قال مدير شركة إثراء رقم 8 التابع لشركة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية الباحث والمهتم بمعالم السيرة النبوية ومساراتها والتاريخ المكي والطوافة الدكتور السيد سمير برقه “ولدت على التلبية، وعشت في بيت الطوافة، وورث المهنة عن والدي ووالدتي” مشيرا إلى أن مجاورتهم للحرم المكي الشريف أسهم في اطلاعهم على عادات الشعوب الإسلامية، مؤكدا -في الوقت نفسه- امتلاكه لأكثر 120 وثيقة تاريخية تحكي تاريخ مهنة الطوافة وتوصيف الحياة الاجتماعية والثقافية بمكة المكرمة، جاء ذلك في الجزء الأول من حواره لصحيفة شاهد الآن إليكم تفاصيل ما جاء في حديثه.
- نتعرف عليك أولا ؟
أنا سمير بن أحمد برقة سعودي مولود في حي الشامية المتاخم للحرم المكي الشريف الواقع في شماله مباشرة والتي تعد واحدا من أقدم الحارات بمكة المكرمة، فتحّتُ عيني في منزل يضم مطوفين فوالدي وولدت مطوفين، أول ما سمعت بعد ولادتي مباشرة عبارة “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك” فعشت هذه الأيام ورضعت منها وأصبحت متعودا على الأجواء الإيمانية الطبيعية، ودارنا كان يبعد عن المسجد الحرام نحو 200 متر فقط هذا -باختصار- سمير برقة الانسان
** عمي كان له مجلس في صحن المطاف
- هذه الأجواء الايمانية وعيشك بالقرب من البيت الحرام بالتأكيد تركت في نفسك اثر كبير فماهي اهم ذكرياتك عن الماضي الجميل ؟
ارتباطي الوثيقة بالحرم المكي الشريف كان عن طريق والدي و “عمي” السيد علي برقة -خصوصا- والذي كان له مجلس أو موقع خاص في صحن المطاف داخل الحرم المكي الشريف أتردد عليه ، وكنت أشاهد حضور أعيان مكة ورجالاتها، ووالدي كان موظف دولة في دارة المحفوظات المركزية التي كان في محلة أجياد، ووالدي أتذكر أنه كان (31X) رجل دولة “موظف”، ومطوف، ورئيس نادي النمور الرياضي”
والدتي كانت تهتم بإطعام لاعبي الفريق
- اسالك عن نادي النمور ومتى تأسس ؟
هذا النادي كان اسمه “نادي النمور الرياضي” تأسس على يد والدي السيد أحمد برقة العام 1365 ه واستمر حتى العام 1385ه ومقره في دارنا في حارة الشامية ونائبه (العم) محمد شاولي ومجموعة، وأنا أملك الآن عددا كبيرا من الوثائق أكثر 120 وثيقة تتحدث عن الحركة الرياضة في مكة المكرمة فكانت الرياضية في تلك الحقبة تتبع وزارة الداخلية، ثم وزارة المعارف، ثم تحولت إلى رئاسة خاصة أطلق عليها “الرئاسة العامة لرعاية الشباب” وكنت أشاهد في منزلنا في وقف السادة العلويين وأنا في عمر 6 إلى 7 سنوات، الفريق عندما يجتمع في مجلس دارنا “الديوانية” وأخي لأكبر السيد حسن برقه كان أكثر مني دراية كونه يكبرني سن، كما استطعت توثيق أخبار نادي النمور بإجراء حوار مع والدتي وهي تتحدث عن تاريخ هذا الفريق ، حيث كانت تقوم بالطبخ لهم، وتغسل الملابس الخاصة بالفريق، وتحدثت عن وصف كامل ومفصل متطابق مع المستندات التي وجدناها في صندوق “الصحاري” الخاصة بالوالد، ونشرت بعض من أحاديثها عبر حسابي الخاص في “تويتر” سابقا وحديثها تاريخه ، منذ ولاتها العام 1357 ه تاريخ إلى أن اقترنت بوالدي وصاحبت والدي طول حياتهما في الطوافة والحياة عامة، وسمعت منها مصطلحات عديدة من مصطلحات أهالي مكة وتحدثت عن الشامية وبيوتنا وأوضاعنا، تحدثت حتى عن كهربا لاعبا كان في الفريق، واللاعب طابا، ومن رواياتها كانت تتحدث عن احتكار النجوم عندما يسجلون في الفريق ، وضمن المستندات التي وجدتها مخاطبة من فريق يعتذر عن ملاقاة فريق النمور، وتاريخ النمور قديم جدا ويعود إلى تاريخ 1367 ه، وهناك أندية أخرى منها العلمين مثلا والحجاز، والشباب، وكان الأمير عبد الله الفيصل من يحضر المباريات، وكان تدريب الفريق في إحدى ساحات جبل النور، والون الشعار مركبا من اللون الأبيض والأحمر والأبيض وعدد من الألوان
تعلمت لهجات الحجاج وتعرفت على عادات الشعوب
- دعني أعود بك إلى موضوع الطواف وأسألك: متى تأثرت بها ؟
أنا تأثرت بمهنة الطوافة منذ ولادتي، وبيتنا كله تأثر بالطوافة بل إن أختي “نايلة برقه” – يرحمها الله – وُلدت في الحافلة التي كانت تقلهم بين المشاعر أثناء النفرة من عرفة إلى مزدلفة، فحياتنا كلها كانت في مهنة الطوافة لأن المطوف في تلك المدة كان يصطحب أسرته إلى المشاعر ويشركهم في خدمة الحجاج، أتذكر والدتي كانت تطبخ لعدد 120 إلى 130 شخصا وأكثر يوميا، ومن الطرائف أرسلتني ذات مرة إلى الحجاج وكانوا من تونس لأسألهم ماذا يرغبون من طعام في الإفطار غدا، فأجابوني أنهم يرغبون في “العظم” وهو بلهجتهم “البيض” فعدت إلى والدتي وأنا مشفق عليها وأخبرتها بأنهم يرغبون في أكل اللحم على الإفطار، ظنا مني أنهم عظم يعنون به اللحم، لكن والدي -عليه رحمة الله- تدّخَل وصحّح المعلومة، فهنا بدأت أتعلم لجهات الشعوب وعاداتهم ومعرفة المصلحات واللهجات ، وكنا تستقبل الحجاج ببهجة ونقدم لهم مياه الوضوء في اول وصولهم ليستعد للذهاب إلى الحرم ، وكان الحي بأكمله يشعرون بالسعادة والفرحة كون منازلهم تستأجر كمساكن للحاج ، والخير كان مشترك ، وكان العم احمد محمد الشاعر يقوم مقام الوالد في تسيير أمور الحجاج في فترة ذهابه مع الحجاج للطواف في الحرم ، ومازلنا أنا واخواني على علاقة بأصدقاء والدي منذ ثمانين او تسعين سنه ، إلى جانب علاقتنا بأحفاد كبار حجاجنا ، رغم وفاة والدي العام منذ العام 1397هـ وبعد وفاته بنحو عشرات سنوات وجدنا ضمن محفوظاته في صندق (الصحارى) مستندات عديدة وقديمة تظهر الكثير من الأمور ، خصوصا في مهنة الطوافة عبر ستين أو سبعين وثيقة قديمة ، تشرفنا في فترة إقامة معرض من ذاكرة مطوف وزير الاعلام الأستاذ عبدالعزيز الخضيري عندما كان وكيلا لأمارة منطقة مكة المكرمة
تجولت مع والدي وعمري 15 سنه
- الطوافة زمان مهنة ومسؤولية وعلاقات ومنافع رايك في هذا ؟
نعم المطوف كان يخوض حملة شبيه بالحملة الانتخابية كان يسافر ويترحل ويصل إلى حجاجه في بلدانهم حتى يقنعهم باختياره لخدمتهم، وأنا أتذكر عندما سافرت مع والدي وان في عمر 15 سنة وتجّولنا على مدى 3 أشهر على تونس وما حولها، وبعض المدن الأفريقية، عموما كانت هناك معاناة يعيشها المّطوف في سبيل الحصول على رضى الحجاج والاتفاق معهم، كان والدي – -عليه رحمة الله- – يذهب إلى مستعمرات فرنسا في أفريقيا عبر السفر إلى مصر ثم باريس ومن هناك يذهب إلى مدن أفريقية وكان يرافقه صديقة الأمين الجزيري الذي يجيد الفرنسية
شعرت بالمسؤولية عند العمل بعد وفاة الوالد
- دعني اسالك عن أول مسؤولية أديتها في خدمة الحجيج ؟
أول مسؤولية تكليفي بالعمل بعد وفاة والدي ، حيث شعرت بها ، وكان عمي السيد علي برقه كلفنا بالقيام بمقام الوالد وفي تلك السنه كانت اعداد حجاجنا كبير جدا ، وفي تلك الفترة شعرت بعظم المسؤولية عندما انتقلت الطوافة من الوالد الينا وحملت اللوحة مسمى المطوف حسن برقة واخوانه (حسن اخي الأكبر) وكان وكيلنا الشرعي معين ومساعد لنا في تسيير الاعمال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للحديث بقية ..
تابعوا …ما تبقى من الحوار والأكثر إثارة