في هذه الزاوية أتحدث كل يوم وعلى مدار شهر رمضان المبارك عن شخصية تركت أثرا بارزا في المجتمع ، سواء كان الأثر في مجال التعليم ، أو في المجال الاجتماعي ، أو الإعلامي .
والهدف من الحديث عن هذه الشخصية أو تلك ، إشعار أبناء الجيل الحالي بالمعاناة التي وأجهت الرواد في حياتهم ، وكيف استطاعوا التغلب عليها للوصول إلى أهدافهم وتحقيق أحلامهم .
وشخصية اليوم هو الإمام والقاضي محمد نور بن محمد إبراهيم الكتبي ، المولود في مكة المكرمة عام 1323هـ ، والذي حفظ القرآن الكريم وتعلم تجويده على يد شيخ القرّاء بمكة المكرمة الشيخ عبد اللّطيف قاري ، وفي عام 1331هـ التحق بالمدرسة الصولتية وتدرج في صفوفها حتى تخرج من القسم العالي آخر ذو القعدة عام 1337هـ، وواصل دراسته على يد علماء المسجد الحرام وفي مقدّمتهم والده محمّد إبراهيم الكتبي حتى أجازوه بالتدريس .
وتولى التدريس في المسجد الحرام كما تولى الامامة به وذلك 1340هــــ ، ” حيث كان يؤم المصلين في الأيام العادية، وفي شهر رمضان كان يؤم المصلين في صلاة التراويح في محراب المذهب الحنفي، وكان ذلك في حصوة الرملة القريبة من باب العمرة، وعندما حلت الدولة السعودية وتسلمت زمام الحكم، وابطلت تعدد أئمة الصلوات، وجمعت الناس في الحرمين الشريفين على إمام واحد، أصبح إماماً رئيساً يُصَلّي بالناس صلاة الظهر وأحياناً صلاة العصر وعين حينها عضواً بهيئة التمييز بمكة المكرمة ” .
وفي ربيع الأول عام 1357هـ عين قاضيًا بالمدينة المنورة ثم رئيسًا لمحاكمها ، وبقي به حتى تقاعده عام 1373 هــ ، وقام إلى جانب عمله بالقضاء بالإمامة والتدريس في المسجد النبوي لفترة قصيرة ، وقيل أنه مما نالوا شرف الإمامة والقضاء في الحرمين الشريفين .
له مؤلف وأحد موسوم باسم ” النُّخبة المُعتبرة من مناسك الحجّ على المذاهب المشتهرة ” ، وطبع في مصر عام 1347 هــــ .
أما مناصبه فقد عُيّن في عهد الشريف الحُسين بن عليّ عام 1340هـ مدرّساً بالمسجد الحرام ، كما عُيّن في عهد الشّريف الحُسين بن عليّ إماماً في المقام الحنفيّ بالمسجد الحرام.
وعُيّن في عهد الملك عبد العزيز سنة 1343 هـ إماماً أساسيّاً لصلاة الظُّهر بالمسجد الحرام ، وفي عام 1346هـــ عين عضواً برئاسة القضاء ، كما عُيّن في نفس العام رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وعُيّن في شهر صفر سنة 1347هـ بمرسوم ملكيّ مدرِّساً بالمسجد الحرام ومراقباً للدروس ، وفي عام 1349 هــ عين عضواً بهيئة التمييز ، وعُيّن في عام 1355هـ عضواً في مجلس المعارف بالمملكة.
وفي عام 1356هـ عُرِض عليه تولّي القضاء بمدينة العلا فاعتذر عن ذلك ، وفي ربيع الأوّل سنة 1357هـ صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً للمحاكم والدوائر الشرعيّة بالمدينة المنوّرة، واستمرّ بها إلى سنة 1373هـ ، وفي نفس العام عُيّن مدرِّساً ورئيساً لهيئة العلماء والمدرِّسين بالمسجد النبويّ الشّريف ، كما عُيّن رئيساً لكُلّية الشريعة في المدينة المنوّرة.
وأُنتخب في عام 1373 هــ عضواً في المجلس الإداريّ بالمدينة المنوّرة ، وعُيّن في نفس العام مستشاراً شرعيّاً لإدارة الأوقاف في المدينة المنوّرة ، وفي عام 1377هـ عُرِضَ عليه تولِّي قضاء القطيف فاعتذر عن ذلك.
وتوفى يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوّال عام 1402هــ ، ودفن في بقيع الغَرقَد .
وللشيخ محمد نور كتبي مكتبة تضم نحو ( 403 ) مطبوعا في التفسير والقراءات والعقيدة والفقه وأصوله والحديث، واللغة والأدب والسيرة والتاريخ، وأربعة مخطوطات ، أوقفها ابنه عبد الرزاق بعد وفاته على مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة .
رحمه الله واسكنه فسيح جناته وغفر لها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com
ashalabi1380@