استيقظت صباح اليوم الأحد – بتوقيت الولايات المتحدة الامريكية – على نبأ رحيل رئيس قسم الرواد والأحباء بالكشافة التونسية محمد الجراية، فكان النبأ محزنا، وقد سبقنا إليه القدر قال تعالى: (ولكل أمة أجل ۖ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ۖ ولا يستقدمون) حيث تواصلت معه مساء السبت برسالة صوتية وكتابية عبر التطبيق الاجتماعي الواتساب أطلب فيه موافقته على أن يكون ضمن سلسلة “إضاءة رمضانية” الذي يعرض يوميا سيرة رائد أو رائدة من الوطن العربي، لكن الأجل المحتوم قد حان
الراحل كان مثالا للعاشق للنشاط الكشفي وخدم الكشفية على مستوى الوطن والأمة العربية وترأس اللجنة التنفيذية بالاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات لدورتين، أبلى خلالهما بلاء حسنا
التقيت به في المرة الأولى بجوار الكعبة عندما استضفنا اجتماع اللجنة التنفيذية بالاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات، فحضر إلى رحاب الحرم مسرورا، ولم يكف لسانه عن الشكر والثناء للقائمين على رابطة رواد الكشافة السعودية، وعلى مكتب رواد الكشافة بمكة المكرمة على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، حضر ملتقى الكويت على كرسيه المتحرك ليعيش تفاصيل حزينة
“الجراية” كان رغم كبر سنه ملهما للهمم، صاحب أخلاق عظيمة وكرم، محب للسلام والإحسان والتسامح، ذا حكمة وروية، وشخصية عربية، برحيله خسرت الكشافة التونسية واحدا من عظمائها ، بل الكشافة العربية كلها تكبدت خسارة رحيله
لم تخسر الكشافة التونسية والعربية منذ فترة ليست بقصيرة رجلا بمكانة الراحل محمد الجراية، الأب الروحي للكشفية التونسية فجع الكشافة التونسية العربية وروادهم ومرشداتهم وقادتهم وكافة منسوبيهما دون استثناء على الراحل محمد الجراية، وتملك كافة المنتمين للكشافة العربية بمختلف أطيافهم الحزن العميق
وتأكد رحيل من كان همه جمع الكشافة التونسية بجميع أطيافها والإسهام في لم شمل رواد ومرشدات ورائدات على حب الحركة وبحثه عن رقيها وتقدمها، سخر جل حياته ومشوار عمره لخدمة الكشافة ومن ينتمون إليها قال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ۗ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ۖ وإلينا ترجعون)
و “الجراية” برحيله ترك للكشافة التونسية إرث ثقيل جدا، أيها الأحباء التو انسه (كشافة وقادة ورواد ورائدات) أن ما تركه فقيدكم الغالي وبعد تاريخه في خدمة الكشافة التونسية العربية لأكثر من نصف قرن من الزمان، لا يمكن أن يتحمله رجل واحد منكم، وأن كلفتم من ترون بالمسمى، فهو بالتأكيد سيحتاج العون والمساعدة، وطريقته في إدارة المهمة تحتاج لتطبيقها عشرات الرجال، وان ما تركه الجراية ليس تاريخا فحسب بل نظام وممارسة وتنفيذ وتحمل وسعى في الإصلاح وتقريب وجهات النظر، واحترام الآراء والوقوف على بعد مسافة واحدة من الجميع، وإدارة بالحكمة والفراسة واللباقة والتنظيم، كان في تونس الخضراء جسدا، لكن قلبه مفتوح لكل الكشافة العرب
ولا نملك في هذه الأيام الفضيلة إلا الدعاء له عن ظهر قلب ونقول ما أمرنا به الله في كتابة العزيز (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) فأنا لله وأنا إليه راجعون