تشارك المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في في القمة العالمية للزعماء الدينيين المنعقدة تحت شعار “أديان العالم من أجل كوكب أخضر” في إطار الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب29) والتي انطلقت صباح اليوم الثلاثاء في مدينة باكو عاصمة الجمهورية الأذربيجانية و بمشاركة زعماء الأديان العالمية وتستمر على مدى يومين بجلسات عمل ولقاءات حوارية بين زعماء الأديان العالمية ووفود عربية وإسلامية .
وأكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أن مشاركة المملكة في هذا المؤتمر الذي يُسهم بدور فاعل في تعزيز الحوار بين العلماء والزعماء الدينين وممثلي المنظمات الدولية حول التحديات التي تواجه البيئة يأتي انطلاقاً من حرص المملكة في بناء الحوار بين الحضارات وتماشياً مع دورها الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين بالعالم كونها تحتضن الحرمين الشريفين مهوى أفئدة المسلمين بالعالم.
وقال معاليه في كلمة المملكة التي ألقاها نيابة عنه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية الدكتور عواد بن سبتي العنزي :
لقد أدركت المملكة العربية السعودية بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء – أيدهما الله أهمية حوار الحضارات والدعوة إلى التعايش بين المجتمعات بصفتها مرتكزاً أساسياً في تشكيل هوية الأمم وقيمها، مشيراً إلى أن تنوع الثقافات وتعددها واحترام خصوصية كل ثقافة، يعد مطلباً للتعايش بين الشعوب، وتحقيق السلام بين الدول، مؤكداً على أهمية البعد الإنساني المشترك في كل ثقافة بعيداً عن مفهوم صدام الثقافات، وأن البعد الثقافي أصبح مرتكزاً أساسياً في العلاقات بين الدول والشعوب، ومن المهم تعزيزه لخدمة السلم والأمن الدوليين.
مؤكدا أن دور القيادات الدينية في العالم يزداد أهمية وأثراً في حياة الناس في وقت الأزمات والشدائد والفتن في بناء جسور التواصل والتعارف بين جميع فئات المجتمع، وتعزيز الأمن والسلم والمساهمة في حماية المجتمعات من الكوارث البيئية وذلك تحقيقاً لمراد الله عزّ وجل ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) مشيراً إلى إن من أهم ما ينبغي على القيادات الدينية والروحية ، هو عدم استغلال الدين لتأجيج الصراعات والتحريض على العنف وإحداث الفوضى في المجتمعات والاضرار بالبيئة ، بل الواجب الإسهام في إنهاء الصراعات ومكافحة الطائفية والتعصب، وتعزيز قيم المواطنة الصالحة ، وحماية البيئة والتصدي لجرائم الكراهية، وإثارة الفتن والنعرات والاعتداء على الآخر بسبب العرق أو الدين أو اللون أو غيره .
ومنوها بدور القيادات الدينية والروحية في أن يكونوا مصدر إلهام للآخرين في ممارسة القيم الإنسانية المشتركة في الحياة العامة مثل : الرحمة والعدل والبر والإحسان والتعايش وحماية البيئة ؛ للارتقاء بالحاضر ، والانطلاق نحو المستقبل المزهر ، مبيناً أن الجميع يشترك في هدف واحد هو طلب السلام والاستقرار والوصول إلى عالم أكثر اعتدالاً ؛ حتى نترك لأجيالنا المقبلة واقعاً أكثر أمناً واستقراراً وبيئة مثالية يحقق فيها طموحاته.
مؤكدا إننا في المملكة العربية السعودية نسابق الزمن في معالجة التغير المناخي والحفاظ على البيئة انطلاقا من إيمانها الراسخ بوجوب الحفاظ على البيئة وتكريم الله للإنسان وقياماً بما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأوامر والواجبات في الحفاظ على عمارة الكون قال صلى الله عليه وسلم (إذا قامت القيامة وفي يد أحد فسيلة فليزرعها ” لافتاً إلى أن المملكة العربية السعودية حرصت على بناء الإنسان وعمارة الأوطان وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة لتحقيق نهضة مستدامة تساهم في جودة الحياة وتشارك في تعزيز الجهود الدولية للحد من آثار التغير المناخي على الصعيدين الإقليمي والدولي .
وأكد على أن المملكة العربية السعودية وبفضل الله تعالى منذ انطلاق رؤية المملكة ۲۰۳۰ م اتخذت خطوات متسارعة نحو مستقبل أكثر استدامة وتبنت نهج الاقتصاد الدائري للكربون للمساهمة في معالجة الانبعاثات الكربونية بطريقة مستدامة اقتصاديا واطلقت مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر وتضمن ذلك الإعلان عن طموح المملكة طويل الأجل لتحقيق أهداف الحياد الصفري بحلول عام ٢٠٦٠ م كما أعلنت المملكة عن طموحها لتقليل انبعاثاتها الكربونية بمقدار (287) مليون طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول عام 2030م وعملت على ذلك في حزمة متوازنة من المشاريع النوعية كالطاقة المتجددة التي ستوفر ( ٥٠ ) من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام ۲۰۳۰ م وبرنامج كفاءة الطاقة وتقنيات الهيدروجين ومشاريع التقنيات النظيفة وزيادة نسبة المناطق البحرية والبرية المحمية.
كما تم الإعلان عن انضمام المملكة إلى التعهد العالمي بشأن الميثان لتقليل انبعاثات الميثان العالمية بنسبة ٣ – بحلول عام ۲۰۳۰م وأظهرت المملكة التزاما واضحا تجاه تحديات التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية على الصعيدين الإقليمي والدولي واستضافت أسبوع المناخ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام ۲۰۲۳ م وستستضيف في شهر ديسمبر المقبل المؤتمر الأول في الشرق الأوسط بشأن حماية الأراضي ومكافحة التصحر والجفاف مما يعكس الدور الكبير الذي توليه المملكة لحماية البيئة وتعزيز الجهود الدولية والمساهمة في استدامة البيئة والموارد الطبيعية للأجيال
القادمة.
ان هذه الجهود تأتي لتبرهن على السعي الحثيث للمملكة العربية السعودية لحفظ كرامة الإنسان والتي تأتي أمتثالاً لما جاء في القرآن الكريم (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) وهي منطلقات ومسؤولية دينية واجتماعية تهدف لبناء الإنسان وعمارة الأوطان والحفاظ على البيئة والحد من الكوارث البيئية وللعيش في حياة كريمة.
وفي ختام الكلمة وجه شكره وتقديره لحكومة أذربيجان راعية المؤتمر ولسماحة المفتي على حسن التنظيم والترتيب لهذا الحدث العالمي، كما دعا الله أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المرجوه وأن يكلل الجهود بالتوفيق والنجاح لخدمة شعوب العالم ومن أجل بيئة أكثر استدامة وحياة كريمة تنشدها المجتمعات العالمية.