة الحرمين الشريفين، حيث وجه الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم في سنة 1373هـ، وإنشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم في سنة 1374هـ بعد بناء المسعى بطابقيه وتوسعة المطاف حيث أصبح بئر زمزم في القبو، كما زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل، كما أمر – رحمه الله – بترميم الكعبة المشرفة في عام 1377هـ، حيث تم تغيير سقفا الكعبة العلوي والسفلي بالكامل، ومعالجة أحجار الكعبة التي تعرضت للشقوق وتراكم التراب عليها.
وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – واصل إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد الملك سعود، ومما تم في عهده إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعةً للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري عام 1387هـ، ووجه ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك في عام 1391هـ، وببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله، كما افتتح مصنع الكسوة في عام 1397هـ، وتوسعة المطاف سنة 1398هـ، وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة، ونقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى.
وعام 1399هـ في عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – تم تغيير باب الكعبة المشرفة إلى باب من الذهب الصافي، صنعهُ شيخ الصاغة أحمد بن إبراهيم بدر، وقد استخدم 280 كجم من الذهب الخالص في صناعته، ويعتبره البعض أكبر كتلة ذهب في العالم، وهو الباب الموجود هذه الأيام، كما تم عمل باب داخل الكعبة للصعود من داخلها، يسمى باب التوبة.
وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله- عام 1417هـ جرى الترميم الشامل للكعبة المشرفة، كما حظي المسجد الحرام بتوسعات عمرانية تاريخية تجسد اهتمام القيادة الرشيدة بالحرمين الشريفين, حيث إن عمارة المسجد الحرام الأولى وجه بها الملك عبد العزيز وأمر بتنفيذها ، ونفذت بعهد الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – وانتهت في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – ، والتوسعة الثانية كانت في عهد الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – ، فيما بدأت التوسعة السعودية الثالثة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – ولا تزال مستمرة بأمر وتوجيه ومتابعة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- , وعام 1406هـ، أمر الملك فهد بن عبد العزيز- رحمه الله – بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، وإنشاء 5 سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ وبناء 5 جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول، وفي عام 1409هـ وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية.
وتم انطلاق مشروع التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – والتي تعد أكبر توسعة على مر العصور والتاريخ، لترتفع الطاقة الاستيعابية بعد إنهاء أعمال التوسعة إلى مليوني مصل، وتشتمل توسعة الساحات الخارجية، على دورات مياه وممرات وأنفاق ومرافق أخرى مساندة تعمل على انسيابية الحركة في دخول المصلين وخروجهم، وتتضمن منطقة الخدمات المتعلقة بالتوسعة وخدماتها التكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله - صدرت الموافقة بتغيير مسمى مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة وذلك في عام 1439هـ، وتستمر الرعاية والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ومن ذلك استكمال التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي والمسجد النبوي ورعايته ومتابعته لمشروعات تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة والارتقاء بالخدمات المقدمة للحرمين الشريفين وقاصديهما، ونستعرض ما تم من تجديد رخام الشاذروان برخام جديد يحاكي ألوان ونوعية الرخام القديم مع المحافظة على الأحجار المرمرية الثمانية القديمة الموجودة تحت ناحية باب الكعبة، وهي من أنفس وأجمل الأحجار في العالم، كما تم تبليط سطح الكعبة المشرفة بالرخام، وزيادة العزل المائي، ومعالجة العناصر الخشبية للسقف والأعمدة، وصيانة باب الكعبة المشرفة وباب الدرج الداخلي والميزاب، واستُخدم لذلك أحدث التقنيات ووفقاً لأفضل المواصفات العالمية , وتحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على العناية الدائمة والفائقة بالكعبة المشرفة، وتولي اهتماماً بالغاً، في تسخير كل كافة الخدمات لكسوتها وصيانتها طوال العام.
وتحظى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، والكعبة المشرفة والمشروعات العملاقة بالمسجد الحرام باهتمام ومتابعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- ويأتي ذلك من حرصه واهتمامه وعنايته بتطوير الحرمين الشريفين، والانتقال بمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ومستوى المرافق والخدمات بهما إلى أعلى مستوى وذلك وفق أهداف رؤية المملكة 2030