بسم الله الرحمن الرحيم
أشتقنا الى تلك الايام السعيدة مع جيل ذهبي راقي النفس طيب القلب قنوع الى ابعد الحدود فى القناعة هدفهم رضى الله تعالى والفوز بدخول جنات النعيم ولا نزكي احد على الله جل فى علاه ونحسبهم كذلك والله حسيبنا جميعا ،،
السر فى ذلك الجيل انه متشابه تماما فى التعامل والأمانة والإخلاص والبعد كل البعد عن ما يسئ للآخرين سواء من الجيران أو خلافهم . الجميع يعتبر عائله واحدة داخل الحي فقط جدران وحوائط البيوت تحول بينهم ،،
متكاتفين فى جميع المناسبات السعيده والحزينه وفى مناسبات والأعياد ،،
الجميع سواسيه مع تنوع الأعراق والألوان والثقافات واللغات واللهجات وهذه هى الميزه التى تظهر جمال ورقي الدين الاسلامي فى إنتشاره حول العالم تجمعهم كلمة (لاإله إلا الله محمد رسول الله )،
كنّا وقبل ظهور الكهرباء وانتشارها داخل احياء وازقة وشوارع المدينه المنوره ،نعيش على ضوء وسائل الإنارة والإضاءة داخل البيوت وخارجها بأجهزة نسميها (الأتاريك والفوانيس والمسارج واللمبات ذات الفتائل المتنوعه والمديلات المختلفه الأصلي منها والتقليد حسب ماكنا نطلق عليها عند شرائنا عند حاجتنا لإستخدامها ، نستخدم مادة الكيروسين (القاز)لإشعالها ،،
واستخدامها لجميع ما يهمنا فى الليالي الظلماء فيبدأون الاهالي بتجهيزها قبل غروب الشمس بفتره قصيره وبعض وسائل الإضاءة تكون مخصصة للمناسبات الكبيرة ونسميها
(الأتاريك جمع اتريك ) والبعض منها يستخدم لإضاءة الشوارع والازقة والاحواش ويستمر المسؤول عنها بمتابعتها على فترات طوال الليل لإصلاح المتعطل منها و اضافة بعض الكيروسين (القاز)للمحافظة على عملها وتغير فتيلة الإضاءة إن تلفت المستخدمه سابقا ،
كانوا الاهالي يستفيدون من الفوانيس فائده كبيره حيث يعتبر استخدامها داخل المنازل وخارجها سهل جدا لخفة وزنها ومناسبة حجمها وطول عملها وقلة استهلاكها للكورسين (القاز) ،ومن فوائدها عند مغادرة الضيوف قليلُ العدد خاصة النساء مع اطفالهن يتم القيام بمرافقة الضيوف المغادرين الى منازلهم خارج الحي بمسافه بعيدة نوعاً ما وتكون الظلمة حالكة في الأزقة والشوارع والاحواش ،الفانوس يقوم بالمهمة حيث يحمله أحد افراد الاسره من الشباب بمرافقة والدته بما كنا نسميه (تسريه) الى تقريبا خروج الضيوف الى منطقه آمنه من الخوف والظلام الحالك المخيف خاصة فى الايام التى لا يشاهد فيها القمر ليلا ،ولا ننسى ثقافة القصص الليلية قبل ظهور التلفزيون لنا ونحن اطفال لا تخلو من الرعب وقصص الجن ومردة الشياطين وما كنا نسميها
(الدوجيله ) والتى لا تظهر الا فى الليل حسب رواة القصص المخيفه وكلها من نسج الخيال ومع ذلك كنا نصدقها حتى كبرنا ووصلنا لمرحلة المراهقه .
الحكاوي الليله كانت مصدر سعاده لنا كما هى مصدر للخوف فى بعض فتراتها.
وجمال القصص فى تلك الايام الخوالي عندما تروى تحت ظل القمر إن كنا فى منطقه مفتوحه مثل أحواش المبانى أو اسطح البيوت عند الرغبة فى النوم ليلا فنستمع من والدتنا اطال الله فى عمرها او من اختنا الكبيره حفظها الله او من إحدى نساء الجيران المشاركين معنا فى السكن مثلا فنجتمع حول الراوية للحكاية ونطالبها بسرد إحدى القصص والحكاوي المسلية الشيقة التي تعودنا سماعها فتستجيب لطلبنا والحاحنا عليها فتقول ،،
(وحدوا الله) نرد بقولنا (لا إله الا الله)فتقول (من عليه ذنب يستغفر الله) جميعا نردد،
(أستغفر الله)وبعض الاحيان تزيد فى الطلب وتقول (من عليه ذنب يتفل وراه ) تقصد يبصق خلفه اعزكم الله ،،
وفعلا نقوم جميعنا بتنفيذ ما طلبته والا ترفض البدء بسرد القصة أو الحكاية ،،
وفعلا تبدأ بسرد القصة ونستمتع بتفاصيلها خاصة اذا كانت الحكايه خاليه من ذكر الجن والعفاريت و(الدوجيله) وتختم حكاويها دائما بكلمة ،(وعاشوا فى التبات والنبات وخلفوا صبيان وبنات ) وبذلك ننصرف الى أسِّرة نومنا مسرورين دون الخوف من الذهاب الى دورة المياه او لتلبية طلب من الوالدين بإحضار غرض من موقع مظلم نوعا ما أو اضاءته ضعيفه وبعيد عن حركة وتواجد الاسره ،
بكل ابعادها خلاف ليالي رمضان الكريم التي لها خاصية فى السهر والحكاوي ومع تنوع ظروفها كانت ايام سعيدة وبسيطة وقنوعة وميسرة وسهلة من الجميع للجميع كل ذلك قبل ظهور وإدخال الكهرباء الى البيوت فى المدينه وقبل البث التلفزيوني بعدة سنوات ،
متعة الحياة بتكاتف مجتمعه وحبه لبعضه البعض وتنوع الثقافات وانصهارها بينهم زاد من وهج وجمال الفعاليات فى ذلك الزمن الجميل زمن الطيبين رحم الله من توفى منهم
وأسكنهم فسيح جناته ونسأله تعالى أن يحفظ من تبقى منهم ويطيل فى أعمارهم .وأن يختم لنا ولهم بالصالح من القول والعمل
انه ولي ذلك والقادر عليه ،،
وآخر دعوانا ان الحمدالله رب العالمين .