على بعد 76كم عن العاصمة تونس و فوق هضبة واد مجردة شمال غربي البلاد تقع المدينة الأندلسية ” تستور” من محافظة باجة و فيها انطلقت رحلتنا مع منتصف شهر أيار الحالي لتدشين مسلك “رمانة تور في تستور”
وهو مشروع مشترك بين “وكالة أحياء التراث و التنمية الثقافية” و مختلف الجمعيات الثقافية و الفلاحية بدعم من “مشروع النفاذ إلى الأسواق للمنتجات الغذائية والمحلية في تونس” و “منظمة الامم المتحدة” و “السفارة السويسرية بالجمهورية التونسية”، هدفه تثمين منتوجات الرمان و ربطها بالسياحة الايكولوجية لدفع اقتصاد جديد بالمنطقة و تغيير فكرة كونها منطقة سياحة عبور و مرتبطة فقط بمهرجان الرمان السنوي.
نقطة الانطلاقة كانت بالمقهى الأندلسي الراجع بالنظر “لوكالة أحياء التراث و التنمية الثقافية” لنخوض رحلة عبر الزمن إلى زمن الموريسكيون، المسلمون من الاندلس و مؤسسي المدينة،
تستور هي الاندلس هي الحضارة والتاريخ، وهي الرمان وفي انتظار مهرجانها السنوي،
التي استقبلنا اهلها “بجلنار” وهو الاسم العلمي لوردة الرمان، و أيضا هو الاسم الذي اختاره الشاب “شرف الدين الوسلاتي” لمشروعه والمتمثل في انتاج عصير الرمان اساسا إضافة إلى المعجون و الدبس و المثلجات،
و الاستثمار في المثلجات لا يتوقف عند “شرف الدين” حيث أن “بشرى خليفة” شابة اختصت و استثمرت فيها لتطورها من خلال مشروعها “بينوكيو شوب” لتستعمل تقنيات حديثة و تطور الفكرة في مخابر لصنع مثلجات من نكهات مختلفة مكونها الاساسي الرمان وسعت لتوفير منتوجاتها لحرفائها على مدار السنة.
اما “هاجر فرهود” سيدة تفننت في صنع معجون الرمان وطورت طريقة تصبيره،
يتواصل المشوار لنحط الرحال بمكان اخر غير بعيد بالمدينة “بدار بالسيد” لتفتح لنا ابوابها مرحبة وتقدم لنا الاكلة الأندلسية المشتقة من الرمان ايضا،
على بعد شارعين نجد “بيت المونة” لصاحبته “اسماء الرويسي”، بالإضافة إلى المنتجات السابق ذكرها، اختصت اسماء في الرشتة الحلوة وانتجت الرمان المجفف ليضفي طعمه سحرا على الاكلات.
يمتد “مسلك الرمانة” لبضع كلمترات خارج المدينة حيث استغل “محمد الجويني” اعلى هضبة وضيعات الرمان المحيطة لخلق فضاء ترفيهي، متنوع الأنشطة كممارسة رياضة المشي داخل ضيعات الرمان والتسلق
اما “أكرم بن موسى” صاحب الضيعة النموذجية حافظ على التقنية التقليدية لزراعة أشجار الرمان من خلال تظليلها باشجار المشمش ليكون الزرع على مستوايين
أكرم ايضا يكرم ضيوفه بالاكلات التقليدية كالكسكسي التونسي بالرمان.
لتنتهي الرحلة في “بنادي الفلاحين” الذي انشأته “ريم الموساوي” حيث خصصته لجمع كل المساهمين في “مسلك الرمانة” ، وفضائها مخصص لتبادل الخبرات وتكوين وتاطير كل الراغبين في تثمين منتوجات الرمان
كما خصصت جزء منه ليكون معرضا للصناعات التقليدية المستوحاة من الرمان من امضاء المبدعة “رفقة رمتانة” التي ورثت خبرتها في التطريز من جدتها.
نغادر تستور على أمل اهلها بأن تغدو وجهة سياحية للزوار كامل السنة خاصة بعد تدشين المسلك المتكامل حيث جمع بين الثقافة والاقتصاد و الابداع، فرغم تشابه بعض المنتوجات الا ان لكل بصمته الخاصة.