كنا ومنذ اكثر من ستة عقود قد تزيد او تنقص خلال مواسم الحج فى طيبه الطيبة ،نعيش حالة الاستنفار بين الاهالي ومكاتب الادلاء لأستقبال ضيوف الرحمن على فترتين قبل اداء الفريضة والتوجه الى مكة المكرمة وبعدها وزيارة المدينة المنورة لمن لم يرزونها فى الموسم الأول قبل اداء المناسك
ومن عادات اهالي المدينة المنورة وفى غالبيتهم تأجير منازلهم للحجاج خاصة وان المنازل قريبه من المسجد النبوي الشريف وحوله فى تلك الأيام الخوالي السعيدة قبل التوسعات المتتالية بجهود مشكوره من الدولة – رعاها الله – لصالح الخرمين الشريفين للتيسير على ضيوف الرحمن لاداء مناسكهم وزيارة المدينة للتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصاحبيه ابى بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، والاطلاع على الاثار الاسلامية : مسجد قباء ، والقبليين ، والسبع مساجد ، وشهداء احد ، وبقيع الغردق ، وبئر عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبئر الخاتم في قباء
ومن الاستعدادات لاستقبال ضيوف الرحمن تجهيز المنازل بكاملها عدا الدور العلوي ، لتكون سكنا لأصحاب تلك المنازل لفترة تواجد ضيوف الرحمن وغالبية الضيوف يمكثون لمدة ثمانية ايام وبعدها يغادرون الى مكة المكرمة للحج .وخلال المدة التى يقضيها ضيوف الرحمن فى المدينة المنورة ، كنا نشعر بحب وسعادة وفرحة الضيوف من خلال تعاملنا معهم والتشرف لخدمتهم فتكون احوالنا ممزوجة مابين الفرحة والسعادة ، والنشاط المنقطع النظير خلال بقية ايام السنه والجميع كبار وصغار جاهزين للخدمة بمقابل وبدون مقابل والرضى باليسير لما يقدمه ضيوف الرحمن لنا ونحن فى خدمتهم تنوع الاعراق والالوان والثقافات نشعر وكأننا ملمين بها جميعها لوجود الحافز المهم وهو التعود سنويا على هذه الخدمات الجليلة والتي نهيأ انفسنا للقيام بها رغبة فى كسب الأجر والثواب من الله جل فى علاه ثم دعاء من قدمت الخدمات لهم وهم سعداء بما تم تقديمه لهم منذ وصولهم وحتى مغادرتهم الى مكة المكرمة ومنها الى اوطانهم بعد ادائهم النسك أملين قبول حجهم متمنين أن يكون حجهم مبرور وسعيهم مشكورًا
تعلمنا من خدماتنا واختلاطنا بضيوف الرحمن ونحن لا نزال صبيه صغار وشباب اقاصر من الثقافات المتنوع للعالم الإسلامي ،لغات ،اطعمه ،مشروبات ، ادوية ،والوان اعلام الدول الاسلامية وفرقها الاسعافية (البعثات الطبية ) المشاركة فى مواسم الحج ، والكثير من الفوائد ونحن فى خدمتهم الممتعة ، وكانوا غالبية الحجاج يجلبون معهم بعض الاطعمة والفواكه وطحين الدخن بأنواعه والزيوت والسمن الخاص للطبيخ على سبيل المثال من مصر (المش والقراقيش )وبعض حلويات الكعك لذيذ الطعم ، ومن تركيا (الزبيب والمكسرات وبعض انواع الفواكه المجففة) ، ومن نيجيريا (المنجا ، والقورو ، وبعض الكريمات الخاصة للجسم والشعر والادوية الشعبية ) ، ومن السنيغال (البطانيات الصوفية النادرة الصنع التى تنسج يدويا من عندهم وبأشكال والوان جميله وزاهيه اضافة الى بعض الاغذيه المتنوعه ) ، ومن مالي (المنجا ذات الحجم الكبير ،اضافة الى بعض الاغذية المتنوعة والادوية الشعبية)ومن ايران (الفستق وبعض حلويات الحلقوم بنكهة بالمستكة ) ، ومن دول المغرب العربي ، المغرب والجزائر وتونس وليبيا ،(الزيت الاخضر والزيتون والكسكسي ) ، ومن بلاد الشام الاردن سوريا لبنان فلسطين (الزيت الاخضر وبعض الاغذية والحلويات المشهورة عندهم
ومن الملاحظ ان الدول المتجاورة او التي فى محيط وقارة واحده متقاربون فى ثقافة الاطعمة وبعض المنتجات المحلية سواء فى افريقيا او اسيا وغيرها من الدول التى يفد ضيوف الرحمن منها لاداء مناسك الحج والعمرة ،،
وكنا نذهب الى البعثات الطبية لبعض الدول المشاركة فى موسم الحج ونتلقى العلاج اللازم دون مقابل وبكل ترحاب وقبول من موظفيهم سواء كوادر طبيه او اداريه خاصة وانهم فى مواقع قريبه جدا من منازلنا ،
ولا انسى تعاطف وحب غالبية من سكنوا فى بيوتنا من ضيوف الرحمن بتنوع اعراقهم والوانهم كانو يدعونا وبإلحاح مشاركتهم بتناول بعض الاطعمة وان رفضنا يتم اخذ قسم فى إناء ليسلموه لنا وعند امتناعنا استلامه يرسلونه الى اهلنا فى منتهى المحبة والسعادة خاصة عندما يصطحبون بعض ابنائهم فى اعمارنا او اكبر بقليل او اصغر للحج عاطفة الامومة تجعلهن يعاملوننا كأبنائهن
وفى بعض الاحيان نعقد صداقه مع اطفال فى سننا والبعض منهم لا يتحدث العربيه ونتعامل معه بالإشارة ويشاركنا اللعب والسعادة بمراقبة اهاليهم وسعادتهم ومن الاطفال من دولة يوغوسلافيا ، وغانا ،والكويت ،والعراق ،ونيجيريا ،ومالي ،والمغرب ، والجزائر ، وعمان
وقد قضينا معهم اوقات سعيدة على قدر المرحلة العمرية وصفاء الطفولة وبداية مرحلة الشباب
واذكر هنا ممن كان يشاركنا اللعب مع شقيقه الشيخ (علي بن عبدالله جابر)إمام المسجد الحرام ) رحمه الله واسكنه فسيح جناته ،كانت اسرته مجاوره لنا فى المدينة المنورة في حي (حوش المرزوقى)شمال غرب المسجد النبوي الشريف وبالقرب منه
كما اتذكر ان بعض الحجاج عندما ينتهوا من مناسك الحج ويتجهوا الى المدينة المنورة للزيارة خاصة لمن لم يزرها قبل اداء النسك ، يمكثون فى المدينة المنورة لمدة ثمانية ايام والبعض منهم لا يملك من المال لدفع ايجار السكن والطعام وخلافه من الخدمات ويخبر صاحب المنزل بمشكلته سواء انتهاء ما تم رصده للحج او ضياع او سرقة ماله ،مباشرة يعفو عنه صاحب المنزل ويطلب منه فقط الدعاء له وهذه من اخلاق ثقافة اهالي طيبه الطيبة يتوارثوها جيل بعد جيل كيفا لا وهم جيران ( خاتم الأنبياء والمرسلين ) سيدنا محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه اجمعين)ًوالذى وصانا على اكرام الضيف ،وهم ضيوف الرحمن ،والذين سعدنا وتشرفنا بخدمتهم ولا زلنا كذلك ونسأل الله القبول للحجاج حجهم ويغفر ذنوبنا وذنوبهم أنه ولي ذلك والقادر عليه




