
المساجد هي بيوت الله تعالى، وقد نسبها سبحانه إليه حين قال : *{وأن المساجد لله..}* أي لله، وليست لأحد من الناس، ولها قدسية خاصة لا تصل إليها أي مكان آخر في العالم، ولها أحكاماً، وتشريعات عديدة كثيراً مانجدها في القرآن الكريم، وفي حديث النبي؟ وحديث آل البيت عليهم السلام ..
قال تعالى : *{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ..}* فالمسجد يعتبر دستوراً لكل إنسان، ولكل مسلم، ولايشك أحد ما بأن له رسالة واضحة المعالم حملت في طياتها الكثير من الحكم، والمواعظ التي صححت بها حياتنا، وغيرت بها وجه العالم، والتي نص، وأكد عليها ديننا الاسلامي الحنيف..
وقال سبحانه : *{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ }*.. زينة معنوية، وزينة ظاهرية روحية، وجسمية.. قلبية، وجسدية فهل وعينا ذلك؟.. حيث تعد رسالة المسجد .. أقدس الرسائل في التاريخ، وفيها نزل كتاب الله، ونبوة رسولنا *محمد صلى الله عليه، وعلى آله طوال (٢٣سنة)* في مكة المكرمة، والمدينة المنورة بعد الهجرة إليها، وحتى وفاته فيها، وكانت هي مدة رسالته النبوية الخالدة للناس أجمعين ..
يقول النبي ص : *(كل جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة : قراءة مصل أو ذكر الله أو سائل علم)..* فمن يتتبع هذه الرسالة القيمة يجد أنها كانت شاملة لكل الأحكام الصحيحة، والتعاليم العظيمة فلم تترك أمر إلا.. وأوصلت فيه التوجيهات لجميع البشر مسلم، وغير مسلم بلا استثناء..
فمن يدرك ذلك..؟
ويقول الإمام علي ع : *(الجلوس في الجامع خير لي من الجلوس في الجنة)* .. ولكن الأمر الملفت، وما نشاهده هذه الأيام أن رسالته لاتؤثر في الكثير، وخاصة المسلمين منهم، وبالذات المتدينون فأغلبهم يصلون الفرائض الخمس في المسجد، ولكن لاترى انعكاس واضح على سير حياتهم بل تجدهم متشددين، ومتعصبين لجهة ما .. بعيدين عن الخلق، والأدب، والتواضع..؟
وقد شكت المساجد لله من هجرها، وكذلك المصحف الشريف.. كما يروى لقلة الحضور فيها؟
كما أن من يحضر فيها للأسف أصبح كثير منهم ذا وجهين.. داخل المسجد يتعامل بكل أدب، واحترام، وأما آخر خارجه فتجده يتعامل فيه بتحايل، وعدم مصداقية، وعدم انضباط، وذلك في كثير من جوانب الحياة، وهذا مما يؤسف له أن نصل لهذا الحال..؟
فيا ترى من الذي استفاد من هذه الرسالة..؟
لا الذي في عمله تجد لديه الانضباط، والالتزام، كما أنه لايطبق تعاليم كثيرة من الدين، ولا الذي في الطريق يحترم قواعد السير رجل أو امرأة، ولا في حياتنا الزوجية نهتم بشيء من ذلك، فالأخطاء من كل الأطراف.. فأين موقع رسالة المسجد منا..؟
وعلينا أن نفهم شرعاً أنه لا يصح في الإسلام ..
أن يتحول المسجد الى محل للنزاع، والخلاف، والبيع والشراء ولأي سبب كما في الروايات؟ لأنه بيت يدعوا للرحمة، وللاخوة، والتكاتف، والتواد، ومانراه الآن في بلداننا لايقره شرع، ولادين حيث تمت محاربة المسجد من خلال إمام الجماعة أو من خلال مسؤلين مشرفين عليه أو من خلال برامج معينة فيه.. وغالباً تكون هادفة، ولكن البعض يعاني من أمراض نفسية..؟
وفي حديث آخر للنبي ص يقول : *(الجلوس في المسجد عبادة)..* فهل تفكرنا في ذلك؟ حيث لا يشك عاقل في أن المسجد دار للعبادة، والخشوع، والخضوع لله تعالى، ولطلب العلم، وذلك ماعرف به على مر العصور حتى، وإن استغل في جوانب دنيوية، ولأهداف دنيئة كان القصد منها تحقيق مصالح شخصية خاصة لبعض الأفراد البعيدين أصلاً عن الالتزام بالدين .
*ومن أهم الإحصائيات :* يصل عدد المساجد في العالم إلى مايقارب من (٤مليون) مسجد، وأكبرها، وأقدسها المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى الذي يضم مسجد “قبة الصخرة” وهو أقدم المساجد، ومسجد (قل شريف) في روسيا، وهو الأجمل بين المساجد، ومن أكبرها مسجد (الاستقلال) في اندونيسيا، والتي يوجد بها أكبر عدد من المساجد حيث يصل عددهم إلى (١٠٠ ألف) مسجد .
وفي الختام يجب علينا الآن أن : ندرك، ونعي رسالة المسجد الحقيقية التي كلفنا بها رب العباد، وجاء بها النبي الأكرم منذ بداية عصر الاسلام، ورسائله في كل يوم، وفي كل فريضة، ووضع لنا من خلالها أهدافاً، وقيم، ومباديء علينا أن لا نحيد عنها حتى، وإن تغير الزمان، وإن تغير المكان، وإلا سنكون من الخاسرين، والحمدلله رب العالمين .
والسلام خير ختام .