في هذه الزاوية أتحدث كل يوم على مدار شهر رمضان المبارك بإذن الله عن شخصية تركت أثرا بارزا في المجتمع ، سواء كان هذا الأثر في مجال التعليم ، أو في المجال الاجتماعي ، أو الإعلامي ، فالهدف هو إشعار أبناء الجيل الحالي بالمعاناة التي وأجهت الرواد في حياتهم ، وكيف استطاعوا التغلب عليها .
اعتدت بين الفينة والأخرى أن أقلب بعض الصحف القديمة ، لأقرا ما حملته من أخبار وما تحقق منها ، إضافة إلى ما خطه بعض الكتاب في بداياتهم من مقالات وما تناولوه من طرح ، للاستفادة مما تناولوه .
خلال تصحفي لبعض الصحف القديمة قبل نحو شهر ، توقفت امام خبر اختطاف وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني مع ١٠ وزراء نفط آخرين عام 1975 م ، في العاصمة النمساوية فيينا .
ويقول الخبر ” تمت عملية الخطف بقيادة الفنزويلي إلييتش راميريز سانشيز اقتحم برفقة فرقة من المقاتلين المدججين بالسلاح مقر أوبك واحتجزوا نحو 70 شخصا بينهم 11 وزيرا للنفط أبرزهم أحمد زكي يماني ” ، ” واستمرت عملية الاختطاف ما يقارب 46 ساعة حيث تمّ نقل الوزراء وعدد آخر من وفود الدول عبر حافلة إلى مطار مهجور حيث كانت تقف إحدى الطائرات، وتمّ الإفراج عن جميع الرهائن باستثناء وزراء الدول وبينهم أحمد زكي يماني ومَن ينوب عنهم “.
وبعد قراتي للخبر أخذت أبحث عن سيرة الوزير أحمد ذكي يماني ـ يرحمه الله ـ ، فوجدت أنه من مواليد مكة المكرمة عام 1349 هـ / 1930 م ، وتلقى تعليمه بمدراسها ، ثم ابتعث للدراسة إلى مصر طالبا بجامعة القاهرة ، وحصل على ليسانس الحقوق ( دراسات عليا في القانون 1952) ، تلا ذلك التحاقه بالدراسة بجامعة نيويورك ، ثم جامعة هارفرد ، كلية الحقوق، كامبريدج، ماساتشيوستس .
وبدا حياته العملية مستشارا قانونيا بمجلس الوزراء عام 1957 م ، ثم عين وزير دولة وعضو مجلس وزراء عام 1960 ، وفي عام 1962 م عين وزيرا للبترول والثروة المعدنية وبقي بهذا المنصب حتى عام 1986 م ، ويعتبر أحمد ذكي يماني ـ يرحمه الله ـ أول أمين عام لمنظمة الدول المصدرة للنفط، أوبك (OPEC) .
قال عنه المؤلف والمتحدث وخبير الطاقة الاقتصادي الأمريكي دانيال يرغين في كتابه المؤثر عن صناعة النفط “الجائزة” : “أصبح يماني بالنسبة لصناعة النفط العالمية وللسياسيين وكبار الموظفين وللصحفيين وللعالم بأسره ممثلا لعصر النفط الجديد، بل رمزا له.. وبات وجهه، بعينيه البنيتين الكبيرتين اللطيفتين، ولحية فان دايك المشذبة والمنحنية قليلا، مألوفا لكوكب الأرض” ، ومؤسس ورئيس مركز دراسات الطاقة العالمي عام 1990 .
وفي الجانب الثقافي فإننا نجد أن أحمد ذكي يماني ـ يرحمه الله ـ أسس وراس مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في لندن ، وهي مؤسسة غير ربحية، مسجّلة في إنجلترا ، تم إنشاؤها عام 1988، من قبل “مؤسسة يماني الثقافية والخيرية” ، هو المؤسس والراعي لهاتين المؤسستين.
ومن أهم الإنجازات التي حققتها مؤسسة الفرقان إصدار موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة التي ظهرت منها عدة مجلدات، وشارك فيها نخبة من علماء العالم العربي والإسلامي .
أما مؤسسة يماني الثقافية الخيرية فقد تبنت جائزة الشاعر محمد حسن فقي ، وهي جائزة سنوية موجهة للشعراء والنقاد في أنحاء العالم العربي، أطلقتها مؤسسة يماني الثقافية في عام 1415هـ/1994م بمصر، وفاز بالجائزة منذ انطلاقتها عدد من الشعراء والنقاد، منهم: فاروق شوشة، خالد محيي الدين البرادعي، عبداللطيف عبدالحليم، أحمد درويش، فاطمة طحطح، محمد إبراهيم أبو سنة، علوي الهاشمي، إبراهيم عبدالرحمن محمد، سعد دعبيس، جلال عابدين، عبدالعزيز حمودة، حسن بن فهد الهويمل، عدنان قاسم، محمد عبدالمطلب، محمد مصطفى هدارة، عبده بدوي، عبدالله الفيفي، وليد مشوح، إسماعيل الصيفي، حسن عبدالله القرشي.
توفي يرحمه الله يوم الاثنين 11 رجب 1442 هـ الموافق 23 فبراير 2021 في لندن، ودُفن في مقبرة المعلاة في مكة المكرمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصلashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com