تحتفظ ذاكرة الداعية الموريتاني محمد ولد الكبير بقصص كثيرة، عايشها وهو يعمل على نشر الإسلام في دولة مالي، بعض تفاصيل هذه القصص قد تغيب عن باله، بعد أن بلغ من العمر نحو 80 عاماً، إلا أن قصته مع قرية بوذية، يعبد جميع سكانها الأصنام، يستحضرها كاملة عن ظهر قلب، ليس لسبب سوى أنه تحدى هؤلاء، ورفض عقيدتهم.
ويقول “الكبير” ، الذي حضر ضيفاً على مسابقة خادم الحرمين الشريفين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والتي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالتعاون مع نظيرتها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، أنه يعمل إمام جامع دار السلام، في أحد أحياء نواكشوط، إضافة إلى عمله معلماً للقرآن الكريم، ومدرساً للغة العربية، وداعية إسلامي.
ويضيف “العمل الدعوي في موريتانيا، كان يبعث الدعاة إلى دول أفريقيا، وكان من نصيبي العمل في دولة مالي، ووُفقت بنشر الإسلام فيها، من خلال التركيز على سماحة الإسلام، وتعاليمه التي ساوت بين جميع البشر”.
أثناء وجود الشيخ في مالي، وجد قرية، جميع سكانها، الذين يزيد عددهم على 5 آلاف نسمة، يعبدون الأصنام، ويتباهون بهذا الأمر، وعرف بأنهم أناس طيبون، ولا يمانعون من التقرب من الجميع بود وحسن المعاشرة، ولكنهم مع ذلك، يكرهون كل الديانات التي تخالف عقيدتهم، وعلى رأسها الإسلام، ويرفضون تماماً أن يروا أمامهم إنساناً يصلي ويسجد لغير الأصنام التي يعبدونها.
ويقر محمد ولد الكبير بأن هذه القرية استفزته، فقرر أن يدخلها، ناشراً الإسلام فيها، متجاهلاً ردة فعل سكانها، التي قد تهدد حياته. ويقول: “كان علي أن أفكر في طريقة أقتحم بها القرية البوذية داعيا للدين الإسلامي، دون أن أتعرض لأذاهم، ووجدت ضالتي في التعرف على حاكم القرية، وجلبت له “الأتاي” الموريتاني المعروف وهو يساوي الشاي والسكر وذلك على سبيل الهدية والاستمالة ، فوافق لي أن أدخل القرية تحت حمايته، وأدعو سكانها إلى الإسلام”.
ويتابع “حدثتهم كثيراً عن مزايا الإسلام، من تسامح ورحمة وإنسانية مفرطة، وتكافل وإيثار، وعبادات تبعث الطمأنينة في نفوس البشر، وقارنته بالديانات الأخرى، ليدركوا الفارق، وكانت المفاجأة أن الله شرح قلوبهم جميعاً للإسلام، ونطقوا بالشهادة عن اقتناع، وصلوا من خلفي، في مشهد مهيب، وكأنهم كانوا في انتظار من يأخذ بيدهم من الضلال إلى الهداية”.
وبجانب قصة القرية البوذية، يسترجع الداعية الموريتاني محمد ولد الكبير قصصاً أخرى عن مواقف تعرض له أثناء عمله الدعوي. ويقول: “ذهبت إلى قرية أخرى في مالي، بدعوة من إمامها، الذي اعتنق الإسلام بعد عقود من الكفر بالله، وأثناء حديثي معه، وجدته يبكي بشدة، فسألته ما سبب بكائه، فأشار إلى شجرة كبيرة تقع بالقرب منا، وقال لي أنه عندما اعتنق الإسلام، كان يجد غلظة من أهل القرية، الذين كانوا يرفضون إسلامه، فقاموا بقيده في تلك الشجرة، وتعذيبه بالضرب المبرح، حتى يترك الإسلام، ولكنه تمسك به، ولم يتركه”.
ورأى الشيخ محمد الكبير أن الإسلام بحاجة إلى وقود مستمر والمملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تعمل على نشر الإسلام ومحاربة البدع والوسطية في الدعوة دون التحيز لرأي أو التعصب لآخر ، ودون مصادمة الأديان والطوائف ، وتعلمنا من المنهج السعودي في مهمتها الدائمة لخدمة الإسلام والمسلمين ؛ المحبة والتسامح واللين والتعامل بِالَتي هي أحسن ، وهذه أهم أدوات قبول الآخر.