في هذه الزاوية أتحدث كل يوم وعلى مدار شهر رمضان المبارك بإذن الله عن شخصية تركت أثرا بارزا في المجتمع ، سواء كان هذا الأثر في مجال التعليم ، أو في المجال الاجتماعي ، أو الإعلامي ، فالهدف هو إشعار أبناء الجيل الحالي بالمعاناة التي وأجهت الرواد في حياتهم ، وكيف استطاعوا التغلب عليها .
وأنا أقلب بين الصفحات قارئا ، وباحثا ، لشخصيات تركت أثرا بمجتمعها ، توقفت أمام شاعر عرف باسم ( زهير الصغير ) ، وكان أو شارع روزمانسي إنه الأستاذ محمد عمر عرب ـ يرحمه الله ـ ، المولود في مكة المكرمة عام 1318 هــ ، وتلقى تعلميه في كتاتيبها ، التحق بمدارس الفلاح وكان من طلابه دفعتها الأولى بعد افتتاحها عام 1912 م ، وبعد تخرجه منها عين معلما بها في جدة ، ثم تنقل في عدد من الوظائف الحكومية حيث عمل كاتبا في المجلس البلدي في مكة ، ثم محررًا في ديوان النيابة العامة فمعاونا للمدير العام في الديوان ، ورئيساً لديوان وزارة الصحة .
وهو أول شاعر رومانسي حديث في المملكة ، كتب عنه الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي في جريدة الجزيرة بتاريخ السبت 19 مايو 2018 م ، قائلا : ” أعتقد أن أول قصيدة قيلت في هذا اللون من الشعر هي قصيدة (مع الورقاء) التي وردت في كتاب (خواطر مصرحة) في طبعته الأولى للأستاذ محمد حسن عواد عام 1345هـ / 1926م وقدم لها بقوله: «هذه القصيدة هي إحدى المساجلات الأدبية التي دارت بيني وبين الأديب عمر أفندي عرب في سنة 1342هـ وكان الغرض منها ترويج الأساليب العصرية في الأدب الحجازي ” .
وذُكرت قصائده في كتاب (أدب الحجاز) لمحمد سرور الصبان الذي صدر عام 1926م، وكان يكتب باسمه الأدبي المستعار (زهير الصغير)، تيمناً بالشاعر العربي البهاء زهير، وأشار إلى ذلك ” محمد حسن عواد في تقديمه لكتاب (الشجرة ذات السياج الشوكي) لرشاد سروجي الذي طبع في مصر عام 1380هـ / 1960م «.. وفي سنة 1341هـ تجددت صداقتنا في مكة، وقد قدمني في هذه المرة إلى لفيف من أصدقائه الأدباء كانوا يجتمعون في ندوة أدبية في مكان أنيق في محلة (جرول) بعد عصر كل يوم، وكانوا قليلي العدد لا يزيدون على أربعة وهم: عمر عرب ومحمد سرور الصبان وعبد الوهاب آشي وعبد الله فدا.
وكان كل منهم يتخذ لنفسه اسماً أدبياً مستعاراً، فكان الاسم الأدبي لعمر (زهير الصغير) ولمحمد سرور الصبان (أبا فراس) ولعبد الوهاب آشي (نعيمة القصير) “.
” وكتب عبد الله عبد الجبار في (التيارات الأدبية) أن مدارس الفلاح تقيم حفلات خاصة وعامة خارج المدرسة وداخلها يحضرها الرسميون وغير الرسميين من أبناء الشعب وأولياء أمور الطلبة فيرون كيف تتفتح البراعم الأدبية الجديدة.. إلى أن قال: «.. ولعل من أبرز من أنجبتهم مدرسة الفلاح بمكة حينذاك أدباً وخطابة عبد الوهاب آشي، وعمر عرب، وعمر الصيرفي، وعبد القادر عثمان، ومصطفى اندر قيري، وغيرهم من المتأدبين.. ».
وقد أسس المرحوم عمر عرب نادياً سرياً للأدب في بستان (كوشك) بالمسفلة يجتمع فيها طائفة من الشبان المتحررين يخطبون ويتحاورون في الأدب والسياسة.. وظل النادي يؤدي مهمته إلى أن وشِي بصاحبه فهاجمته الحكومة وأغلقته».
ونشرت أعماله الكاملة عام 2005م، بمناسبة اختيار مكة عاصمة للثقافة، ومن أشهر قصائده قصيدة معنونة بـ(عصر الشباب).
ومن مؤلفاته : الأعمال الكاملة، نشرها عبد المقصود خوجة بمناسبة اختيار مكة عاصمة للثقافة عام 2005م، ضمن كتاب الاثنينية ، الشجرة ذات السياج الشوكي، كتاب جمع فيه رشاد سروجي كل ما كُتب عن محمد عرب ومختارات من قصائده، وذلك عام 1966م ، نشرت له 4 قصائد في (أدب الحجاز) لمحمد سرور الصبان، وهي: إلى الشرق المستكين، يا نهر، يا صاحبي، الأمل، وقلب المحب ، نشرت ترجمة له في كتاب (وحي الصحراء..صفحة من الأدب العصري في الحجاز)، لمحمد سعيد عبد المقصود وعبد الله عمر بلخير، ونشر في الكتاب 7 قصائد له، منها: عصر الشباب، فلسفة الجمال، آلام الصب الحائر، كرى قديمة، ودمعة على الشباب ، نشرت سيرته في كتاب (معجم المطبوعات العربية المملكة العربية السعودية) لعلي جواد الطاهر.
توفي يوم الاثنين 15 ربيع الثاني 1373 هـــ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصلashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com